شي إن (Shein)

في عالم التجارة الإلكترونية السريع، أصبحت شي إن (Shein) رمزاً للنجاح الخارق، حيث باعت مليارات الملابس الرخيصة لملايين العملاء حول العالم.

لكن في عام 2022، أثارت الشركة الصينية المولودة في قوانغتشو جدلاً كبيراً عندما نقلت مقر إدارتها الرئيسي من الصين إلى سنغافورة، المدينة الدولة الآسيوية اللامعة.

هذه الخطوة لم تكن مجرد تغيير عنوان؛ إنها جزء من استراتيجية طموحة للتوسع العالمي وتجنب التعقيدات التنظيمية.

ومع أنباء عن تفكير الشركة في العودة إلى الصين لتسهيل طرحها العام (IPO) في هونغ كونغ، يعود السؤال: لماذا انتقلت إدارة شي إن من الصين إلى سنغافورة أصلاً؟

ما هي شركة شي إن؟

قبل أن نغوص في أسباب الانتقال، دعنا نتذكر قصة شي إن، أُسست الشركة في 2008 في قوانغتشو بمقاطعة قوانغ دونغ، كمنصة تجارة إلكترونية تركز على الملابس السريعة الرخيصة (fast fashion)، مستوحاة من نموذج “الإنتاج حسب الطلب” الذي يسمح بتصميم وشحن الملابس في غضون أيام قليلة.

بحلول 2021، حققت إيرادات تصل إلى 30 مليار دولار، متجاوزة زارا وH&M مجتمعتين في بعض الأسواق، مع قاعدة عملاء تصل إلى 200 مليون مستخدم سنوياً، معظمهم من الشباب في أمريكا وأوروبا.

لكن النجاح جاء مع تحديات منها المنافسة الشديدة في الصين، والضغوط التنظيمية من الحكومة الصينية، وجودة منتجاتها التي عليها أسئلة كبيرة.

في أبريل 2022، انتقلت إدارة الشركة إلى سنغافورة في خطوة نوعية لكن مع الحفاظ على عملياتها الإنتاجية في الصين.

تجنب القيود الصينية والوصول إلى الأسواق الدولية

أصبحت الصين بيئة تنظيمية صارمة في 2021-2022، مع حملات الحكومة ضد الشركات التكنولوجية الكبرى مثل علي بابا وتينسنت، بسبب مخاوف من احتكار البيانات والتأثير الاجتماعي.

شي إن، التي تعتمد على بيانات ملايين المستخدمين لتحليل الاتجاهات، واجهت ضغوطاً متزايدة للامتثال لقوانين الخصوصية والأمن السيبراني الصينية، التي قد تعيق التوسع الدولي.

من جهة أخرى تواجه الشركات الصينية قيودا متزايدة بسبب الرسوم الأمريكية والتدقيق الأوروبي في المنتجات التي يتم تصنيعها في الصين.

لهذا كانت سنغافورة بديلا جيد لإدارة الشركة لأنها تقدم بيئة تنظيمية مرنة وودية للأعمال، كونها مركزاً مالياً آسيوياً، تسمح بسهولة في الوصول إلى أسواق أوروبا وأمريكا دون التعرض للقيود الصينية.

كما أنها موقع مثالي للطرح العام في بورصة سنغافورة أو لندن، حيث كانت شي إن تخطط لـIPO بقيمة 100 مليار دولار في 2022، قبل تأجيلها بسبب التوترات الجيوسياسية.

هذا الانتقال ساعد الشركة على تجنب الضرائب العالية في الصين (حوالي 25% للشركات) مقابل نظام ضريبي أكثر جاذبية في سنغافورة (17% مع إعفاءات للشركات الجديدة).

شي إن تحتاج إلى الأسواق الغربية

تأتي 80% من مبيعات شي إن من خارج الصين، خاصة أمريكا (30%) وأوروبا (40%) وهي بحاجة إلى تلك الأسواق أكثر من السوق الصينية.

لهذا يسمح نقل الإدارة إلى سنغافورة ببناء فريق تنفيذي دولي، مع توظيف خبراء من آسيا وأوروبا، مما يعزز الثقة لدى المستثمرين الغربيين الذين يخشون الارتباط بالصين بسبب التوترات التجارية مع الولايات المتحدة.

سنغافورة، مع بنيتها التحتية المتقدمة، المطارات العالمية، والقوانين الشفافة، أصبحت قاعدة لشركات مثل Grab وSea، مما يجعلها خياراً طبيعياً لشي إن لإدارة عملياتها العالمية، بما في ذلك اللوجستيات والتسويق.

الانتقال كان خطوة مالية ذكية لجذب الاستثمارات. في سنغافورة، حصلت شي إن على تمويل بقيمة 1.5 مليار دولار من مستثمرين مثل Sequoia Capital China وTiger Global في 2022، مدعوماً ببيئة استثمارية مستقرة.

كما أنها سمحت بتجنب مخاطر العقوبات الأمريكية على الشركات الصينية، خاصة مع اتهامات سابقة لشي إن بانتهاك حقوق العمال في الصين.

هذا التحول جعل الشركة تبدو أكثر “عالمية”، مما يسهل الشراكات مع علامات تجارية غربية ويفتح أبواب الـIPO في أسواق أكثر ليبرالية.