نحن الآن في ديسمبر، الشهر الأخير من 2017، العام الذي توقعت أن تندلع فيه أزمة مالية جديدة دون أن يحدث ذلك إلى الآن.
رغم المخاطر التي تهدد النظام المالي العالمي ومعه الإقتصاد العالمي، تعيش البورصات العالمية وحتى المحلية كما يحدث في مصر رخاء قل نظيره في التاريخ.
هذا الرخاء الناتج عن الاقبال على شراء الأسهم بكميات كبيرة واستثمار الأموال في البورصات والحصول على عائدات جيدة وسريعة خلال هذه الفترة.
يقترب مؤشر داو جونز الأمريكي من 25000 نقطة ولم يسبق له في الواقع أن حققها من قبل، وحتى الأرقام القياسية السابقة ابتداء من 19000 نقطة لم تتحقق سوى منذ فوز دونالد ترامب في الإنتخابات الأمريكية منذ 12 شهرا بالضبط!
أما مؤشرات البورصة المصرية فلم تصل إلى المستويات الحالية في التاريخ وتعيش الرخاء منذ الإقدام على الإصلاحات المالية ومنها تعويم الجنيه المصري، وقد ربحت البورصة المصرية في يوم واحد 12 مليار جنيه مصري لتغلق عند مستوى 789,661 مليار جنيه في ظل ارتفاع جماعي للمؤشرات والعودة لتحقيق أرقام قياسية جديدة.
لكن رغم كل هذه الأرقام القياسية التي تحققها البورصات العالمية ومنها الصينية واليابانية والكورية والأوروبية والبريطانية، إلا أنه في الواقع نحن نسير في طريق الأزمة المالية القادمة، والمزيد من العلامات تؤكد على أن اندلاعها مجرد مسألة وقت.
-
فقاعات الديون تتنامى وهي تهدد بانفجار جديد
في ظل ارتفاع البورصات العالمية تتزايد الديون هي الأخرى والتي يستخدمها الكثير من المستثمرين في شراء الأسهم والربح منها وهي مخاطرة عالية جدا ومن أسوأ السلوكيات السلبية المنتشرة في عالم الاستثمار.
من جهة اخرى تتزايد ديون بطاقات الائتمان التي تستخدمها الأسر الأمريكية في الشراء والتبضع، وقد وصلت إلى 12.96 تريليون دولار كما أعلن منذ أيام.
وخلال الربع الثالث من هذا العام أضيفت إلى ديون الأسر حوالي 116 مليار دولار أمريكي، ما يعني أن هناك تسارع لنمو فقاعة الديون هناك، هذا دون أن نتحدث عن مستوى ديون الدولة الأمريكية.
وليست أمريكا هي الوحيدة التي تعاني من مشكلة الديون، فالصين هي الأخرى تغرق في هذا الوحل وهناك احتمال كبير أن تشكل قاعدة انطلاق للأزمة المرتقبة.
تخطي مستوى الديون إلى الناتج الإجمالي المحلي 300% وتحاول الحكومة الصينية التحكم في هذه الفقاعة من خلال ضبط قواعد الاقتراض الداخلية.
-
علامات كثيرة تؤكد أن التاريخ يعيد نفسه ولو بطريقة مختلفة
ليس مستبعدا أننا نعيش حاليا ما كان العالم يعيشه عامي 2006 و 2007 قبل أن تندلع الأزمة المالية العالمية لسنة 2008.
من يدري فقد تندلع الأزمة العام القادم 2018 لكن ليس من المفترض ان تنطلق من وول ستريت بل يمكن للبورصة الصينية أن تكون منطلقا لها.
خلال الخميس الماضي تراجعت الأسهم الصينية لتعيش أسوأ يوم لها خلال 17 شهرا، وهذا كرد فعل على قرار السلطات تشديد قيود الائتمان والتضييق على الاقتراض لأجل الاستثمار.
وهناك اقبال في الصين على شراء الأسهم الصينية من خلال الاقتراض واستثمار أموال القروض في البورصة المحلية ما حولها إلى فقاعة كبيرة قابلة للانهيار.
ومن غير المستبعد أن تشكل هذه القضية نقطة محورية في تاريخ الأسهم الصينية وقد تفضي إلى اندلاع أزمة مالية عاجلة.
الأسواق الأوروبية والأمريكية والعالمية قلقة من التقارير التي تتحدث عن وضع سيء للسوق الصينية، خصوصا وأن هناك توجه للاستثمار في السندات هناك وبيع الأسهم.
من جهة أخرى اختتمت البورصة الأمريكية تداولتها الأسبوع الماضي على تراجع كبير خسارة 300 نقطة بالنسبة لمؤشر داو جونز قبل أن يقلص خسائره، وهذا على اثر اعتراف مايكل فلين، المستشار السابق للرئيس الأمريكي دونالد ترامب للأمن القومي بالكذب على مكتب التحقيقات إف بي آي بخصوص التدخل الروسي في الإنتخابات الأمريكية.
وفي حالة نجحت مساعي الإطاحة بالرئيس الأمريكي فاحتمال كبير أن تنهار البورصة كون المستثمرين يراهنون على خطة الضرائب الخاصة التي طرحها، وحتى الخطة ليس عليها توافق وهناك خبراء اقتصاديين يرون أنها ستضر بالأمريكيين والإقتصاد الوطني على المدى الطويل وهو ما يزيد من احتمالات إندلاع أزمة مالية جديدة.
نهاية المقال:
ما زلت أعتقد أن الأزمة المالية المرتقبة ستندلع في نهاية المطاف، إنها مسألة وقت والرخاء الذي تعيشه البورصات العالمية لم ولن يعميني عن الحقيقة.
إذا لم يحصل هذا فيما تبقى من هذا العام فالأزمة قادمة العام المقبل.