كانت ولاية دونالد ترامب الأولى سيئة لروسيا التي تعرضت في عهده إلى أكبر عدد ممكن من العقوبات مقارنة بالرؤساء السابقين، كما أنه أغرقت سياساته العالم بالنفط وتسبب في خسائر مهولة لأوبك بلس.
هذه الحقائق يتجاهلها الإعلام بشكل واضح، خصوصا أن الكثير منه إما تابع للديمقراطيين في الولايات المتحدة الأمريكية ومن مصلحتهم اظهاره على أنه صديق روسيا.
ومن جهة أخرى هناك اعلام آخر يدافع عنه ويستخدم فزاعة دونالد ترامب لإخافة أنصار أوكرانيا في حرب الدفاع عن أوروبا ضد الغزو الروسي.
سياسات دونالد ترامب في ولايته الأولى
على الرغم من مبادراته الأولية بتحسين العلاقة الروسية الأمريكية، لم يتمكن دونالد ترامب قط من تحسين العلاقات مع روسيا بشكل كبير بسبب القيود التي فرضها الكونجرس، وبيروقراطية السياسة الخارجية، والتحقيقات الجارية في التدخل الروسي في انتخابات عام 2016.
وحافظت إدارته على موقف صارم بشأن قضايا مثل أوكرانيا مع تجنب أي تنازلات كبيرة لموسكو، وفي النهاية، انتهى الأمر بسياسة ترامب تجاه روسيا إلى كونها استمرارية أكثر من كونها تغييرًا عن عهد أوباما، مع استمرار الولايات المتحدة في النظر إلى روسيا كمنافس وخصم استراتيجي على الرغم من ميول الرئيس الشخصية.
وظلت علاقة ترامب وروسيا متوترة وعدائية طوال فترة ولايته، وكان ذلك مخيبا لآمال الروس وحلفائهم في دمشق، وكان انسحابه من الاتفاق النووي الإيراني ضربة إضافية.
فرضت إدارة ترامب عقوبات على أفراد وكيانات روسية مختلفة ردًا على تدخل روسيا في الانتخابات الرئاسية الأمريكية لعام 2016، وشمل ذلك فرض عقوبات على أفراد مرتبطين باختراق اللجنة الوطنية الديمقراطية وغيرها من الأنشطة المتعلقة بالانتخابات.
في أعقاب تسميم الجاسوس الروسي السابق سيرجي سكريبال في المملكة المتحدة، فرضت الولايات المتحدة عقوبات بموجب قانون مراقبة الأسلحة الكيميائية والبيولوجية والقضاء عليها.
تم سن الجولة الأولى من العقوبات في أغسطس 2018، والتي تضمنت طرد 60 دبلوماسيًا روسيًا وتقييد صادرات التقنيات الحساسة إلى روسيا.
تم فرض جولة ثانية من العقوبات في أغسطس 2019 بعد فشل روسيا في تقديم ضمانات بأنها لم تعد تستخدم الأسلحة الكيميائية.
دونالد ترامب سيحاول انهاء الحرب الأوكرانية ولكنه سيفشل
تم تمرير قانون مكافحة أعداء أمريكا من خلال العقوبات (CAATSA) لضمان عدم تمكن إدارة ترامب من التراجع بسهولة عن العقوبات دون موافقة الكونجرس.
وهناك اتفاق جمهوري ديمقراطي على أن روسيا من الدول المارقة التي تهدد الحضارة الغربية، وبالتالي لن يتمكن الرئيس دونالد ترامب من الذهاب بعيدا.
سيحاول دونالد ترامب انهاء الحرب الأوكرانية من خلال الإتصال مع كل من قادة روسيا وأوكرانيا، ولكنه سيواجه تمسك كل طرف بموقفه.
من الواضح أن الرئيس الروسي المنتخب ذاتيا يفضل تخلي أميركا عن أوكرانيا بدون تقديم مقابل لكييف، حيث سيطلب منها التخلي عن أراضيها وهو ما لن يرضي الغرب.
سيكون الفشل بالنسبة له إهانة وهذا سيدفعه إلى تغيير موقفه، وإلى جانب الصدام بروسيا التي لا تريد أن تتنازل عن مطالبها وتمسك الأوكرانيين بأراضيهم، سيواجه معارضة داخلية أمريكية لأي تسوية تهدد أوكرانيا وأوروبا.
تدهور العلاقات الروسية الأمريكية أكثر
سيصطدم الرئيس الأمريكي بواقع مرير في هذا الصراع، وقد يقدم عروضا مختلفة، لكن في النهاية مع صدمته سيلجأ إلى دعم أكبر لأوكرانيا بتمويل أوروبي.
هذا سيؤدي إلى تدهور العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا في ظل إدارة ترامب الثانية، وسيمرر الجمهوريون عقوبات ضد روسيا وصفقات تسليح ضخمة لأوكرانيا.
يتصرف عادة الرئيس الأمريكي السابق على نحو غير متوقع، إذ لا أحد توقع أنه سينفذ الإتفاقيات الإبراهيمية وأيضا الإنسحاب من الإتفاق النووي.
من جهة أخرى كان دونالد ترامب قد اقترح ضرب روسيا بالنووي في بداية الحرب الأوكرانية، لذا اجمالا لا يمكن للخبراء أنفسهم توقع رد فعله والذي سيكون عنيفا بعد فشل مبادرته للسلام.
زيادة انتاج النفط الأمريكي
تعد الولايات المتحدة الأمريكية أكبر منتج للنفط والغاز في عام 2023، بالرغم من ذلك يأمل دونالد ترامب في التساهل مع منتجي الوقود الأحفوري وزيادة صادرات بلاده من الذهب الأسود.
تعد هذه التطورات سلبية لسوق النفط التي تكافح حاليا ضد هبوط بدأ منذ أشهر ومن الصعب عكسه، وهذا يؤثر سلبا على عائدات النفطية وعلى رأسها روسيا التي تبيع برميل النفط بسعر أرخص من سعر السوق.
تدرك موسكو ودول أوبك بلس أن السياسات النفطية التي سينهجها دونالد ترامب ليست في صالحهم، وخلال ولايته الأولى تحولت أسعار الخام الأمريكي إلى سلبية للمرة الأولى في التاريخ وانهار برميل النفط العالمي إلى 20 دولار وأقل أيضا في التداولات.
مع استمرار العقوبات الأمريكية التي لا يمكن إلغاؤها دون صفقة يشارك فيها الديمقراطيين بالولايات المتحدة وبقرار يمرره الكونغرس الأمريكي، ستعاني روسيا في بيع النفط وستتأذى كثيرا عائداتها المالية.
إقرأ أيضا:
مخاوف ايران من ممر زنغزور الذي تدعمه روسيا والناتو
حق روسيا في أوكرانيا وحق ايران في الدول العربية
ماذا يعني اجتياح أوكرانيا لروسيا؟
لا روسيا المهزومة ولا الصين المريضة ستنفع ايران ضد اسرائيل
هزيمة روسيا بوتين في انتخابات فرنسا وبريطانيا وانتصار أوكرانيا