
لا تزال عملة بريكس الوهمية حاضرة بقوة في وسائل الإعلام وكذلك نظرية وفاة الدولار الأمريكي، وسط الكثير من التضخيم الإعلامي لمشروع لا يزال مرد تكهنات.
من جهته نفى بنك البريكس وجود خطط لتحدي هيمنة الدولار، فيما ترفض الصين والهند التخلي عن عملتهما لأجل عملة جديدة تشارك بها دول فاشلة مثل روسيا وجنوب أفريقيا.
إن المقترحات الملموسة حول هيكل وعمل عملة جديدة للتجارة عبر الحدود بين البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا غائبة بشكل ملحوظ في التقارير الإعلامية.
كما أنه في حال وجود هذه الخطة سيتطلب ذلك سنوات طويلة لإطلاق العملة وتبنيها على الطريقة الأوروبية، وهذا يعني أيضا اتباع سياسة نقدية واحدة والأهم أن تكون الدول التي تستخدمها لديها مواقف سياسية موحدة وهو أمر غير وارد بالنظر إلى الخلافات بين دول بريكس في قضايا كثيرة، في مقدمتها الصراع الحدودي بين الهند والصين والتنافس العسكري بينهما.
لكي نكون منصفين، فإن رد الولايات المتحدة على حرب أوكرانيا، من خلال الاستيلاء على الأصول المقومة بالدولار والتحكم في الوصول إلى النظام المالي القائم على الدولار هو الذي حفز بعض البلدان على استكشاف التمويل بغير الدولار.
على وجه التحديد، أدى الاستيلاء على نصف احتياطيات روسيا من الذهب والعملات الأجنبية البالغ 640 مليار دولار بعد غزوها لأوكرانيا إلى إعادة التفكير في بلدان مثل المملكة العربية السعودية والصين والهند وتركيا بشأن التنويع في عملات أخرى، أظهرت البيانات أن بنوكها المركزية استمرت في خفض نسبة احتياطياتها من الأصول المقومة بالدولار.
ووفقًا لبيانات من صندوق النقد الدولي، فإن حصة الدولار من الاحتياطيات الأجنبية للبنوك المركزية في الربع الأخير من عام 2022 وصلت إلى أدنى مستوى لها منذ عقدين.
ومع ذلك فإن ما يفشل الكثيرون في ملاحظته هو أن حصة الاحتياطيات المقومة بالدولار لا تزال مساوية لتلك التي كانت موجودة في التسعينيات والتي كانت بالكاد أعلى نقطة في عالم العملات متعدد الأقطاب.
خلال العام الجاري انخفض اليوان بأكثر من 4 في المئة، مع العلم أن هذه العملة غير معومة وهي تخضع لتحكم البنك المركزي الصيني الذي يعمل على دعم قيمتها من خلال بيع الدولار وشراء العملة المحلية والقيام أيضا بالعكس لمنع ارتفاع اليوان الصيني كثيرا وبالتالي تضرر الصادرات الصينية.
الانخفاض السريع الذي تعرض له اليوان أدت إلى تدخل البنوك التجارية الصينية من أجل “بيع الدولار”، وهو الأمر الذي ينطوي على دلالات سلبية غامضة حول الرغبة في امتلاك الدولار.
في الواقع، التجارة هي “توفير الدولارات للسوق” بسبب ندرة الدولار، والندرة لأن الطلب مرتفع كما كان في أي وقت مضى.
ويعني ذلك ببساطة أن الدولار لا يزال عملة الضمانات الأعلى تصنيفًا في العالم، يظل بلا بديل بالمعايير النقدية العالمية المتفق عليها في سوق الفوركس.
ورغم أن الصين ثاني أكبر اقتصاد في العالم إلا ان عملتها مقومة بأقل من قيمتها ولا تتمتع العملة الصينية بمعايير الشفافية ولفعل ذلك يجب على الحكومة تعويم عملتها وتركها للسوق ليحدد سعرها وقيمتها الحقيقية مثل الدولار واليورو والجنيه الإسترليني والين الياباني والدولار الكندي وما إلى ذلك من العملات التي لديها اليوم حصة أكبر في سوق الفوركس من العملة الصينية.
عملة بريكس هي اقتراح لإنشاء عملة مشتركة بين دول مجموعة بريكس، وهي البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا. ويهدف هذا الاقتراح إلى تعزيز التجارة والتعاون الاقتصادي بين هذه الدول، وتقليل استخدام الدولار الأمريكي في التجارة الدولية.
وقد تم تقديم فكرة عملة بريكس لأول مرة من قبل رئيس الوزراء الروسي في عام 2011، وتم تأكيدها في قمة بريكس في عام 2013. ومنذ ذلك الحين، تم تشكيل لجنة لدراسة إمكانية إنشاء عملة بريكس، وتم إجراء بعض التحركات الأولية لإنشاء العملة، مثل إنشاء بنك بريكس الذي يعمل على تمويل مشاريع التنمية في الدول الأعضاء.
ومع ذلك، فإن إنشاء عملة بريكس لا يزال مجرد اقتراح يحتاج إلى دراسة وتحليل متعمقين قبل أن يتم تنفيذه. وتواجه هذه الفكرة العديد من التحديات والمعوقات، مثل تفاوت الاقتصادات والسياسات النقدية بين الدول الأعضاء، وتأثير تقلبات أسعار الصرف على العملة المشتركة.
ويتطلب انشاء العملة المشتركة وجود سياسة نقدية موحدة لهذه الدول، وهو أمر غير ممكن بالنظر إلى ان اقتصاداتها مختلفة عن بعضها البعض كما ان السياسة النقدية سيتم ادارتها على الأرجح من الصين ما لا يعجب الهند على وجه التحديد.
لا يزال من المبكر الحديث عن وفاة الدولار الأمريكي وكل هذه الحمى التي نتابعها على وسائل الإعلام ما هي إلا عناوين جذابة لجذب الزيارات وتحقيق العائدات على حساب المغفلين كما العادة وأيضا جزء من حرب إعلامية تشنها اذرع روسيا تحديدا ضد الولايات المتحدة الأمريكية.
إقرأ أيضا:
عن الوهم الجديد: عملة البريكس الموحدة الفاشلة
رحلة انضمام مصر إلى البريكس من باب بنك التنمية الجديد
لهذه الأسباب ستنسحب الهند من مجموعة بريكس
3 أسباب وراء رفض الصين التحالف مع روسيا