مع طرح البنوك المصرية مؤخرا شهادات ادخار بنسبة فائدة أعلى تصل إلى 27% عاد إلى الواجهة سؤال في غاية الأهمية وهو هل سيتم تعويم الجنيه المصري مرة أخرى؟
وقد حصدت البنوك حتى الآن أكثر من 45 مليار جنيه من خلال شهادات الإدخار التي لجأ إليها المواطنون من اجل حفظ أموالهم والحصول على عائد محترم رغم أن التضخم الحقيقي أعلى من الفائدة التي سيحصلون عليها.
هل يمكن للبنوك طرح شهادات ادخار بنسبة جيدة قبل تعويم العملة؟
من الممكن أن تطرح البنوك شهادات ادخار بنسبة جيدة قبل تعويم العملة، ولكن العائدات المحتملة على هذه الشهادات يتوقف على العوامل المتعددة، بما في ذلك سياسة البنك المركزي ومعدلات الفائدة الحالية والتوقعات المستقبلية للاقتصاد والتضخم.
في المرات الماضية التي طرحت البنوك المصرية وفي مقدمتها الحكومية شهادات الإدخار، تبعها بأيام أو حتى أسابيع موجة تعويم وانخفاض العملة المصرية.
عادة كقاعدة إذا كانت العملة لم تتعرض لعملية تعويم أو تدهور كبير في القيمة، فإن البنوك قد تكون قادرة على طرح شهادات ادخار بنسبة جيدة بناءً على معدلات الفائدة الحالية المتاحة في السوق، ومع ذلك، يجب ملاحظة أن البنوك قد تكون حذرة في تحديد نسبة الفائدة على الشهادات الادخارية، حيث يمكن أن تؤثر التوقعات الاقتصادية والمالية المستقبلية على هذه القرارات.
في مصر تتدهور القيمة الحقيقية للجنيه المصري، ونسب الفائدة هي أقل من معدلات التضخم التي وصلت إلى 35.9% خلال ديسمبر 2023.
اجتماع صندوق النقد الدولي في غاية الأهمية
تبحث مصر في الوقت الحالي عن إعادة التفاوض حول قرض صندوق النقد الدولي ولهذا لجأت إلى الولايات المتحدة الأمريكية لزيادة قيمة القرض البالغ 3 مليارات دولار.
تحتاج القاهرة إلى مبلغ أكبر من هذا بكثير من أجل إعادة التوازن، لكن صندوق النقد الدولي قدم 3 مليارات دولار تمنع للقاهرة على أقساط فيما شركائه الخليجيين والمستثمرين سيستثمرون المليارات من الدولارات في مصر بعد تعويم الجنيه بشكل كامل.
يتراوح سعر الدولار أمام الجنيه في البنوك المحلية بين 30.75 و 30.85 جنيه داخل البنوك الحكومية، فيما تعدى الخمسين جنيها في السوق السوداء ويحتاج البنك المركزي المصري إلى تقليل الفارق بين السعر الرسمي وسعر السوق.
تأمل مصر في الحصول على قرض أكبر فيما يؤكد صندوق النقد الدولي على ضرورة تنفيذ التعويم كي تتحرك قيمة الجنيه بناء على حركة السوق كما هو الحال مع العملات الموثوقة مثل الدولار والين الياباني واليورو وما إلى ذلك من العملات العالمية.
مهما سيحدث لا مفر من تعويم الجنيه المصري
كي تتحقق الإصلاحات المالية في مصر يجب الإنتقال إلى سعر الصرف المرن، وهو أحد أنظمة سعر الصرف التي تمكن القوى السوقية من تحديد قيمة العملة مقابل العملات الأخرى بشكل طبيعي وبناءً على قوى العرض والطلب.
سعر الصرف المرن سيسمح بتعزيز التنافسية في الإقتصاد المصري من خلال زيادة الصادرات وجذب الإستثمارات والمصانع التي ستصنع في مصر، عندما يتعافى سعر الصرف بشكل طبيعي، يمكن للعملة أن تتناسب مع قوة الإقتصاد ومستوى الأسعار في البلد، وهذا يساعد الشركات المحلية على تحسين تنافسيتها على المستوى الدولي وزيادة صادراتها.
ومن جهة أخرى فإن هذا النظام المطلوب يوفر للبنك المركزي التركيز على أمور أخرى وتجنب حرق الإحتياطي النقدي في حماية العملة المحلية وبالتالي القدرة على توفير الدولار الأمريكي للمستوردين وتعافي الإحتياطي وارتفاع الجنيه المصري مجددا.
هذا النظام يسمح للبنك المركزي بالحفاظ على استقلاليته النقدية، وبدلاً من الضغوط السياسية أو الإقتصادية للحفاظ على سعر صرف ثابت، يمكن للبنك المركزي أن يركز على تحقيق الإستقرار النقدي ومكافحة التضخم دون التدخل المفرط في سوق الصرف.
لغز التوقيت يحتاج إلى حل
بعد فوز الرئيس عبد الفتاح السيسي بولاية ثالثة في مصر تتجه الأنظار إلى العملة المصرية التي تحتاج إلى إصلاحات عاجلة وإلى عملية التعويم التي تعد ركن أساسي من أركان عملية الإصلاح.
وبينما نعرف الآن جواب السؤال “هل سيتم تعويم الجنيه المصري مرة أخرى؟” فإن السؤال الأهم هو متى سيحصل التعويم؟ وهل سيكون على شكل مراحل أو هذه المرة سيكون كامل وفي مرة واحدة؟
من الواضح أن فكرة التعويم الجزئي لا تصلح مشكلة العملة المصرية لهذا يعمل البنك المركزي على زيادة الإحتياطي الأجنبي وتوفير الظروف ليرفع يده نهائيا على الجنيه المصري.
إقرأ أيضا:
استئناف تعويم الجنيه المصري بداية عام 2024
هل هناك تعويم قادم بعد فوز السيسي بولاية 2024-2030؟
تأثير حرب غزة على سعر الدولار مقابل الجنيه في السوق السوداء
استئناف تعويم الجنيه المصري بداية عام 2024
هل تنتهي أزمة الجنيه المصري بعد انضمام مصر لمجموعة بريكس؟
لماذا يتزايد أعلى عائد على شهادات الادخار في مصر؟