مرت شهرين على حذف حسابي الشخصي على فيس بوك، والذي كنت أعتبره منبرا للترويج للمقالات التي أنشرها هنا على المجلة وكذلك بعض مواقع الويب الأخرى التي أعمل فيها كاتبا ومحررا، ناهيك عن نشر وجهات نظري عن مواضيع مختلفة بما فيها التشجيع العلني لفريقي المفضل أتلتيكو مدريد والحديث عن مشكلات الإنترنت التي تقلقني، كانت أخرها انتشار الأخبار المزيفة وخطاب الكراهية على المنصة وهي السبب الأساسي في التخلص من حسابي إلى الآبد.
مرت 60 يوما الآن لم أشعر فيها بخليط المشاعر السلبية التي كانت تنتابني كلما فتحت حسابي على متصفحي من الحاسوب حيث أعمل، حزن وغضب وحالة من القلق والغليان بسبب الفوضى التي يغرق فيها فيس بوك، حتى أصبح الأمر بالنسبة لي إنذارا على أن استمرار الوضع طويلا يمكن أن ينتج عنه أمراضا لعل القولون العصبي في مقدمتها!
ولا يمكن القول أن حالة الأخبار المزيفة التي تظهر لي على الرئيسية هي وحدها السبب، فرغم أنني لا أتابع الصفحات الإخبارية السياسية تظهر لي العشرات من المنشورات السياسية، بين تلك التي علق عليها بعض أصدقائي وأخرى اكتفى الآخرون بالإعجاب بها ولا أنسى تلك التي يشاركها مختلف الأصدقاء، كان هذا مصدر قلق حقيقي بالنسبة لي وجزءا من المشكلة.
من جهة أخرى تظهر لي منشورات خطاب الكراهية ما بين المعادية للنظام المصري والمحرضة ضد المعارضة، ناهيك عن الكراهية التي يبديها بعض أصدقائي اتجاه أديان مختلفة منها الإسلام والشيعة والسنة والمسيحية واليهودية ومن يختلف معهم في المعتقدات لتشمل أيضا الملاحدة، منشورات تستهدف كافة المعتقدات وتصل إلى حد التهديد والوعيد بالقتل، وبالطبع لا ننسى منشورات تخص الصراع السوري واليمني والليبي والخلافات العميقة بين الناس في تونس والجزائر وفلسطين والعراق والخليج العربي والمغرب.
كل ما سبق ليس إلا جزء من المشكلة الكبيرة التي أعاني منها على حسابي الشخصي بهذه الشبكة الإجتماعية.
-
كل شيء شخصي في الحساب الشخصي وهذا سيء!
على الحساب الشخصي بموقع فيس بوك تعاملي مع المتابعين ليس كما هو الحال في الصفحة العامة أو بتعليقات المجلة هنا.
الإنتقادات التي أتلقاها من الصفحة العامة ومن تعليقات المجلة أرحب بها دائما ولا أشعر بأي مشاعر سلبية اتجاهها ولا أنظر إليها من الزاوية الشخصية.
التعليقات في مقالات كثيرة بالمجلة شاهدة على هذه الحقيقة، منها بعض التعليقات وصلت إلى حد السب أو الشتم والتهكم وافقت عليها وقمت بالرد عليها بصدر رحب.
لكن في المقابل تعليق بأسلوب متهكم أو مشبوه على صفحتي الشخصية يمكنها أن تشعل غضبي وتزيد من حالة التوتر السائدة منذ أشهر طويلة في علاقتي بحسابي الشخصي وفئة عريضة من أصدقائي أشعر أنني غير مرغوب بالنسبة لهم.
حتى التفاعل مع منشوراتي في حسابي الشخصي أنظر إليه من زاوية شخصية، لذا يقلقني عندما يختار أحدهم تعبير الضحك على منشور لم أقصد منه إضحاك أحد، بينما انقطاع بعض أصدقائي خصوصا المعروفين لدي بمتابعتهم القوية يشكل مصدر قلق حقيقي لي، وتنهمر علي أسئلة بمرور الوقت وتواجدهم دون التفاعل مع منشوراتي عن سلوكهم المتغير، هل نشرت مؤخرا منشورا مسيئا لهم؟ ربما وجهة نظري عن قضية معينة تكلمت عنها مؤخرا لم تعجبهم؟ للأسف لا أجد إجابة.
ودائما ما أتتبع سلوكيات المتابعين واهتمامات أصدقائي على الحساب لأغراض رفع التفاعل والحديث عن ما يهمهم، لكن غالبا ما أجد أن هناك فرقا كبيرا بين اهتماماتنا في النهاية.
-
كيف حاول أصدقائي ابتزازي والضغط علي لتغيير وجهات نظري؟
بالنسبة للمقربين إلي من أصدقائي والمتابعين ذات القيمة والأثر الكبير في حياتي، يستخدمون فيس بوك بطريقة غير معلنة لمجازاتي تارة ولمعاقبتي تارة أخرى.
فمثلا إن كانت علاقتي جيدة بشخص معين وكان هناك تواصل مستمر وعمل مشترك، لا يتوقف منه التفاعل مع منشوراتي بل يحرص على الإعجاب بكل منشور أقوم بنشره.
لكن إذا حدث خلاف ما بيننا أو لم أساعده في حل مشكلة معينة كان يعول فيها علي لمساعدته، يكون الرد هو التوقف عن الإعجاب بمنشوراتي، لا تعليقات ولا تفاعل وكأنه تجاهل تام لما أقوم به وأقدمه بشكل عام.
قد أكون شجاعا وأسأل عن المانع ليكون الرد “أنا أتابعك في صمت” – “يعجبني دائما ما تقدمه وأنا استيفد مما تقدمه لنا، استمر” وتستمر حالة المتابعة الصامتة في مقابل ذلك يمكنني بسهولة أن ألاحظ أن هؤلاء يتفاعلون مع منشورات صفحات منافسة أو مشابهة.
نفس الطريقة الإبتزازية استخدمت معي من أشخصا متابعين لا تربطني بهم علاقة وثيقة، لكن لأنني عبرت عن وجهة نظر لم توافق توجهاتهم، توقفوا عن التفاعل مع منشوراتي ربما للضغط علي للإعتذار وتغيير وجهة نظري بسلاح “اللايكات”.
-
اكتشفت الحقيقة المؤلمة للتواجد الشخصي على فيس بوك
مع مرور الوقت أصبحت أتوقع من أي شخص أن يتوقف عن متابعتي مهما كانت قيمته كبيرة بالنسبة لي، فلا أحد يبقى وهناك أشخاص اختفوا بدون سبب وآخرون قرروا حظري دون سابق انذار رغم أنه لا توجد محادثات بيننا.
اكتشفت أنه في الحساب الشخصي على فيس بوك إما أن أسير على هوى أصدقائي وأقول ما يروق لهم أو سيتوقفون عن التفاعل مع منشوراتي عندما أطرح وجهات نظر غير مرغوبة بالنسبة لهم أو يحدث خلاف شخصي معهم.
ومع هذه الحقيقة التي توصلت إليها في النهاية اكتشفت أن الإعجابات التي أتلقاها معظمها ليست تعبيرا عن الإعجاب بما أقدمه أو شكر لجهودي على تلك المقالات، بل إنها تعبير عن حالة من الرضا بمجرد أن تنتهي تختفي معها اللايكات والإعجابات، ثم يستمرون في المتابعة الصامتة تحث شعار “أنا أتابعك في صمت”.