كشفت صحيفة وول ستريت جورنال أن السعودية تجري مفاوضات مع الصين لتسعير صادراتها النفطية بالعملة الصينية اليوان، ما سيؤثر سلبا على وضع الدولار في سوق الذهب الأسود.
تأتي الخطوة الواردة في ظل تصاعد الأزمة السياسية بين الرياض وواشنطن، الأخيرة التي رفعت تهمة الإرهاب عن الحوثيين وتعمل على التفاوض مع ايران من أجل رفع العقوبات عليها، إضافة إلى أن الإدارة الأمريكية لا تفضل محمد بن سلمان كولي العهد الذي سيحكم المملكة مستقبلا.
لن تبيع السعودية النفط باليوان
وعلى ما يبدو فإن المفاوضات التي تم تسليط الضوء عليها تأتي ضمن ضغط اعلامي تمارسه الرياض على واشنطن، من أجل تغيير سياستها وإعادة النظر في العديد من الملفات.
وعلى وجه الخصوص فإن الرياض ليست مسرورة بنقص دعم واشنطن للتحالف العربي الذي تقوده السعودية في اليمن، وبحسب ما ورد أيضا فهم ليسوا سعداء أيضًا بجهود إدارة بايدن للتفاوض على اتفاق نووي مع إيران.
وهناك سبب مهم يؤكد أن السعودية لن تكون قادرة على بيع النفط باليوان، وهو أن الريال السعودي مرتبط بشكل أساسي بالدولار.
البيع باليوان يعني أن الريال السعودي سيتراجع أمام الدولار وسيتضرر بشكل عام، وسيكون على الرياض تحرير عملتها وجعلها غير مرتبطة باي عملة.
الإحتياطيات النقدية للسعودية تعتمد على الدولار وتبيع النفط بالأسعار العالمية بالدولار، وهو ما يشكل احتياطاتها المهمة، لكن فعل ذلك باستخدام اليوان يجعلها تعول على عملة ليست ضمن أبرز 4 عملات نقدية في العالم.
تشير التقارير إلى أن شركة النفط الوطنية أرامكو السعودية تدرس أيضًا استخدام العقود الآجلة باليوان، في نموذج التسعير الخاص بها، ومع ذلك فإن هذا التحول من الدولار البترولي إلى اليوان من غير المرجح أن يحدث، حسبما قال مسؤول أمريكي كبير لصحيفة وول ستريت جورنال.
موقف واشنطن من المفاوضات السعودية الصينية
قالت الولايات المتحدة يوم الثلاثاء إنها لا تطلب من حلفائها وشركائها الاختيار بين الولايات المتحدة والصين عند التفاوض على اتفاقيات التجارة.
أدلى المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية نيد برايس بهذه التصريحات يوم الثلاثاء بينما كان يشير إلى المحادثات السعودية الصينية بشأن مبيعات النفط.
وقال برايس خلال مؤتمر صحفي يوم الثلاثاء “سيكون لحلفائنا وشركائنا في جميع أنحاء العالم علاقاتهم الخاصة مع جمهورية الصين الشعبية”.
مثل أي دولة أخرى فإن السعودية حرة ويمكنها تعزيز العلاقات مع أي دولة في العالم، لكن لا ينبغي أن يكون ذلك على حساب حليفتها التقليدية.
نُقل عن المسؤول الأمريكي في التقرير وصفه للمفاوضات بأنها “شديدة التقلب وعدوانية” و “غير مرجحة جدًا”.
وذكر المسؤول كذلك أن بيع النفط إلى الصين باليوان من المرجح أن يؤدي إلى ترنح الإقتصاد السعودي وتقويض التوقعات المالية للحكومة السعودية.
لا وجود للمفاوضات من الأساس
نفت مصادر مطلعة لـCNBC عربية خبر محادثات السعودية مع الصين لبيع الذهب الأسود بالعملة الصينية التي حققت اليوم ارتفاعا مهما بسبب هذه الشائعة.
وعلى ما يبدو فإن الخبر الذي نشرته الصحف الأمريكية قد أدى دوره وهو تهديد الولايات المتحدة الأمريكية بأن السعودية قد تعيد النظر في تحالفها مع واشنطن.
وتعد العلاقات المتوترة بين البلدين خسارة كبرى لهما، وضربة لتحالف دام لعقود طويلة وصداقة مميزة بين الدولتين، ويحتاج كل منهما إلى الآن للمي قدما.
وتعد الصين من أكبر الأسواق التي تصدر إليها السعودية النفط، وقد تنامت التجارة بينهما، لكن توجه الرياض إلى الإبتعاد عن واشنطن يجعلها في قلب عالم مستبد تقوده بكين.
يمهد الخلاف الحالي لصراع عالمي جديد بين الشرق والغرب المتنافسين على الزعامة، ورغم التفوق الأمريكي الأوروبي إلا أن لا شيء يدوم على طبيعته إلى الأبد.
اليوان الصيني ليس بديلا جيدا
اعتبارًا من ديسمبر 2021، كانت حصة اليوان الصيني في المدفوعات الدولية 2.7٪ فقط، خلف الدولار الأمريكي (40.5٪) واليورو (36.7٪) والجنيه الإسترليني (5.89٪) كانت حصة الروبل الروسي 0.21٪ فقط.
لا يعتبر اليوان بديلا موثوقا به، ويتم إصداره من دولة معروف عليها تحكمها في الكثير من الأمور بما فيها العملة الرسمية، كما أن لديها مشاكل مالية داخلية ومنها تراكم الديون، ويمكنها أن تتعرض لما تعرضت له اليابان في القرن الماضي.
لا يزال أمام الصين وقت كبير للحاق بالولايات المتحدة ولتصبح أكبر اقتصاد في العالم، وهي إلى يومنا هذا تعتمد على الولايات المتحدة في الكثير من الأمور المهمة.
إقرأ أيضا:
شركات النفط والغاز مثل أرامكو السعودية تزدهر في حرب أوكرانيا
توقعات أسعار النفط بعد حظر النفط الروسي وتداعياته الإقتصادية
نهاية روسيا كقوة عالمية منتجة للغاز والنفط
ارتفاع النفط يعني انتصار محمد بن سلمان حليف روسيا
أسباب ارتفاع سعر النفط إلى 150 دولار ثم انهياره