تمكن المغرب من انتاج 700 ألف سيارة سنويا، ولديه 251 معملا لصناعة السيارات وهي توظف أكثر من 160 ألف شخص، وقد تفوق على جنوب أفريقيا المنافس الأفريقي الأبرز.
وهذا الإنجاز الذي تم تحث الرعاية السامية لجلالة الملك واجتهاد المسؤولين المكلفين بهذه المشاريع، جاء نتيجة سنوات طويلة من العمل.
لكن لا يزال بإمكان الرباط تحقيق إنجازات أكبر في صناعة السيارات في المغرب أو حتى في صناعات أخرى مختلفة.
تطوير صناعة السيارات في المغرب
تعمل المملكة على استقطاب المزيد من المصانع من أوروبا وآسيا وأمريكا الشمالية، وهذا لإنتاج المركبات والسيارات المختلفة للأسواق الأفريقية وحتى الأسواق الأوروبية والإقليمية.
وتتوفر لدى المملكة حاليا خبرة كبرى في هذا المجال وهي التي تصنع 60 في المئة من السيارة الواحدة وتطمح لزيادة نسبة القيمة إلى 80 في المئة.
وهذا يعني أنه مستقبلا سيقلل المغرب من استيراد قطع الغيار وتصنيعها محليا هنا بمواد خام أقل يتم استيرادها، وبالتالي زيادة الربحية.
كشف المغرب العام الماضي عن نموذج محطة لشحن السيارات الكهربائية تم إنتاجها محليا، ويأمل في أن ينتج المزيد منها وكذلك التوسع إلى مختلف المركبات المتقدمة.
وتضع الرباط نصب عينيها زيادة الإنتاج بشكل مستمر وتقليل التكاليف وتوفير جودة عالية، وهي أمور تحرص عليها الشركات الفرنسية والعالمية التي تتنافس وتنقل مزيدا من مصانعها إلى المغرب.
تكرار التجربة نفسها في قطاعات متعددة
تعد صناعة السيارات من القطاعات المعقدة في الواقع ونجاح المملكة فيها يعني أنها قادرة على تكرار النجاح في مجالات أخرى عديدة.
خلال ذروة الوباء، تم إغلاق العديد من المصانع الصينية والعديد من المنتجات التي يعتمد عليها الأمريكيون وبقية المواطنون في مختلف الدول كانت غير متوفرة أو واجهت تأخيرات طويلة في التسليم، نحن نشهد هذا مرة أخرى بسبب الإغلاق في شنغهاي.
وإلى جانب ذلك هناك توتر متصاعد بين الولايات المتحدة والصين، تدفع واشنطن إلى نقل مصانعها إلى دول أخرى تتوفر بها اليد العاملة الأرخص والماهرة ولديها علاقات جيدة بأمريكا.
لقد عملت العديد من خطوط الإمداد الأمريكية الصينية لعقود من الزمن، وتبين أن العثور على بدائل للمصانع الصينية الفعالة والبنية التحتية للنقل أمر مكلف وصعب.
ومن جهة أخرى فإن غزو روسيا لأوكرانيا يعزز بالفعل فرضية نقل المصانع سواء من الصين أو روسيا إلى دول قريبة من الإتحاد الأوروبي والغرب ولديها علاقات جيدة مع الغرب.
يمكن للمغرب أن يستثمر هذا الصراع الدولي لجلب مصانع في مجالات كثيرة وتدريب اليد العاملة واستنساخ التجربة الجيدة مع صناعة السيارات، وهو ما سيوفر فرص عمل أكثر ويحول المملكة إلى قوة صناعية مهمة.
لقد أدركت الشركات العالمية إلى أنها بحاجة إلى التركيز بشكل أكبر على سياسات الشراء الخاصة بها، مع التركيز على إدارة التوريد والمشتريات الاستراتيجية والتنوع، والمرونة، وموثوقية العناصر الهامة.
ويتواجد المغرب ضمن الدول التي يمكن أن تستفيد من الصراع الدولي الحالي من خلال نقل المزيد من المصانع إليه، خصوصا إذا قدم المزيد من المغريات في تلك الصناعة كما فعل بقطاع السيارات مثل الإعفاء من الضرائب لعدة سنوات وتوفير التسهيلات وتشييد البنية التحتية التي تساعد على نقل العمال والسلع.
الصناعة وحدها لا تكفي
ولأن أوكرانيا هي مورد كبير للمواد الغذائية، لقد أوقفت الحرب صادراتها من القمح والذرة والشعير، وهي سلع أساسية للعديد من البلدان، وكميات كبيرة من الأسمدة تأتي من روسيا وبيلاروسيا.
وينتشر الألم بشكل خاص في شمال إفريقيا والشرق الأوسط (خاصة مصر)، وتزداد احتمالات الاضطرابات الاجتماعية في بلدان المنطقة.
ستمنع الحرب المزارعين الأوكرانيين من الزراعة هذا الربيع مما ينذر بزيادة أخرى في الأسعار العالمية في المستقبل، ستمتد إلى معظم أنحاء أوروبا والولايات المتحدة.
ومن المعروف أن المغرب أيضا بلد فلاحي وسياحي، وهما قطاعان مهمان للغاية، والأول سيادي ومرتبط بالأمن الغذائي وينبغي أن يكون ضمن الأولويات، ومع التطبيع مع إسرائيل وإمكانية الوصول إلى تقنيات الفلاحة المتقدمة، سيكون الوقت قد حان لترقية أساليب الزراعة والإنتاج الفلاحي في المغرب، ما سيزيد من الإنتاج بأقل تكلفة ممكنة.
ومن جهة أخرى لا يمكن للدولة وحدها أن تقضي على البطالة من خلال استقطاب المصانع أو الرهان على قطاع صناعة السيارات، من الأفضل أن تشجع المملكة أكثر الشباب على خوض غمار ريادة الأعمال والتجارة الإلكترونية من خلال إزالة العقبات ومنح القروض وتقديم إعفاءات ضريبية وتنظيم القطاع برمته.
ويعد قطاع الخدمات الأكبر في الدول المتقدمة وهو يوظف أكثر والمردود مقابل كل دولار يتم استثماره أكبر من الصناعة، لذا لا ينبغي اعمال قطاع الخدمات أو اختصاره في البنوك والمؤسسات المالية بالبلاد.
إقرأ أيضا:
محاولات تونس لاستنساخ ثورة صناعة السيارات في المغرب
أرقام مبهرة عن الإستثمار بصناعة السيارات في المغرب
تطبيقات الروبوتات في صناعة السيارات
كيف يمكن استخدام بلوك تشين في صناعة السيارات
لماذا فشلت صناعة السيارات في الجزائر ونجحت في المغرب؟