
لعقود ظلت السعودية تنهج سياسة المساعدات المالية للدول العربية المتأزمة بدون شروط أو مقابل، لكن هذه السياسة تنتهي في عصر ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، ما يجعل مصر والأردن والدول المتأزمة الأخرى مثل تركيا وباكستان في ورطة.
وكان وزير المالية السعودي، محمد الجدعان، صرح يوم الأربعاء، في فعاليات دافوس، أن المملكة ستغير طريقة تقديم المساعدات المالية إلى حلفائها والدول العربية والإسلامية الصديقة لها والتي تعاني من ضائقة مالية أو انهيار اقتصادي بغض النظر عن حجم الأزمة.
نهاية عصر الشعارات الفارغة
دخلت السعودية حرب اليمن وهي حرب بالوكالة ضد حلفاء ايران في هذا البلد، ولم تجد بجانبها الدول العربية والحليفة، إلا الإمارات العربية المتحدة التي اختلفت معها في مراحل أيضا متأخرة من عمليات التحالف العربي.
اكتفت مصر وبقية الدول العربية الصديقة بإصدار بيانات تنديد بهجمات الحوثيين ضد المملكة، إضافة إلى بيانات التضامن مع المملكة دون أن يكون لذلك أي نتائج ملموسة إيجابية على أرض الواقع.
وقد أدركت السعودية أن الشعارات الفارغة لم تعد تنفع في هذا الوقت، لذا اختارت مراجعة حربها في اليمن وسياساتها في المنطقة، وهي تبحث عن السلام وتفادي الحروب.
المواطن السعودي يدفع الضرائب
قبل الإصلاحات التي بدأت في السنوات القليلة الماضية تحث اسم رؤية 2030، لم يكن المواطن السعودي يدفع أي ضرائب، وكانت أموال الدولة معظمها من النفط وموسم الحج، لكن هذا الوضع يتغير بسرعة حيث تم اعتماد ضرائب متعددة تستهدف الأفراد مثل ضريبة القيمة المضافة والضرائب على الشركات.
لذا جزء مهم من الميزانية والأموال التي تملكها المملكة تأتي حاليا من جيوب المواطنين بصورة متزايدة، ولا تريد المملكة المخاطرة بتلك الأموال واستخدامها في التبرعات والهبات المالية التي لا تعود على البلاد بأي فائدة حقيقية.
لهذا قال وزير المالية السعودي: “اعتدنا تقديم منح ومساعدات مباشرة دون شروط، ونحن نغير ذلك. نعمل مع مؤسسات متعددة الأطراف لنقول بالفعل إننا بحاجة إلى رؤية إصلاحات. نفرض ضرائب على شعبنا ونتوقع من الآخرين فعل الأمر نفسه وأن يبذلوا جهدا، نريد المساعدة لكننا نريد منكم الاضطلاع بدوركم”.
إصلاحات السعودية يجب أن تشجع الآخرين على اصلاح بلدانهم
تمر المملكة العربية السعودية من إصلاحات هي الأكبر منذ تأسيسها، تتضمن بناء مدن وتنويع الدخل وتوطين الصناعات المتقدمة والتكنولوجيا والإستثمار في الترفيه والسياحة وتصل إلى ثورة ثقافية وكذلك إصلاحات بيئة ومناخية من خلال تغيير سياسات كثيرة والتخلي عن القديم الذي لم يعد يلائم العصر الجديد.
كما أن الرياض تعمل على زيادة أهمية القطاع الخاص ويمكنها أن تعمل خصخصة أرامكو مستقبلا وطرحها كاملة في بورصات عديدة منها البورصة السعودية والبريطانية والأمريكية.
ومن جهة أخرى تخطط لخصخصة العديد من الشركات العامة من مجال الحج إلى السياحة نحو العقارات والطاقة والصناعات الغذائية والخدمات العامة.
لذا تتوقع الرياض في المقابل أن تعمل الدول العربية مثل مصر والأردن وبقية الدول الإسلامية التي تعاني اقتصاديا على تغيير سياساتها والعمل على اصلاح الأوضاع عوض العيش على المساعدات الخارجية من السعودية والولايات المتحدة والإتحاد الأوروبي والقوى الأخرى.
المساعدات المالية بمقابل وبشروط
بينما يطلب صندوق النقد الدولي من الدول التي يقدم لها القروض تنفيذ شروط من أجل زيادة العائدات والدخل وبالتالي القدرة على تسديد تلك القروض ليحصل على قرضه والربح (الفائدة) في الأجل المتفق عليه، فإن مختلف دول العالم الأخرى لا تقدم هي الأخرى مساعدات إلا في إطار محدد ولتحقيق أهداف معينة.
الإتحاد الأوروبي على سبيل المثال يمنح مساعدات مالية لكل من تركيا ومصر والمغرب والجزائر وتونس وهذا كي تمنع هذه الدول الهجرة السرية وتمول جهود القضاء على هذه الظاهرة المؤلمة للقارة العجوز، ويبحث أيضا التكتل في الإستثمار بالطاقة ومكافحة التغير المناخي بما يخدم مصالحه.
كذلك فإن السعودية هي الأخرى لديها أهداف ومصالح متعددة تبحث عنها، سواء من خلال الإستثمارات أو حتى من خلال المساعدات المالية والمنح والقروض، لذا سيكون على مصر وتركيا والأردن وباكستان وبقية الدول التي تريد مساعدات من الرياض تقديم مقابل.
إقرأ أيضا:
الكويت دولة خليجية فاشلة ومن حقها أن ترفض مساعدة مصر
سوق العقارات في دبي قوي جدا أمام مشاريع رؤية السعودية 2030
السعودية ستصبح فرنسا لجلب 100 مليون سائح سنويا
كم برميل نفط تنتج السعودية في اليوم 2023
روسيا والصين في ورطة بسبب صراع ايران ضد السعودية
هل السعودية دولة عظمى أم أن اللقب مبالغة؟
الهند والدول العربية: شراكة اقتصادية ضد الإسلام السياسي