حقيقة صورة الطبيب بشار الأسد في عيادته بموسكو

بعد الإطاحة بنظامه في ديسمبر 2024 وفراره إلى روسيا، أصبح بشار الأسد شخصية غامضة بعيداً عن الأضواء السياسية، لكن اسمه عاد إلى الواجهة مؤخراً مع انتشار صورة تُظهره داخل عيادة طبية في موسكو، يفحص عيون مريض باستخدام أجهزة تشخيص متخصصة، مرتدياً معطفاً أبيض يذكر بمهنته الأصلية كطبيب عيون.

هذه الصورة، التي انتشرت على وسائل التواصل في ديسمبر 2025، أثارت جدلاً واسعاً حول ما إذا كان الأسد يحاول فعلاً إعادة إحياء مسيرته الطبية التي تركها قبل أكثر من عقدين، أم أنها مجرد شائعة في سياق حياة المنفى الهادئة التي يعيشها مع عائلته.

مهنة بشار الأسد الأصلية

قبل أن يصبح رئيساً لسوريا في عام 2000 خلفاً لوالده حافظ الأسد، كان بشار الأسد طبيباً متخصصاً في طب العيون، مهنة درسها بعيداً عن أضواء السياسة.

تخرج من كلية الطب في جامعة دمشق عام 1988، ثم سافر إلى لندن للتخصص في طب العيون في مستشفى ويسترن آي هوسبيتال، حيث عمل كطبيب مقيم حتى عام 1994.

خلال إقامته في بريطانيا، عاش حياة هادئة بعيداً عن الإعلام، يركز على دراسته ويشارك في أنشطة طبية عادية، مما جعله يُعرف بـ”الدكتور بشار” بين زملائه.

بعد وفاة شقيقه الأكبر باسل في حادث سير عام 1994، عاد بشار إلى سوريا ليُعد لخلافة والده، فترك الطب تدريجياً ليدخل عالم السياسة والجيش، ومع ذلك، ظل يمارس الطب بشكل جزئي في دمشق حتى اندلاع الحرب الأهلية في 2011، حيث كان يفحص مرضى في عيادات خاصة أو يشرف على حملات طبية، مما يعكس شغفه الحقيقي بالمهنة كما يؤكد مقربون منه.

هذه الخلفية الطبية أصبحت اليوم مصدر إلهام لشائعات عودته إلى العيادة، خاصة بعد فقدانه السلطة وانتقاله إلى حياة أكثر هدوء في المنفى.

الأسد يدرس الروسية ويجدد معرفته بطب العيون في موسكو

في 15 ديسمبر 2025، نشرت صحيفة “الغارديان” البريطانية تقريراً مفصلاً عن حياة بشار الأسد وعائلته في المنفى الروسي، مستنداً إلى مصادر مقربة من العائلة ومعلومات مسربة.

التقرير، الذي كتبه مراسلون متخصصون في الشؤون الروسية والسورية، يكشف أن الأسد يعيش حياة هادئة ومترفة في موسكو، مع تركيز على تعلم اللغة الروسية وتجديد معرفته في طب العيون.

نقلت الصحيفة عن صديق للعائلة قوله: “هو يدرس الروسية ويجدد معرفته في طب العيون مرة أخرى، إنه شغف له، وبالتأكيد لا يحتاج إلى المال، حتى قبل الحرب في سوريا كان يمارس طب العيون بانتظام في دمشق”.

التقرير يشير إلى أن الأسد قد يهدف إلى ممارسة الطب بين نخبة موسكو الثرية، مستفيداً من تدريبه السابق في لندن، رغم عزلته السياسية الكاملة من قبل الكرملين، الذي يمنعه من أي نشاط إعلامي أو سياسي.

كما يذكر أن زوجته أسماء تحسنت صحتها بعد علاج تجريبي في موسكو، وأن أبناءه يعيشون حياة طبيعية نسبياً في العاصمة الروسية، مع زيارات إلى الإمارات.

هذا التقرير، الذي اعتمد على مصادر متعددة في روسيا وسوريا، أثار جدلاً واسعاً، حيث يُرى كدليل على تحول الأسد من دكتاتور إلى “دكتور” يبحث عن حياة جديدة، بعيداً عن السياسة والحرب التي دمرت بلاده.

لقطة من عيادة في موسكو تثير الشكوك

مع انتشار تقرير الغارديان، تزامن ذلك مع تداول صورة تُظهر رجلاً يشبه بشار الأسد تماماً داخل عيادة طب عيون في موسكو، مرتدياً معطفاً أبيض ويستخدم جهاز فحص عيون على مريض شاب.

الصورة، التي تُظهر خلفية ملصقات تعليمية عن العيون وأجهزة طبية حديثة، مع ستائر بنية تغطي المدخل، انتشرت بسرعة على وسائل التواصل، مصحوبة بتعليقات مثل “الأسد عاد لمهنته في موسكو” أو “من الرئاسة إلى العيادة”.

هذه اللقطة، التي تبدو عفوية وغير رسمية، عززت من مصداقية التقرير، حيث يبدو الأسد مركزاً على عمله الطبي، مما يعكس رغبته في حياة هادئة بعيداً عن السلطة.

الصورة أثارت نقاشاً حول ما إذا كان الأسد يمارس الطب فعلاً بين النخبة الروسية، أم أنه يجدد معرفته فقط كشغف شخصي، خاصة مع تقارير تشير إلى عزلته السياسية وترف حياته في حي روبليوفكا الراقي.

صورة الطبيب بشار الأسد في عيادته بموسكو

بعد التحقق الدقيق من الصورة المتداولة، باستخدام أدوات تحليل رقمي ومقارنة مع أرشيف صور الأسد، يتضح أنها مولدة بالكامل بتقنيات الذكاء الاصطناعي، وليست لقطة حقيقية من عيادة في موسكو.

علامات التزييف واضحة، بالإضافة إلى غياب أي مصدر رسمي أو إعلامي يؤكد وجودها.

تقرير الغارديان، رغم دقته في وصف حياة الأسد واهتمامه بتجديد معرفته الطبية، لا يذكر أي صورة أو عيادة محددة، بل يعتمد على مصادر شفهية، مما يجعل الصورة خدعة رقمية تهدف إلى تعزيز الشائعة بصرياً.