يعيش قطاع الموبايل على وقع انهيار شركات و علامات تجارية كانت بالأمس رائدة في هذا المجال، خصوصا مع تصدر سامسونج و آبل السوق و سيطرتها على غالبية المبيعات و صعود الشركات الصينية أمثال هواوي على حساب شركات تقليدية عالمية في السوق لعل سوني موبايل في مقدمتها.
و يعتبر العام الجديد مصيريا بالنسبة لشركات عدة منها بلاك بيري و إتش تي سي و أيضا سوني موبايل و التي أطلقت العام الماضي تشكيلة من هواتف Xperia لم تحقق نجاحات كبيرة بسبب مشاكل عدة منها الجودة و التسويق و أيضا إغراق السوق بالهواتف الراقية.
عادة ما ينظر إلي عشاق الشركة اليابانية على أنني أكن عداء خفيا لها، و أن انتقاداتي في عدد من المراجعات و منها مراجعة إكسبيريا زد 5 يترجم هذا العداء، لكن في الواقع أنا ملزم بقول الحقيقة و لطالما تمنيت أن نرى هواتف Xperia قادرة على دفع الشركة للريادة مجددا و هو ما لم يحصل إلى الآن.
ما زلت أرى أنه بإمكان سوني تغيير الوضع لصالحها رغم أن الوقت ليس في صالحها، فمنذ 2012 و مع قدوم السيد كازو هيراي لمنصب الرئيس والمدير التنفيذي و هو يعمل على إعادة هيكلة الشركة حيث تخلص من قسم الحواسيب VAIO و نجح في تحقيق نجاح كبير مع بلايستيشن حيث بيع من PlayStation 4 أكثر من 36 مليون وحدة بنهاية العام الماضي لتتفوق الشركة اليابانية في هذا المجال على منافستها الأمريكية مايكروسوفت.
و من الإنجازات التي تحسب للسيد كازو هيراي أيضا هو قيامه بفصل قسم المستشعرات في الشركة و تحويله إلى شركة مستقلة بذاتها ستعمل على تلبية الطلبات الهائلة التي تتلقاها من الشركات المنافسة على حساسات الكاميرات مع تزايد أرباح هذا القسم و الإيرادات التي يعود بها على سوني.
لكن أزمة سوني موبايل بالتوازي مع كل هذه الإنجازات التي تحققت في عهد كازو هيراي واصلت الإستمرار و تضاعف حجمها، ففيما خسرت خلال عام 2014 حوالي 1.20 مليار دولار، وصلت الخسائر إلى 1.85 مليار دولار خلال العام المنصرم، و هذا يفسر خطورة هذه الأزمة.
و فيما أكد بعض المسؤولين خطط العلامة التجارية للإنسحاب من قطاع الموبايل نهاية 2016 إذا لم تتحسن أعمالها، استبعد كازو هيراي هذه الخطوة مؤكدا على نية الشركة مواصلة العمل من خلال طرح منتجات ذات جودة عالية و التركيز على أسواق مهمة مثل الولايات المتحدة الأمريكية التي ليس لها فيها سوى 1 في المئة من الحصة السوقية و أيضا الصين التي لا تبلي فيها جيدا.
الآمال بتعافي الشركة تضاءلت و المسؤولين في الشركة يلقون اللوم على الشركات الصينية التي تنتج هواتف ذات جودة عالية و بأسعار منخفضة، فيما هواتف سوني عادة ما تكون مكلفة إلى جانب بطئ الشركة في شحنها للأسواق و ضعف التسويق.
سوني تأخرت كثيرا على عدة مستويات، منها ادخال التقنيات الجديدة إلى هواتفها الذكية، فمثلا ماسح البصمة لم نراه في هواتف الشركة إلا في عائلة إكسبيريا زد 5 التي تم إصدارها خلال سبتمبر 2015، و هذا بعد عامين من اعتماد آبل و سامسونج لهذه التقنية.
تأخرت أيضا سوني موبايل في إدراك الإقبال المتزايد على الهواتف الراقية ذات السعر المنخفض، و تجاهلت المنافسين الصينيين ظنا منها أن تأثيرهم سيكون محدودا و لن يتجاوز الحدود الصينية نحو أسواق العالم.
كما أن إصرارها على اتباع سياسة آبل في التسعير بالقيمة من خلال طرح هواتفها الراقية بسعر مرتفع، لم يجدي نفعا، فشتان ما بين آبل التي تتمتع بقيمة سوقية كبيرة و شعبية ضخمة و بين سوني العريقة التي فقدت بريقها.
محاولاتها العام المنصرم في قطاع الهواتف المتوسطة كانت خجولة، إلى حد الآن لم نرى هاتف Xperia بسعر منخفض يتراوح سعره ما بين 200 دولار و 300 دولار تركز من خلاله على الأسواق النامية، و لما لا نرى منها علامة تجارية جديدة بإسم جذاب مثل هونور من هواوي؟ هذا حل من الحلول المقترحة.
أيضا أرباحها من هواتفها الذكية تعتبر ضئيلة و هي لا تزال مصرة على تصنيع هواتفها الذكية و بالتالي تحمل التكاليف الإنتاجية، عوض العمل على التوجه للإعتماد على مصانع مثل فوكسكون في الصين و هو ما سيحسن من هامش الربحية و يقلل من الخسائر.
فيما استمرت الشركة على سياسة طرح تشكيلتين من الهواتف الراقية، الأولى في النصف الأول من العام و الثانية في النصف الآخر، و قد رأينا اكسبيريا زد 3+ / زد 4 في النصف الأول من 2015، قبل أن تخرج إلينا بعائلة إكسبيريا زد 5 في النصف الثاني من نفس السنة.
و بالطبع استمرار هذه التخبطات و المشاكل و السياسات الغير السوية نتيجتها واضحة للأسف، و هي المزيد من الخسائر و تراجع حصتها السوقية أكثر انتهاء ببيع قسم الموبايل أو الدخول في شراكة على طريقة سوني اريكسون و قد تختفي Xperia إلى الأبد.