رالي ترامب Trump Rally متواصل في أسواق المال الأمريكية والعالمية المتأثرة بها، وهذا ما يطلق على الإرتفاع القوي للأسهم والمؤشرات المالية منذ فوزه في الإنتخابات الأمريكية خلال وقت مبكر من نوفمبر 2016.
وقد وصل مؤشر داو جونز إلى مستوى قياسي لم يتوقعه حتى أكثر المتفائلين بردود فعل وول ستريت على فوزه، ونتحدث عن 20752 نقطة بعد أن وصل إلى 20000 نقطة لأول مرة في التاريخ وباستمرار هذا الإرتفاع تكبر المكاسب والقيم السوقية للشركات إلى مستويات كبيرة والهدف التالي حسب أكبر المتفائلين هو 30000 نقطة.
وليس هذا المؤشر هو الوحيد الذي وصل إلى مستويات قياسية فلدينا أيضا مؤشر S&P 500 والذي يضم الشركات المالية والبنوك الأمريكية والذي وصل إلى 2359 نقطة لأول مرة في التاريخ، وهو الذي كسب حوالي 300 نقطة منذ نوفمبر الماضي.
حتى ناسداك التقني وصل إلى 5830 نقطة وقد كسب منذ فوز ترامب 800 نقطة ووصل إلى رقم قياسي لم يسبق له الوصول إليه حتى في أوج فقاعة الدوت كوم 2000.
-
لا أساس منطقي لهذه الإرتفاعات والتفاؤل هو الذي يدفع المؤشرات للأعلى
أفضل شخصيا أن ترتفع المؤشرات بناء على بيانات اقتصادية ايجابية ونتائج ملموسة، مثل تزايد مبيعات الشركات واستمرار نجاحها فيما الشركات التي تراجعت أو التي تعيش أزمة مبيعات وعائدات من المنطقي أن تتراجع ويستمر بيع أسهمها.
لكن حينها تجد ان آبل التي تعاني من أزمة مبيعات آيفون خلال الأشهر الأخيرة وعانت في البورصة خلال 2016 لتتعافى من 105 دولار بعد الإنتخابات إلى 136 دولار رغم عدم تحسن وضعها ووجود مشكلات كبيرة لديها، يجعلك تكتشف الحقيقة المرعبة، الشركات العالمية المتأزمة تستفيد من تفاؤل المستثمرين وتتلقى الاستثمارات بينما هي في الواقع تخسر نفوذها في السوق.
وللعلم فهذه هي أعلى قيمة لسهم آبل خلال تاريخها، والسؤال الذي يجب أن نطرحه، هل آبل في أوجها الآن كي تكون أسهمها في القمة؟ هل نعيش قمة عطائها ومبيعاتها؟ الأرقام التي أصدرتها الشركة والتي أكدت أن آيباد هو الآخر تراجعت مبيعاته بشكل مخيف تؤكد العكس وعلى المستوى الابتكاري فهي متخلفة عن منافسيها للأسف.
آبل مجرد مثال وهي خير دليل على أن الشركات والمؤسسات ذات قيمة سوقية أكبر من قيمتها والمؤشرات هي الأخرى وصلت إلى مستويات جنونية، فقط لأن المستثمرين متفائلين بسياسات ترامب وإعلانه نيته تخفيض الضرائب على الشركات ومساعدتها على تحقيق أفضل النتائج الممكنة هو الذي يغدي رالي ترامب Trump Rally.
-
هذه الظاهرة سبقت كل الأزمات السابقة للأسف!
لطالما سمعنا أن التاريخ يعيد نفسه، والحقيقة أن هذا الأمر صحيح في قطاع المال والأعمال والإقتصاد مع اختلاف الأزمان والتسميات والمعطيات الأخرى.
وبالنظر إلى ما سبق أزمة 1929 وأيضا أزمة 1987 مرورا إلى أزمة 2000 نحو أزمة 2008 انتهاء بأزمة 2017 نجد أن هناك ظاهرة مشتركة بينها كلها وهي وصول المؤشرات إلى القمة والحديث عن التفاؤل القوي وتجاهل التحذيرات من إندلاع أزمة جديدة، ثم يأتي السبب الذي يكون بمثابة النقطة التي تفيض الكأس ويغرق القطيع الذين يخسرون جل استثماراتهم بين ليلة وضحاها.
طبيعي في هذا الوقت أن لا تتحدث مواقع الفوركس والتداول عن أية أزمة مقبلة إلا بعضها يشير إلى ذلك ويقدم حلولا مدفوعة، وطبيعي أن لا تجد أحد من العاملين في هذا المجال يؤمن بأننا مقبلون على أزمة مالية جديدة، هذا لأنهم غارقون في المكاسب ومغريات الاستثمار في الفقاعات وليس من مصلحتهم الحديث عن هذا الأمر أو الترويج له على نطاق واسع.
ما حدث قبل الأزمات السابقة يحدث الآن، لكن القطيع مصرون على نتائج مختلفة من نفس الخطأ ونفس الطريقة ونفس الفلسفة.
وأنا شخصيا لا أنصحك كمستثمر أن تضع بيضك كله في سلة واحدة وتخاطر بكل رأس مالك في أسواق المال العالمية وتستجيب لمغريات مواقع الفوركس والتداول، من الأفضل تنويع الاستثمارات وأن يكون جزء مهم منها في الذهب فإذا حدث الإنهيار وتضاعف سعره عوضت خسائرك في أسواق المال دون مخاطرة مؤلمة.
لكن أن تكون عنصرا من القطيع وتحتمي بهم لم يكن أبدا أسلوب الناجحين وكما قال وارن بافيت: “الأثرياء والأغنياء لا يتبعون القطيع” وأعتقد أنه في هذا الوقت بالذات وفي هذه الظروف من الأفضل أن لا تتجاهل هذه النصيحة الثمينة وتتذكر جيدا أنني أخبرتك أننا على أبواب انهيار مالي قد يكون الأسوأ في تاريخ الرأسمالية.