أزمة هوية انستقرام تحث سيطرة فيس بوك وخطر تيك توك

منذ استحواذ فيس بوك على انستقرام في عام 2012، نما التطبيق إلى ما يقدر بمليار مستخدم شهريًا، يقال إنه يولد حوالي 20 مليار دولار سنويًا من عائدات الإعلانات لكنه يعاني من أزمة هوية.

لكن هذا النمو تزامن مع فقدان مطرد للاستقلالية، حيث يجمع الخبراء على أنه أصبح تدريجياً أقل من “شركة داخل شركة” وأكثر من “قسم منتج” داخل فيس بوك.

يصف موظفين تركوا انستقرام مؤخرًا بعد سنوات من العمل في الشركة، أن العلاقة بين فيس بوك وانستقرام كانت قائمة على الحسد والغيرة، وحتى بعد استحواذ العملاق الأزرق على هذا التطبيق سعى إلى السيطرة عليه لتختفي هوية انستقرام الحقيقية.

لم يرحب الموظفون الأوائل في انستقرام بهذا التقارب القسري، لا سيما أن فيس بوك بدأ يصبح أكثر ارتباطًا بالمستخدمين الأكبر سنًا والمعلومات المضللة والتطرف عبر الإنترنت.

أما انستقرام فهي منصة لمشاركة الصور ومقاطع الفيديو وهي ترفيهية أكثر، وأقل اثارة للجدل مقارنة مع الشبكة الاجتماعية الأكبر في العالم.

ولا يريد المطورون والقائمون على التطبيقان يكون مجرد فيس بوك آخر، هذا في وقت يرمزون فيه على منافسة سناب شات وتيك توك خصوصا الأخير الذي حقق صعودا قويا في السنوات الأخيرة.

في 30 يوليو قام آدم موسيري رئيس انستقرام بالكشف عن أولوياته الفترة القادمة، وهم منشئي المحتوى والفيديو والتسوق والمراسلة.

كانت ردود الفعل سلبية على هذا الإعلان، يبدو أن هناك انفصالًا متزايدًا بين ما يريده مستخدموه وما يمنحهم التطبيق لهم.

قال أحد المستخدمين أن ما يفضله الناس في هذا التطبيق في الأصل هي الصور التي يشاركونها، فيما قال آخر أنه ينبغي على الشركة أن تحرص على وصول المنشورات إلى الأصدقاء والمتابعين عوض التلاعب بالخوارزميات واتباع نفس فلسفة فيس بوك.

وقال آخر أن انستقرام تعاني من أزمة هوية، وقريبا قد يكون من الصعب التفريق بينها وفيس بوك، وليس من المنطقي أن يكون لدى المستخدم العادي أكثر من تطبيق كلها تقدم نفس المحتوى والخدمات.

لم يكن هناك دائمًا مثل هذا التوتر بين انستقرام ومستخدميه، في عام 2010 ساعد منهج انستقرام للجوال أولاً على التميز في منافسة وسائل التواصل الاجتماعي.

حينها كان انستقرام بسيطا، حيث يمكنك من خلال هاتفك ان تلتقط الصور التي تريدها في أي مكان وتشاركها، لتظهر في الصفحة الرئيسية لدى الأصدقاء.

بل إن الصور التي تظهر في ملفك الشخصي في الصور التي قمت برفعها أنت بنفسك، حيث لا يوجد زر إعادة المشاركة وهو ما يعني أن كل حساب ستجد به المحتوى الخاص به.

اليوم انستقرام توسع إلى مجالات عديدة منها التسوق الإلكتروني، وهو جزء من استراتيجية فيس بوك للسيطرة على الشبكات الإجتماعية.

كان التطبيق مثاليا أكثر للمشاهير الذين يشاركون من خلاله الصور، لكن اليوم يمكن لأي مستخدم نشر صور ومحتوى لا يقل جودة عنهم، ورغم أنه ساعد في ظهور المزيد من المبدعين والمشاهير الفنانين، إلا أنه أشعل المنافسة وأثر ذلك سلبا خصوصا على نفسية المراهقين.

عندما استحوذت فيس بوك على انستقرام كان مجرد تطبيق صور مميز للغاية يمكنك تصفح الصور فيها والتعليق عليها والإعجاب بها، بينما كان فيس بوك ساحة للنقاشات ونشر الروابط والتدوينات ومقاطع الفيديو ويمكنك اللعب أيضا فيه.

اليوم بعد كل هذه السنوات، أصبح انستقرام مجرد فيس بوك آخر، فهو يدعم الفيديو والدردشة وأصبح مكانا للبيع والشراء، ومنصة تتواجد عليه المنصات الإخبارية.

نسخت الشركة ميزة القصص من سناب شات، وهذا لوقف نمو الأخر، وجعلت فيس بوك تطبيق انستقرام سلاحها لمواجهة سناب شات ونجحت بالفعل في الحد من نموه.

ومرة أخرى أرادت فيس بوك استخدام تطبيقها لمواجهة تيك توك، لهذا أطلقت ميزة Reels وهي مقاطع فيديو مدتها 15 ثانية يشاركها المستخدمين، وفيما يتضمن انستقرام الصور ومقاطع الفيديو القصيرة والطويلة إضافة إلى القصص والتسوق والمراسلة والبث الحي فقد أضافت إليه هذه الميزة الجديدة التي تشبه مقاطع تيك توك.

لكن ميزة Reels فشلت الآن في إيقاف نمو تيك توك الذي يتعرض لنسخ مزاياه أيضا من يوتيوب، وهناك معركة لإيقاف نمو التطبيق الصيني.

كان تقديم ميزة القصص مكسبًا للطرفين: فقد أدى إلى حل مشكلة المستخدم وتسريع نمو انستقرام، بينما أوقف أيضًا زيادة شعبية سناب شات، لكن Reels كانت مجرد حل تجاري وهو ظهور تيك توك.

تعاني اليوم انستقرام من بعض مشاكل فيس بوك، ولعل أبرزها مشكلة الخوارزمية والوصول المجاني للمنشورات، التظليل ومشاكل الأخبار المزيفة والمعلومات المظللة، إضافة إلى تقدم سن المستخدمين وعدم تفاعلهم مع المزايا الجديدة التي يتفاعل معها كثيرا المراهقين على تيك توك.