يجد قادة مصر والأردن ودول عربية أخرى أنفسهم في ورطة بسبب إصرار دونالد ترامب على خطته لغزة التي لم يكن ليقترحها أبدا لولا هجوم 7 أكتوبر الذي يباركه الأغبياء.
وضع سيء تواجهه الحكومات العربية التي تعرف أن الشعوب العربية مغيبة تماما وتعتقد أن القضية الفلسطينية مصيرية ومهمة لهم بينما أضرارها أكبر من أي مكاسب منها.
قلبت إسرائيل كما عادتها الهجوم الخطير على مواطنيها إلى مكاسب كبرى، حيث نجحوا في ضرب حزب الله اللبناني وحماس واسقاط بشار الأسد وابتعد الخطر الإيراني كثيرا.
لكن على ما يبدو أن تل أبيب تريد أكثر مما حققته، حيث فقدت الثقة تماما في غزة بقاداتها وسكانها وتريد تهجيرهم إلى دول أخرى، وهذه من تداعيات 7 أكتوبر المباركة.
بالنسبة للرئيس الأمريكي دونالد ترامب فهو مصر على خطته في غزة وهي خطة حقيقية وليست مجرد استفزازات إعلامية أو ارتجال كما يتوهم المحللين العرب.
ما بعد 7 أكتوبر ليس كما قبله فعلا، حيث تمت تصفية الدولة الفلسطينية من خلال هجوم غير محسوب العواقب، أراد منه قادة حماس إيقاف التطبيع الإسرائيلي السعودي وخدمة إيران.
لقد استمع ملك الأردن عبد الله للرئيس الأمريكي والمسؤولين هناك في الإدارة من المصرين على خطتهم، وأن العواقب قد تذهب فعلا إلى إيقاف المساعدات المالية والاقتصادية التي تحصل عليه بلده.
واضطر الرجل أن يلقي بالكرة في ملعب مصر والقمة العربية التي ستعقد في السعودية، والتي ينتظر أن تكون حاسمة وردا على الإدارة الأمريكية.
في حال ستوافق مصر والأردن على خطة ترامب سيكون ذلك بموافقة بقية الدول العربية والإسلامية، كي لا يتحمل البلدين عبئ هذه الخطوة الجريئة.
بالنسبة لسكان غزة تصلهم بالفعل الرسائل من الشعوب العربية وحتى الإعلام العربي الذي يدعوهم لعدم الخروج إلى أي مكان، لكن إذا فتح معبر رفح لهم وكذلك الطريق إلى الأردن حينها ستسقط الشعارات وسينزح حوالي مليوني من الساكنة إلى منطقة أفضل.
يواجه ملك الأردن حاليا هجوما إعلاميا شنيعا وقويا تقوده الأبواق الإخوانية مثل رصد ومكملين، حيث التخوين والتكفير والتشكيك في أصله بقمته.
هناك نسبة مهمة من الشعب الأردني الأصيل يدافع عن قيادته وبلده أمام هذه الهجمة الشرسة، فيما فريق آخر يهاجم القيادة الأردنية الهاشمية ومنهم جماعة الإخوان المسلمين وأبواق حركة حماس.
استخدمت تلك الجهات كل الأسلحة المتاحة لها للطعن في ملك الأردن الذي يبحث عن أفضل حل ممكن لوضعية صعبة للغاية تسببت فيها الحركة الفلسطينية.
أما في مصر فهناك جعجعة وتصعيد ضد دونالد ترامب الذي أصبح شيطانا بعد أن كان ملاكا بالنسبة لهم سيوقف حرب غزة ويخدم مصالح الدولة المصرية التي تكبدت خسائر هائلة بسبب هجمات الحوثيين على السفن التي تمر من قناة السويس.
نعم الأصوات هناك تحكمها حاليا الشعبوية، في انتظار أن نرى خطة من القاهرة ترضي جميع الأطراف، وإن كان صعبا إيقاف ترامب وخطته الجنونية.
موقف الدول العربية وخصوصا مصر والأردن والسعودية وغيرهم من الدول العربية المؤثرة صعب للغاية، حيث سيكون عليهم دفع فاتورة تكاليف حماقة 7 أكتوبر التي تعد نكبة ثانية للشعب الفلسطيني.
ولا ينوي الرئيس الأمريكي التراجع عن خطته، فيما يبدو أن القادة العرب سيقدمون مقترحا أقل تشددا من مواقفهم السابقة ويمكنهم تقديم عرض مغري للإدارة الأمريكية.
حتى الآن هناك إصرار مصري على إعادة اعمار غزة دون تهجير الفلسطينيين منها، فيما تصر حماس على أنها لن تنسحب من غزة، وتتفادى الحكومات العربية المواجهة مع الحركة الفلسطينية لأنها تحظى بإجماع شعبي.
وتخشى الحكومات العربية كما قلنا سابقا من تداعيات حرب غزة على الأمن القومي والإستقرار، حيث تواجه بالفعل خطر الثورات والإنقلابات أكثر من أي وقت مضى.
لقد أصبحت القضية الفلسطينية مشكلة كبرى للمصريين والأردنيين وبقية الجيران العرب الذين يحصدون تداعيات حرب بين شعبين جارين، والآن مع انكسار الثقة بين الفلسطينيين والإسرائيليين بسبب نكبة 7 أكتوبر وما تلاها من تقتيل وعنف، تصبح مهمة ملك الأردن وقادة العرب صعبة للغاية وحساسة.