عندما سقطت القنابل في الدوحة، لم يكن الإنفجار وحده ما زعزع الناس، بل الصمت الذي سبقه، لا صفارات إنذار، لا طائرات مقاتلة مُشغّلة، لا صواريخ اعتراضية تُحلق عاليًا.
قطر التي أنفقت مليارات الدولارات على صواريخ باتريوت وأنظمة الدفاع الجوي الصاروخية (NASAMS) والطائرات المقاتلة اللامعة، بدت فجأة مكشوفة أمام الهجوم الإسرائيلي الذي استهدف مقرا لقيادات حماس.
ومنذ تلك اللحظة يطرح الناس نفس السؤال: هل قطر حقًا لم تتوقع ما سيحدث، لماذا فشلت الدفاعات القطرية في التصدي للهجوم الإسرائيلي؟
1- الطائرات الإسرائيلية الشبحية
على الورق، يُفترض أن تكون سماء الدوحة مغلقة بإحكام. صواريخ باتريوت، صواريخ ناسامس، طائرتا رافال الفرنسية. حتى الحديث عن ثاد وأنظمة الدفاع الجوي.
لكن المشكلة تكمن في أن طائرات الشبح لا تلتزم بهذه القواعد، طائرات إف-35 الإسرائيلية مصممة لتكون أشباحًا وهي نسخ متطورة ومتقدمة للغاية لا تملك أي دولة في المنطقة مثيلا لها.
تقترب من مسارات الطيران المدني، وتنخفض على ارتفاع منخفض، وتشتت إشارات الرادار كظلال في الضباب، لذا رغم امتلاك قطر رادارات مختلفة إلا أنها ليست عيونًا، إنها تغفل عن الأشياء ولعل أبرزها الأشباح.
تخيل عامل رادار قطريًا، يرتشف قهوة عربية، ويشاهد شاشة لا تُظهر شيئًا حتى بينما تشق الطائرات النفاثة طريقها في الليل.
اذن السبب الأول هو أن إسرائيل لم تلجأ إلى استخدام طائرات اف 15 أو اف 16 التي يمكن رصدها بسهولة بل لجأت إلى اقوى طائرة شبحية في العالم، اف 35 الأمريكية التي تجري عليها إسرائيل تعديلات لجعلها أقوى.
2- الفلتر الأمريكي
ثم هناك قاعدة العديد، تلك القاعدة الأمريكية العملاقة التي تُعدّ فخرًا لقطر وقيدًا لها، حيث يمر جزء كبير من صورة الرادار عبر الأنظمة الأمريكية.
الأمريكيون يرون كل شيء في الشرق الأوسط، وقد نجحوا في التصدي للهجوم الإيراني على هذه القاعدة العسكرية في قطر قبل أشهر وحولوا الصواريخ الإيرانية إلى مجرد ألعاب نارية للأطفال في سماء الدولة الخليجية الصغيرة.
لكن السؤال هو ما الذي يختارون مشاركته؟ إذا كانت واشنطن على علم بهذه الضربة، فربما لم تتلقَّ الدوحة الإنذار، أو ربما وصلتها الإشارة متأخرًا، أو ربما – وهذه هي الفكرة الأكثر قتامة التي لا يمكن للناس التخلص منها – وصلتها والتزمت الصمت.
الهجوم الإسرائيلي في نهاية المطاف لم يستهدف قادة العديد الأمريكية بل استهدف الدوحة، حيث تتواجد حماس المصنفة دوليا منظمة إرهابية.
3- السياسة القطرية البراغماتية
لنفترض أن قطر رأت الطائرات الإسرائيلية قادمة، ماذا إذن؟ إطلاق صواريخ الباتريوت على طائرات إف-35؟ هذا ليس دفاعًا، بل حربا ضد إسرائيل وضد الولايات المتحدة الأمريكية.
أحيانًا لا يكون الخيار في إمكانية الاعتراض بل في الجرأة، وعندما لا تجرؤ يصبح الموقف الرسمي: “لم نرَهم قط”.
وبناء عليه يبدو أنه من الأفضل لدولة قطر أن تقول بأن الشريك الأمريكي لم يخبرهم أبدا بهذا الهجوم ويمارسون بعض البهرجة الإعلامية والتهديدات والتلويح بالتعامل مع قوى أخرى مثل الصين، ثم بعد أن تنتهي هذه الأزمة يختفي كل ذلك وتعود قطر للإعتماد على الولايات المتحدة الأمريكية.
4- قطر باعت حماس
امتدادا للسياسة البراغماتية القطرية قد تلجأ قطر في النهاية إلى التخلص من حماس فهي تتعرض فعلا لضغوط إعلامية عالمية خصوصا من المنظمات اليهودية والصهيونية التي تعتبر قطر شريكا أساسيا في 7 أكتوبر.
ورغم ذلك لا ينبغي أن ننسى أن قطر تدعم المتطرفين حتى بداخل إسرائيل دعمت ماليا حزب الليكود الذي يقوده نتنياهو حاليا منذ 2012 مقابل وصول الأموال إلى حماس أيضا، وبالتالي هي دعمت متطرفين إسرائيليين وفلسطينيين وهي وراء أي فوضى في الشرق الأوسط إعلاميا.
لكن من الوارد جدا أن تغير الدوحة سياستها التي أزعجت جيرانها وكانت سببا في حصارها قبل سنوات قليلة، حيث يتجه الشرق الأوسط بعد القضاء على حماس والأذرع الإيرانية نحو عصر جديد سيكون قائما على السلام العربي الإسرائيلي.