
أصبحت مايكروسوفت أكبر شركة في العالم متجاوزة شركة آبل لأول مرة منذ 8 سنوات، عندما تمكنت شركة الراحل ستيف جوبز من التفوق على الشركة التي أنقذتها ذات يوم من الإفلاس.
لكن يبدو أن التوازن قد تغير مجددا لصالح شركة بيل جيتس التي عادت بقوة خلال الأشهر الأخيرة بفضل سياسات الهندي العبقري ساتيا نادالا.
وترى وول ستريت أن مايكروسوفت أفضل من آبل في الوقت الحالي، حيث تواجه هذه الأخيرة الكثير من الإنتقادات وتتعرض لضغوطات الأزمة الناتجة عن تراجع مبيعاتها واعتمادها على رفع أسعار منتجاتها لاستمرار نمو أرباحها.
حسب استطلاع رأي شبكة CNBC الإخبارية فإن المهتمين بالأسهم والإستثمار في الشركات التقنية ينظرون إلى أن مايكروسوفت هي الأفضل حيث وصلت نسبة مؤيدي هذه الفكرة إلى 63 في المئة مقارنة مع 37 في المئة يعتقدون أن آبل هي الأفضل.
كانت قيمة آبل قد وصلت إلى 1100 مليار دولار أي 1.1 تريليون دولار قبل أن تفقد حوالي 29 في المئة من قيمتها خلال الأسابيع الأخيرة، مباشرة بعد اعلانها أنها ستحجب عدد مبيعات آيفون وأجهزتها الأخرى، وتأكد تجاوز هواوي لها في ترتيب أكبر مصنعي الهواتف الذكية.
والسؤال هو: لماذا مايكروسوفت أفضل وأكبر من آبل؟
-
وضع مايكروسوفت من سيء إلى أفضل
قبل سنوات كانت مايكروسوفت محبطة، خصوصا مع فشلها في الولوج إلى سوق الموبايل، وفشل ويندوز فون، وهي السوق التي تعد مركزية وأساسية وحاولت الشركة الدخول إليها بشتى الطرق منذ أكثر من 20 عاما أي حتى قبل ثورة آيفون و أندرويد.
جاء ساتيا نادالا وأعطى فرصة لويندوز فون، وعندما اتضح له أنه سيضيع الكثير من الوقت والمال في منافسة خاسرة وضع استراتيجية ذكية، تقوم على إصدار تطبيقات خدماتها لأجهزة أندرويد و آيفون و الإستحواذ على التطبيقات الشائعة وابتكار أخرى جديدة، والهدف هو الربح من اكتساب العملاء من منصات المنافسين ومن عرض الإعلانات وتوجيه المستخدمين إلى محرك بحث بينج.
استحوذت الشركة في عهده على شبكة لينكدإن الإجتماعية، وهي شبكة خاصة للأعمال والموظفين والمهنيين لتكشف الشركة أكثر عن اهتمامها بقطاع الأعمال وتطور أكثر ويندوز 10 وحزمة أوفيس لتبقى هي الملكة في المكاتب والشركات، وتدعم آيفون و أندرويد من خلال توفير تطبيقاتها المكتبية عليهما.
ارتفعت ايرادات لينكدإن بنسبة 33٪ في الربع الأخير من شركة مايكروسوفت فيما تعمل الشركة على دمج المزيد من الخدمات معه والترويج لتطبيق سكايب على أنه الأفضل في المكاتب.
واهتمت الشركة بخدماتها السحابية، حيث ارتفعت مبيعات Azure بنسبة 76٪ وهي منصة سحابية توفير الخدمات للشركات بمختلفة أحجامها.
استثمرت الشركة أيضا في الأمن المعلوماتي لتقديم الحلول للمؤسسات والأفراد، وفي قطاع الطاقة الشمسية وتقنية بلوك تشين والذكاء الإصطناعي والتقنيات الحديثة ومنها نظارات الواقع الإفتراضي.
تراجعت مشاكل الشركة حاليا حيث تواجه تحديات في قطاع الألعاب الذي تنافس فيه سوني، إلى جانب تراجع مبيعات الحواسيب ووضع قسم سيرفس بشكل عام.
-
وضع آبل من أفضل إلى سيء
بالإنتقال إلى آبل فإن الوضع مختلف، الشركة التي تتفاخر بجمهورها الكبير وبقدرتها على الخروج من أزمة 2015 تواجه مجدد أزمة جديدة.
يبقى آيفون هو منطلق مشاكلها، حيث اعترفت الشركة ضمنيا بأن تراجع مبيعات آيفون واقع لامحالة، وكي لا تؤلم قلوب المستثمرين قررت اخفاء أرقام المبيعات.
سياسة آبل هي رفع أسعار منتجاتها وخدماتها لتعويض تراجع المبيعات، وقد دفعت سوق الهواتف الذكية إلى الرفع من أسعار هذه الأجهزة لتتخطى 1000 دولار.
وتواجه آبل تحديات اخرى منها قلة الإبتكارات في منتجاتها وتأخرها عن المنافسين، وتوفق هواوي عليها بعد سامسونج.
التحدي الآخر هو مشاكل الولايات المتحدة مع الصين، وضغوطات ترامب عليها لنقل مصانعها إلى بلدها الأم، بينما تخشى من أن أي حركة في هذا الإتجاه سيقتل هامش الربح الممتاز لها، بل ويعطي للحزب الشيوعي في الصين الحق في حظر منتجاتها بالسوق الصينية.
-
مايكروسوفت أقوى من آبل الآن ومستقبلا
يتوقع المحللون أن تزيد مبيعات آبل بنسبة 5٪ فقط في السنة المالية الحالية، والتي تنتهي في سبتمبر المقبل ومن المتوقع أن يتباطأ نمو الإيرادات إلى 4٪ في السنة المالية 2020.
من ناحية أخرى، من المتوقع أن ترتفع مبيعات مايكروسوفت بنسبة 13٪ في السنة المالية 2019 و 11٪ أخرى في السنة المالية 2020.
مايكروسوفت هي أيضا شركة أكثر ربحية من آبل، حيث يبلغ صافي هوامش أرباح مايكروسوفت 30٪ من إجمالي المبيعات مقارنة بهامش صافي يبلغ 22.5٪ لشركة آبل.
أصبحت مايكروسوفت أكثر تنوعا من آبل، هذه الأخيرة لا تزال تعتمد بشكل أساسي على مبيعات آيفون ومع إضافة الساعات الذكية والحواسيب تشكل الأجهزة غالبية العائدات والأرباح لها.
نهاية المقال:
مايكروسوفت أكبر حجما من آبل حسب البورصة وأقوى منها بلغة الأرقام التي تحدثنا بها في هذا المقال، ومستقبلها يبدو مشرقا فيما شركة ستيف جوبز غارقة في المشاكل وتحاصرها أزمة جديدة، دعونا لا ننسى أن آبل كانت قريبة من الإفلاس ذات يوم ولولا مساعدة مايكروسوفت لكانت الآن مجرد قصة من قصص التاريخ!