ربما لا تسمع كثيرا عن موريتانيا لكن البلد الذي حصل على استقلاله عن فرنسا عام 1960، يتحول إلى بلد استراتيجي مهم للغاية في المنطقة ويتمتع بعلاقة جيدة مع جيرانه المغرب والجزائر والسنغال.
وفي الواقع قد يتحول هذا البلد إلى أغنى دولة في شمال أفريقيا من حيث دخل الفرد كما هو الحال بالنسبة لقطر في الخليج العربي.
القواسم المشتركة بين موريتانيا وقطر
كلا البلدين ذات طبيعة صحراوية في الأصل، وكلا الشعبين مهتم بالشعر والثقافة، ومن أقل الشعوب من حيث العدد والكثافة السكانية عربيا.
ورغم أن مساحة موريتانيا كبيرة وواضحة في شمال أفريقيا، إلا أن أغلب أراضيها مجرد صحراء لا مدن فيها، ويتواجد أغلب العمران والحضارة على الأطلسي ونحو الجنوب على ضفاف نهر السنغال المهم.
لكن أيضا تمتلك موريتانيا ثالث أكبر احتياطي غاز في أفريقيا والذي تم اكتشافه حديثا خصوصا على الحدود البحرية السنغالية الموريتانية.
وهي بامتلاكها تبلغ 100 تريليون قدم مكعب من الغاز تأتي في المرتبة الثالثة بعد نيجيريا (207 تريليون قدم مكعب) والجزائر (159 تريليون قدم مكعب).
ومن جهة أخرى تتمتع موريتانيا باستقرار سياسي وأمني يضمن لها الإستفادة من أي جهود تنموية حتى الآن، وإن كانت قد شهدت انقلابات عديدة في تاريخها.
أهمية موريتانيا وموقعها الإستراتيجي
تعد موريتانيا أيضا طريقا لأنبوب الغاز النيجيري المغربي الذي ستستفيد منه من خلال تصدير غازها مباشرة إلى المغرب وأوروبا، ومن جهة أخرى فهي أيضا طريق لتجارة أوروبا مع غرب أفريقيا والتي يعد المغرب بوابتها.
مئات الشاحنات المغربية التي تنقل السلع من المغرب إلى غرب أفريقيا تمر عبر موريتانيا التي تعد طريقا مهمة لهذه التجارة الدولية المتنامية.
ومن جهة أخرى اعتبر الناتو موريتانيا ضمن الدول المهمة له إلى جانب المغرب وتونس في المنطقة، وقد أعلن عن ذلك في اجتماع له منذ عدة أشهر.
ولا ننسى أن موريتانيا يمكنها أن تكون ساحة للإستثمار في الطاقة المتجددة خصوصا انتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية وتحقيق الربط الكهربائي من خلالها مع المغرب والجزائر وتصدير الطاقة الكهربائية إلى أوروبا التي تريد الإنتقال إلى الطاقة النظيفة مستقبلا.
كما أن موريتانيا مهمة للغاية بالنسبة لجيرانها، خصوصا المغرب والجزائر والسنغال وذلك بطرق مختلفة ومتعددة وفي مجالات عديدة.
ثورة الغاز والتنمية الاقتصادية في موريتانيا
الوضع الحالي في موريتانيا أشبه بما كان عليه الوضع في دول الخليج العربي قبل اكتشاف النفط، فعدد سكان موريتانيا يبلغ نحو 4.6 ملايين نسمة ثلثهم فقراء، ما يجعل عدد سكانها مطابقا تقريبا لدولة الكويت.
وفتحت بريطانيا سفارة لها في نواكشط عام 2018، ومنذ ذلك تزايدت أهميتها واستقطبت أنظار المحللين والخبراء الذين يترقبون ثورة الغاز والتنمية الاقتصادية.
مع بدء استخراج الغاز وبدء الرحلة عام 2023، قد يتحسن الوضع كثيرا بالنسبة للشعب الموريتاني، مع توقعاتنا على أن يكون القطاع العام هو السائد والتوظيف في قطاع الطاقة هو الأساسي بهذا البلد العربي.
لكن ينبغي ان تستغل موريتانيا الزخم المنتظر من أجل الإستثمار في الطاقات المتجددة لتكون دولة مهمة في المستقبل وليس على المدى القصير فحسب وإلا ستكون مجرد صحوة تعقبها انتكاسة.
يفوق احتياطي الغاز الموريتاني نظيره الليبي (نحو 55 تريليون قدم مكعب) وحتى المصري (63 تريليون قدم مكعب) وهو مهم للغاية بالنسبة للقارة الأوروبية وللجار المغربي تحديدا.
وبدأت العديد من الشركات البريطانية والأمريكية عملياتها في موريتانيا في الأشهر الأخيرة، وهذا بعد أن تم تأكيد اكتشاف احتياطات مهمة من الغاز وأغلبه في السواحل وهو ما يذكر بالتجربة القطرية في هذا الصدد التي اعتمدت على التكنولوجيا الغربية.
الرحلة إلى موريتانيا الغنية
لن تكون الرحلة سهلة بالنسبة لبلد يعاني من الأمية (52 بالمئة) والفقر (31 بالمئة)، لذا فإن الكثير من الأموال التي ستربحها الحكومة والشركات يجب استثمارها في المجتمع الموريتاني المحلي وهذا يتطلب الوقت والصبر.
كما أن أسعار الغاز يجب أن تظل في مستويات مقبولة وإلا فإن أي انهيار لها سيتطلب من موريتانيا مضاعفة انتاجها كي تحقق أرباحا ضخمة.
جزء من التنمية يجب أن تركز على بناء الطرقات الرابطة بين الشمال والجنوب والبنية التحتية التي تجعل الصادرات المغربية والأوروبية تصل بشكل أسرع إلى الأسواق في غرب أفريقيا.
من المرجح في البداية أن تصدر موريتانيا الغاز مسالا إلا أوروبا عبر السفن، وبعد تشييد مشاريع أنابيب الغاز في المنطقة ستصدر ما لديها عبر المغرب، وهناك أيضا اتفاق مع الجزائر لبناء خط من موريتانيا إلى جارتها الشرقية.
وفي ذات الوقت تتطلب هذه الرحلة مكافحة الفساد والمحسوبية وأن تعمل الحكومة لمصلحة الشعب ليظل البلد مستقرا ومتماسكا وينتقل لمستويات أفضل من المعيشة.
إقرأ أيضا:
شراكة السنغال وموريتانيا والمغرب لتصدير الغاز إلى أوروبا
الإستثمار في موريتانيا 2023: دولة مصدرة للغاز غنية
فوائد التنمية في صحراء المغرب لدولة موريتانيا
قائمة الدول العربية التي تعاني من الفقر المائي
