لطالما طلبت القوى الغربية من الصين العمل على تعويم اليوان الصيني لتصبح مثل العملات الخاضعة للسوق وعلى رأسها الدولار الأمريكي واليورو والجنيه الإسترليني والين الياباني.
في المقابل لم تشرع الصين في عملية التعويم حتى الآن، وهي تربط عملتها بالدولار الأمريكي وفق سعر صرف يتحرك في نطاق ضيق.
ترفض الصين تعويم اليوان بسبب العديد من الأسباب الاقتصادية والسياسية التي تحتم عليها تثبيت قيمة اليوان، ومن بين هذه الأسباب:
دعم الصادرات الصينية
تعد الصادرات من أهم دعائم الاقتصاد الصيني، وتثبيت قيمة اليوان يعمل على الحفاظ على تنافسية الصادرات الصينية في الأسواق العالمية، حيث يمكن لتثبيت قيمة اليوان أن يجعل المنتجات الصينية أكثر تنافسية في السوق الدولية.
ويبدو أن الصين تعلم جيدا أنه عند تعويم اليوان الصيني قد ترتفع قيمته، خصوصا وأن الصادرات الصينية قوية وهناك نشاط تجاري جيد وهي صابحة ثاني أكبر اقتصاد في العالم.
بالتالي عوض أن يتحرك سعر الدولار ما بين 6 إلى 8 يوان صيني، سيصيح سعر الدولار 2 يوان وربما أقل أيضا، وهو ما لا يصب في صالح الصادرات الصينية.
أي دولة تنخفض سعر عملتها تستفيد بالفعل من ذلك في زيادة الصادرات، لكن عندما ترتفع قيمة العملة تعاني من المنافسين الآخرين وهو ما لا تريده الصين.
الإستقرار المالي والنقدي الصيني
تثبيت قيمة اليوان يساعد على الحفاظ على الاستقرار المالي في الصين، حيث يمكن لتقلبات قيمة العملة أن تؤثر على الاقتصاد الصيني بشكل كبير، وخاصة على الشركات الصينية التي تعتمد على الاستيراد والتصدير.
رغم ذلك تراجع اليوان الصيني هذا العام بأكثر من 4 في المئة، كما أنه يمر من وقت لآخر من فترات تذبذبات كبيرة، تؤرق المستثمرين وصانع القرار الصيني.
وتفضل الحكومة الصينية التحكم أكثر في اليوان الصيني، من خلال تحديد سعر الصرف مقابل الدولار الأمريكي وبالتال مقابل العملات الأخرى.
لا يوجد في الصين سعر صرف عائم تحدده قوى السوق، كما هو الحال مع معظم الاقتصادات المتقدمة التي تخضع عملاتها لقوة العرض والطلب.
السيطرة على النقد الأجنبي
تثبيت قيمة اليوان يسمح للصين بالسيطرة على النقد الأجنبي الذي يتدفق إلى البلاد، حيث يمكن لتعويم اليوان أن يؤدي إلى زيادة تدفق النقد الأجنبي إلى الصين، مما يمكن أن يؤدي إلى زيادة الضغط على الإقتصاد الصيني.
في المقابل فإن الإنتقال إلى نظام سعر الصرف الحر سيوفر انتقالا أفضل للأموال من وإلى داخل الصين، وهو ما لا تريده الحكومة التي تضع قيودا على ارسال الأموال من الصين إلى الدول الأخرى.
التلاعب بعملة الصين
وبالإضافة إلى ذلك، فإن تعويم اليوان يعد أيضًا قضية سياسية، حيث يمكن أن يؤدي إلى تقليل النفوذ الاقتصادي والسياسي للصين في العالم، وهو ما لا ترغب فيه الحكومة الصينية.
ارتفاع اليوان الصيني من شأنه أن يضر بالصادرات الصينية ومن ثم النمو الاقتصادي والنتيجة هي ارتفاع البطالة داخليا ومن ثم تراجع التأثير العالمي.
من الصعب التأكد من القيمة الحقيقية لليوان، وعلى الرغم من أن الدراسات المختلفة التي أجريت على مر السنين تشير إلى وجود نطاق واسع من التخفيضات من 3٪ إلى 50٪ فإن الاتفاق العام هو أن العملة مقومة بأقل من قيمتها الحقيقية.
من خلال الحفاظ على اليوان عند مستويات منخفضة بشكل مصطنع، تجعل الصين صادراتها أكثر قدرة على المنافسة في السوق العالمية.
تحقق الصين ذلك من خلال ربط اليوان بالدولار الأمريكي بسعر مرجعي يومي يحدده بنك الصين الشعبي (PBOC) والسماح للعملة بالتذبذب ضمن نطاق ثابت (تم تحديده عند 1٪ اعتبارًا من يناير 2014) على جانبي المعدل المرجعي.
ولأن اليوان سيرتفع بشكل كبير مقابل الدولار إذا سُمح له بالتعويم بحرية، فإن الصين تحد من صعودها بشراء الدولار وبيع اليوان. أدى هذا التراكم المستمر للدولار إلى نمو احتياطيات الصين من العملات الأجنبية.
إقرأ ايضا:
كيف تستخدم بكين اليوان الصيني في الحرب التجارية ضد أمريكا؟
هل يقضي اليوان الرقمي على الدولار الأمريكي أو اليورو؟
لماذا تعتبر الصين دولة نامية ومن الأسواق الناشئة؟
موقف روسيا بوتين والصين من غزو العراق 2003
العلاقات الهندية الأمريكية: تحالف لمواجهة الصين
