مع بدء تداول اليوان الرقمي في الصين دخل العالم مرحلة جديدة وهي مرحلة إصدار البنوك المركزية للنقود الرقمية والتخلص من الأوراق النقدية والعملات المعدنية كتطور طبيعي سرعته أزمة كورونا في تاريخ النقود.
لكن بعض المحللين السياسيين اعتبروا ذلك بمثابة إشارة إلى نهاية عصر الدولار الأمريكي، فيما استغل بعض كارهي العملات الرقمية المناسبة للقول أنها بداية نهاية بيتكوين.
في هذا المقال نركز على سؤال مهم ألا وهو هل سيقضي اليوان الرقمي على الدولار الأمريكي؟ ولنجيب عن هذا السؤال هناك أسئلة فرعية لابد من الإجابة عنها أولا.
ما هو اليوان الرقمي؟
اليوان الرقمي هي عملة افتراضية رقمية، تحتفظ بها في محفظتك الرقمية وتستخدمها في المعاملات المالية عبر الموبايل أو أي جهاز متصل بالإنترنت.
حاليا هذه العملة متوفرة فقط للصينيين، وهم يستخدمون في الواقع المعاملات المالية الرقمية أكثر من المعاملات العادية منذ سنوات عديدة خصوصا في المدن.
اليوم هذه الخطوة طبيعية، يمكن للمواطن الصيني استخدام اليوان الرقمي من التطبيقات المالية على أجهزته، وتبقى العملة تحث اشراف الدولة الصينية.
حاليا لا تزال العملة تخضع للتجارب ويتم توفيره لأعداد متزايدة من الناس هناك، وهي خاضعة لبنك الشعب الصيني أو البنك المركزي.
صممت العملة بالفعل لتتبع معاملات الأشخاص والمواطنين، لذا فهي مختلفة تماما عن بيتكوين والعملات الرقمية المشفرة التي تبقي هوية المتعامل غير معروفة.
ببساطة ما هو إلا نسخة رقمية من اليوان الورقي والنقدي، ولن يكون له قيمة منفصلة عن اليوان الذي نعرفه.
اليوان على خريطة احتياطيات النقد الأجنبي العالمية:
تشكل العملة الصينية أكثر بقليل من 2٪ من احتياطيات النقد الأجنبي العالمية وهي لا تزال أصغر مقارنة بالدولار الأمريكي الذي يسيطر على 60 في المئة من الإحتياطيات الدولية، ويأتي بعده اليورو ثم الين الياباني ثم الجنيه الإسترليني.
كان الدولار الأمريكي ولا يزال هو العملة الاحتياطية في العالم منذ نهاية الحرب العالمية الثانية تقريبًا عندما حل محل الجنيه الإسترليني (GBP).
كواحد من الإقتصادات القليلة المتقدمة في نصف الكرة الشمالي التي لم تمتص أضرار الحرب التي لحقت بالبنية التحتية للمصنع والمعدات، ومع نظام سياسي لم يكن خائفًا من اضطرابات ما بعد الحرب للشيوعية والاشتراكية التي اجتاحت أو هددت الكثير من في عالم ما بعد الحرب، كانت الولايات المتحدة هي القوة المالية المهيمنة في العالم و”الملاذ الآمن” للعودة إلى اقتصاد رأسمالي عالمي مزدهر.
تم تعزيز هذه المكانة بشكل أكبر عندما أصبحت أمريكا ممول الإنتعاش الإقتصادي الأوروبي والآسيوي بعد الحرب في إطار خطة مارشال، والتي حولت الدولار الأمريكي لاستعادة البلدان التي دمرتها الحرب حتى تتمكن بدورها من إعادتها إلى الشركات الأمريكية لإعادة بناء البنية التحتية والمصانع والمنازل وشراء المواد الغذائية والمستلزمات الطبية والسيارات وما إلى ذلك.
هل يقضي اليوان الرقمي على الدولار الأمريكي أو اليورو؟
في ثلاثة أرباع القرن منذ نهاية الحرب، استمرت الأسواق الأمريكية الكبيرة والمنظمة والشفافة في الغالب، جنبًا إلى جنب مع أسواق النفط التي يتم تسعيرها بالدولار الأمريكي في الغالب في جعل الدولار الأمريكي يحتفظ بأغلبية الإحتياطيات الرئيسية لمعظم العملات الأجنبية المركزية والعملات الأجنبية للبنوك.
لكن مكانة الدولار الأمريكي كعملة للتجارة العالمية كانت موضع خلاف، حيث أخذ اليورو حجم تداول متزايد بالدولار الأمريكي وحتى أنه تفوق على الدولار الأمريكي في أكتوبر الماضي للمرة الأولى منذ عام 2013.
ورغم أن الصين هي الأكبر على مستوى التجارة في العالم، إلا أن معظم المعاملات يتم تسويتها بالدولار، وهذا ما يجعل اليوان أقل أهمية وأقل تهديدا للدولار أو اليورو.
لكن اليوان الرقمي يمكن أن يكون جزءا من خطة طويلة الأمد تنتهجها بكين لبناء نظام مالي عالمي جديد تتحكم به ويخضع لقوانينها وما تراه هي صائبة.
يمكن لاحقا أن تستخدم اليوان الرقمي لإرسال المساعدات المالية للدول التي تعاقبها الولايات المتحدة أو خصوم واشنطن ممن يعاني من كوارث كبرى وبالتالي اكتسابهم إلى صفها.
لقد حاولت فعل ذلك كثيرا في أزمة كورونا من خلال إرسال الكمامات إلى إيطاليا وتركيا وعدد من الدول، وحاليا تفعل ذلك من خلال ارسال كميات من اللقاح مجانا إلى هدد من الدول الضعيفة.
ويمكن لنظام اليوان الصيني أن يسرع من مشاريع طريق الحرير الجديد وتنفيذ أعمال تجارية وشراكات ومشاريع كبرى خارج مظلة النظام العالمي.
إقرأ أيضا:
مشروع العملة الرقمية الصينية وبداية نهاية اليوان الورقي
كيف تستخدم بكين اليوان الصيني في الحرب التجارية ضد أمريكا؟
دونالد ترامب ورغبته في دولار ضعيف ينافس اليوان الصيني والين الياباني