مع صعود العملات الرقمية ووصول قيمتها السوقية إلى 123 مليار دولار تقريبا موزعة على 843 عملة رقمية ولدى بيتكوين حصة الأسد بنسبة 45.3% تليها الاثريوم ثم الريبل ثم بقية العملات المنافسة، يتساءل الناس عن تأثير الأزمة المالية القادمة على هذا المجال.
ومن المعروف أن الأزمة المالية تاريخيا تستهدف أسواق المال ونتحدث عن الأسهم والعملات وسندات الديون وصناديق الإستثمار.
هذا الرباعي عادة ما يتضرر أولا مع سحب المستثمرين أموالهم ليعملوا على تخزينها في الذهب والفضة والحفاظ على ثرواتهم من الضياع.
بعدها تتوسع الأزمة من النظام المالي إلى النظام الإقتصادي حيث تقلل الشركات من الإنفاق وتشطب استثماراتها الغير الضرورية وتسرح الموظفين وتخفض الأجور، ما ينعكس سلبا على القدرة الشرائية لتنتشر البطالة ويحدث حالة من الركود للتجارة العالمية.
المستثمرين في الذهب والفضة هم أكبر الرابحين في الأزمات المالية، وهي فرصة ذهبية لمن يرغبون في شراء أسهم رخيصة لشركات ستستمر وستعود بقوة بعد سنوات من الأزمة، مع أن هذه الطريقة جيدة فبها مخاطرة كبيرة.
هل ستكون العملات الرقمية ضمن الأصول والمجالات الاستثمارية التي تتضرر في حضرة الأزمة؟ ام ستكون ملاذا آمنا ينافس الذهب في الأيام العصيبة؟
-
لم يتم اختبار قوة العملات الرقمية في الأزمات المالية العالمية بعد
تم إصدار بيتكوين أول عملة رقمية يناير 2009 وقد اندلعت حينها الازمة المالية الأخيرة والتي وصلت في تلك الأيام إلى الذروة.
كان واحدا من ابرز أسباب إطلاقها هو تعويض العملات النقدية التي لا تحتفظ بقيمتها في الأزمات، ولما لا نرى نظاما اقتصاديا رقميا مبنيا على العملات الرقمية؟ إنه حديث العالم في الوقت الحالي خصوصا وأنه هناك ادراك بأن الدولار سينهار يوما ما والنظام المالي العالمي بهذا الشكل لن يستمر، وأن الصين لن ترضى بالبقاء في ظل العملة الخضراء وليقلب اليوان الصيني الطاولة على هيمنة الدولار لا يلزم للصين السيطرة على التجارة العالمية كما تفعل الآن فقط ولكن أيضا تغيير النظام المالي المصمم لتكون أمريكا حاكمته الأبدية.
ولادة العملات الرقمية في أيام ذروة أزمة 2008 ليس اختبارا لها، كما ان سعر بيتكوين حينها لا يتعدى بضعة سنتات والعملة كانت مجهولة وغير معروفة كما الآن.
لكن هذه العملات عاشت العديد من الأزمات منها انهيار بيتكوين من 1200 دولار إلى 250 دولار تقريبا مستمرا على ذلك لأشهر قبل أن يصعد بقوة منذ وصول دونالد ترامب إلى سدة الحكم في أمريكا، مدعوما بإقبال الصينيين على العملة الرقمية وتساهل اليابان وكوريا الجنوبية معها.
-
بيتكوين أغلى من الذهب لكن هذا الأخير هو الأفضل
لا يمكن قياس نجاح سهم معين أو سلعة أو أصول بسعرها، بل بقدرتها على تخزين القيمة فعلا وعدم خسارتها أثناء هبوب رياح الأزمات المالية.
رأينا بيتكوين يخسر قيمته بسرعة وكذلك بالنسبة لبقية العملات الرقمية، هناك العديد من القصص التي تؤكد أن قيمتها غير مستقرة وخسارة الأموال فيها سهل وسريع ومؤلم.
الخبير Brian Stutland المساهم في CNBC Futures Now يؤمن بأن الذهب يظل افضل من بيتكوين فنيا وأساسيا.
زميله Bob Iaccino يدعم رأيه ويضيف أنه لا يعتقد أن بيتكوين والعملات الرقمية تحتفظ فعلا بقيمتها كالذهب، بل إن بيتكوين يمكن أن تخسر سيطرتها لعملات أخرى رقمية أفضل للمستثمرين.
بيتكوين يمكن أن تصل إلى 5000 دولار قريبا وقد تقفز حتى 10000 دولار كما تؤكد التوقعات، لكنها ليست في مأمن من ضربات الأزمات القاتلة.
-
على اثر تراجع البورصات العالمية تراجعت بيتكوين وارتفع الذهب
أمس الأربعاء كان عصيبا لأسواق المال العالمية على اثر التهديدات المتبادلة بين كوريا الشمالية والولايات المتحدة الأمريكية والتلويح بحرب عسكرية وشيكة، وقد انتهى الهدوء الذي يميز في العادة أسواق المال الصيف لكنه شيء طبيعي بالنسبة لشهر اغسطس السيء عادة للأسهم.
فيما تراجعت الأسهم العالمية لاحظنا تراجع بيتكوين والعملات الرقمية هذا في وقت تمكن الذهب من الإرتفاع بنسبة 1 في المئة امس الأربعاء.
ما حدث أمس يعطينا فكرة على ما سيحدث للعملات الرقمية مع اندلاع أزمة مالية جديدة، وهي خسارة بعض قيمتها أو التراجع للخلف كثيرا، والمؤكد أن الذهب هو الوحيد بمعية الفضة اللذان يحلقان في سماء الأزمات المالية، بينما بقية الأصول تسقط وتغرق، ورغم الجواب الذي حصلت عليه بشكل غير مباشر فهو غير مؤكد ويجعلني أنتظر الأزمة القادمة لتجيبني على هذا السؤال المهم، حينها لن يكون هناك أي مجال للجدل والنظريات المتضاربة، فكلام الأزمات أفعال حقيقية لا تقبل الشك أو التكذيب بل فقط التأمل والتعلم.