لأن الاستثمارات الأجنبية والمحلية تجلب للإقتصاد موارد سيولة أكثر وتضيف للمجتمع المزيد من فرص العمل وتقضي على البطالة التي تهدد سلمه ووحدته، فإن المغرب يدرك جيدا أنه ليس بحاجة للمرور من الثورة وصراعات مذهبية وطائفية للوصول إلى المثالية التي تحلم بها الشعوب العربية.
المغرب كعدد كبير من الدول الأخرى يعاني على مستويات عدة خصوصا على مستوى القوانين والآليات التنظيمية في المجال الإقتصادي والتجاري، إما لعقمها وأقدميتها أو لأنها تخدم الفساد الحكومي وتزيد السلطة ثراء والشعب فقرا.
بيد أن الحق يقال والشهادة من البنك الدولي وخبراء الإقتصاد الذين ينظرون إلى أن المملكة المغربية حققت تقدما كبيرا على مستوى تحسين مناخ الأعمال وتسهيل الاستثمارات وهو ما يؤكده تقرير مجموعة البنك الدولي حول ممارسة الأعمال (Doing Business) لسنة 2017.
من بين 190 اقتصادا حول العالم ارتقى المغرب من الرتبة 75 العام الماضي إلى 68 هذا العام ليحتل المرتبة الثالثة على المستوى الأفريقي والرابعة في منطقة الشرق الأوسط وشمال افريقيا (MENA) فيما تصدر ترتيب دول شمال أفريقيا.
ولتصبح الحصيلة هكذا: المغرب (المرتبة 68) – جنوب إفريقيا (المرتبة 74) – تونس (المرتبة 77) – مصر (المرتبة 122) – السنغال (المرتبة 147) – الجزائر (المرتبة 156) – نيجيريا (المرتبة 169).
المملكة أيضا تفوقت لأول مرة على تركيا التي تحتل المرتبة 69 في الوقت الحالي
السؤال المطروح هو كيف تفوق المغرب في مناخ الأعمال على جنوب أفريقيا وانتقل إلى رتبة متقدمة، لحد أن الإتحاد الأوروبي وعدد من المراقبين أكدوا تفاؤلهم بمستقبل المملكة.
- تحديث البيئة القانونية للأعمال
عدد من القوانين المعمول بها سابقا كانت تعيق الاستثمارات الأجنبية والمحلية وإنشاء المشاريع، لهذا ركزت الحكومة المغربية منذ 2012 على إصلاح القوانين التي تتعلق بالأعمال، منها تمديد مدة الإعفاء من الضريبة على القيمة المضافة المطبقة على شراء ممتلكات استثمارية والتي تتراوح الآن مدتها من 24 شهرا إلى 36 شهرا ابتداء من العمل على النشاط.
من جهة أخرى عملت المملكة على تخفيض ضرائب الشركات ذات القيمة 300 ألف درهم مغربي أو بحوالي 30.2 ألف دولار إلى 10٪ ونفس الأمر للشركات الأقل قيمة، ما يخفض من تكاليف العمل ويجعلها قادرة على توظيف المزيد من الموظفين والرفع من انتاجيتها وقدرتها التنافسية.
أيضا تم احداث العديد من القوانين التي تسهل من عمليات الاستثمار في القطاع العام والخاص واشراك العديد من الهيات في هذه العملية منها الاتحاد العام لمقاولات المغرب، المجموعة المهنية للأبناك المغربية، جامعة غرف التجارة والصناعة والخدمات، وقد عملت على رسم السياسات وتقديم المشاريع التي وصل عددها إلى 21 مشروعا العام الماضي همت روح المقاولة والاستثمار، التعمير ونقل الملكية، المشتريات العمومية، قانون الأعمال، التنسيق والشراكة الدولية.
- تبسيط المساطر الإدارية
عملت الحكومة المغربية على التخلص من البيروقراطية بالتدريج خلال السنوات الأخيرة و تبسيط المساطر الإدارية، من خلال تعميم التكنولوجيا في المعاملات والحصول على الوثائق وأيضا التنبيه بالضرائب، ودفع الرسوم الجمركية.
من جهة أخرى أصبح تبادل المعطيات سهلا بين المديرية العامة للضرائب والخزينة العامة للمملكة، حيث ترسل البيانات والوثائق من خلال منصات إلكترونية خاصة.
تبسيط مساطر منح تراخيص البناء حيث تم إحداث شبابيك وحيدة على مستوى الجماعات ذات 50 ألف ساكنة فما فوق، وتسهيل الحصول على التراخيص المختلفة.
- الإصلاحات المالية
لم تتوقف الحكومة عند هذا الحد بل عملت أيضا الإصلاحات المالية والتي شملت إصلاح القانون البنكي وتنويع الأدوات المتاحة لأصحاب السندات المالية والمستثمرين، وتحسين الشفافية والتخلص من الديون المتراكمة على كاهل الإدارات والمؤسسات العمومية.
أيضا تم تسهيل إصدار القروض للمؤسسات والشركات الصغرى والمتوسطة، فيما أيضا تم إصلاح القطاع المالي.
نهاية المقال:
تأتي هذه النتائج الكبيرة التي حققها المغرب على مستوى مناخ الأعمال بفضل السياسات الملكية المتبعة والتي تسعى إلى تحسين البيئة الاستثمارية في المغرب ونجاح حكومة عبد الاله بن كيران في تحويل هذه الرؤية إلى قرارات واجراءات فعالة على أرض الواقع دفعت للتفوق على تركيا و جنوب أفريقيا والصدارة في شمال أفريقيا.