بالكاد قطاع الهواتف الذكية هو واحد من القطاعات العالمية التي تعيش اليوم منافسة قاتلة ، الدخول إليه مخاطرة رغم كل الفرص و الصعود نحو الصدارة لا يمكن أن تكون رحلة شهور قليلة ..كيف لا و كل من الجالكسي و الآيفون يتحكمان بالسوق ، فبينما الأول تمكن من غزو مختلف الأسواق و نجح في استهداف كل الشرائح نجح الآيفون في غزو الأغنياء و الطبقة ذات الدخل المقبول .
الشركات الجديدة في القطاع سواء المصنعة للهواتف أو المطورة للأنظمة تستهدف اليوم كل من الهند و الصين مع صف طويل من الدول الناشئة و الفقيرة حيث الفوز بتلك الأسواق يعني بكل بساطة التربع على عرش الأكثر شهرة و قائمة الشركات التي تبيع جيدا في السوق .
لدينا في هذا الصدد مايكروسوفت المصنعة و المطورة لهواتف الويندوز فون و التي تمكنت من إختراق السوق الهندية خلال الأشهر الماضية و إثبات وجودها في الشرق الأوسط و أوروبا الشرقية ، فيما سنرى هواتف فايرفوكس تغزوا السوق الصينية و الأسيوية العام القادم بمعية أوبنتوا بينما النظام الجديد من سامسونج يحاول البدء من روسيا التي فشل فيها و يستعد للعودة من بوابة أسيا دون أن ننسى أو نتناسى إهتمام بلاكبيري بتلك الأسواق فجأة من أجل الخروج من مرحلتها المحرجة بقيادة الصيني شين .
و رغم أن الأندرويد يسيطر الأن على أكثر من 80 في المئة من السوق تقريبا و معظم الشركات على الأرض تنتج هواتف ذكية بنظام الروبوت الأخضر إلا أن جوجل المطورة له تستشعر الخطر … خطر التراجع مستقبلا إذا سبقها أحدهم نحو تلك الأسواق التي ينظر إليها الجميع باهتمام و كأنها للتو تم إكتشافها على الأرض .
هذا الإدراك المبكر لجوجل جعلها تعلن خلال شهر يونيو الماضي عن شراكة واسعة مع شركات صينية و هندية من أجل إنتاج هواتف أندرويد ضمن سلسلة جديدة تدعى Android One و ذلك لتعيد سيناريو هواتف و لوحيات نيكسس منها و هذه المرة لغاية مختلفة و هي غزو الأسواق النامية و الناشئة .
لا شك أن شركات Spice و Micromax و Karbonn الهندية و بقية الشركات الأخرى التي توجد ضمن برنامج Android One ستستفيد من هذه الصفقة التي ترى فيها تعزيزا لوجودها في أسواقها المحلية و ينظر جوجل للصفقة على أنها ضربة مبكرة و ساحقة للمنافسين في هذه الأسواق .
الأن بعد أشهر من ذلك الإعلان نجد هواتف Android One تغزو السوق الهندية بصمت و تتمدد للعديد من الدول و منها بنغلاديش و نيبال و سريلانكا دون أن ننسى توفر هاتف منها في بريطانيا لدى أمازون و هي إشارة قوية لقدومه أيضا إلى أوروبا .
و بينما الجميع تقريبا يجهل المبيعات التي تحققها هذه السلسلة في الهند تحدث لنا الرئيس التنفيذي لشركة MediaTek السيد Mohit Brushan عن مبيعات هذه السلسلة و التي تصل إلى مليوني وحدة مباعة هناك بنهاية هذا العام و هو في الحقيقة رقم جيد و السبب ببساطة هو أن سعر هذا الهاتف لا يتعدى 105 دولار .
و لا يستبعد أن يتكرر النجاح نفسه في دول نامية أخرى إنما العقبة التي تخيف جوجل هي إقبال الجماهير الهندية على العلامات التجارية الهندية و الصينية و نود في هذا الصدد الذكر بأن المبيعات التي تحققها شيومي هناك جيدة للغاية وسط طلبات أكبر من العرض بكثير .
و رغم أن هواتف تلك الشركات جلها يعمل بنظام الأندرويد إلا أن جوجل تدرك بأن العلامات التجارية الصينية في طريقها نحو تبني أنظمة تشغيل صينية مستقبلا و هو احتمال لا يمكن الهروب منه ، و ما يجعلني متأكدا من ذلك هي قصة سامسونج مع تايزن بمجرد أن وصلت للصدارة و أدركت أن جوجل حققت على حسابها الكثير حتى شرعت في تطوير نظامها الخاص تمهيدا للتخلي عن الربوت الأخضر خلال السنوات القادمة .
نفس الامر سيحدث هنا بمجرد أن تصعد الشركات الصينية نحو الصدارة هي الأخرى ستبحث عن بديل صيني للتخلي عن النظام الأمريكي و يمكننا في المسألة الصينية إدراك أبعاد إختراق جوجل لهذه الدولة عبر الهواتف الذكية العاملة بنظامها … أبعاد تصل حتى للسياسة الخارجية و الأمن القومي و مسائل ستعيق العلاقات الأمريكية – الصينية المتأزمة على أكثر من جبهة و منذ زمن طويل .
لا أستبعد أن تحقق جوجل أرقاما خيالية من مبيعات أندرويد ون ببعض الدول الأخرى و على سبيل المثال إندونسيا و الفلبين مع بنغلاديش و نيبال و سريلانكا و لما لا الأسواق الأفريقية ؟ إنما أن يحدث الأمر بالصين على الأقل لا أظن ذلك.
الإقبال هناك من الجماهير الصينية تحظى به هواتف لينوفو و شيومي مع صف من الشركات الأخرى التي تنتج هواتف بسعر 105 دولار و بمواصفات أكبر مما يقدمه Android One من جوجل و هذه حقيقة لا يمكننا تجاهلها .
هذه الشركات الصفراء فرضت نفسها في السوق المحلية و لديها القدرة على إحداث تغيير كبير في أي سوق تقوم بإقتحامه و لنا في شيومي بالهند درس كبير هذه الأيام .
نهاية المقال :
ليس كل جهاز يحمل شعار جوجل سينجح ، الشركات الامريكية تعاني مع سلسلة نيكسس في منافسة الكبار و رغم أنها حققت تقدما نوعيا مع Android One بالهند إلا انه لا يعني أن مشروعها الجديد سيعيد النجاح نفسه في سوق أخرى و بالكاد في سوق التنين الأصفر … أراهن على أن جوجل ستفشل هناك مع هواتفها الرخيصة !