عانت روسيا من التخلف عن سداد الديون السيادية في عام 1998 وانخفاض كبير في قيمة الروبل وأزمة مصرفية، وحاليا عادت إلى هذه الدوامة خصوصا انهيار عملتها بعد غزوها أوكرانيا.
في عام 1998، عانت روسيا من أزمة عملة كبيرة عندما فقد الروبل أكثر من ثلثي قيمته في ثلاثة أسابيع، بالإضافة إلى التخلف عن سداد ديونها السيادية وأزمة مصرفية.
سبق سقوط الاتحاد السوفياتي في عام 1991 عدة سنوات من الإصلاح الاقتصادي والخصخصة وسياسات استقرار الاقتصاد الكلي في روسيا، كان أحد العناصر المركزية لذلك هو اعتماد ربط العملة وهو نوع من نظام سعر الصرف يتم فيه تثبيت قيمة العملة مقابل قيمة عملة أخرى.
هذا يعني أن قيمة الروبل بالنسبة للدولار كانت ثابتة ولا يسمح لها بالتقلب إلا في نطاق ضيق، سيتدخل بنك روسيا عن طريق شراء وبيع الروبل حسب الضرورة للحفاظ على سعر الصرف.
كان الاقتصاد الروسي مدعومًا أيضًا بمساعدة مالية من البنك الدولي وصندوق النقد الدولي (IMF)، بينما أدت مفاوضات سداد الديون الخارجية الموروثة من الاتحاد السوفيتي إلى تحسين ثقة المستثمرين.
في الربع الأول من عام 1997، ارتفع الاستثمار الأجنبي في روسيا بشكل حاد مع تخفيف القيود على استثمارات المحافظ الأجنبية، لكن سرعان ما تغيرت توقعات المستثمرين في أعقاب الأزمة المالية الآسيوية، التي بدأت مع انهيار البات التايلاندي في يوليو 1997، وانتشرت هذه الأزمة بسرعة إلى العملات الآسيوية الأخرى وبحلول نوفمبر تعرض الروبل أيضًا لهجوم من قبل المضاربين.
على الرغم من الإصلاحات التي تم إدخالها منذ عام 1991، بقيت نقاط ضعف مؤسسية أساسية في روسيا وقد سلطت الأزمة المالية في آسيا الضوء على نقاط الضعف هذه وتفاقمت.
أدى الركود العالمي وانخفاض أسعار السلع الأساسية إلى تفاقم ضعف تطبيق الضرائب في روسيا والحرب المكلفة في الشيشان، أدى ذلك إلى اختلالات مالية وأثار تساؤلات حول قدرة الحكومة على سداد ديونها السيادية والحفاظ على سعر صرف ثابت.
أدت هذه الزيادة في مخاطر التخلف عن السداد وأسعار الصرف إلى زيادة احتمالية هروب رؤوس الأموال من روسيا وانخفاض قيمة الروبل.
في محاولة لتشجيع المستثمرين على الاحتفاظ بأصول مقومة بالروبل ودعم سعر الصرف الثابت، رفع بنك روسيا أسعار الفائدة إلى 150٪، ولكن هذا يعني أنه بحلول يوليو 1998، كانت مدفوعات الفائدة على ديون روسيا أعلى بنسبة 40٪ وكان لهذا تأثير على مزيد من تآكل ثقة المستثمرين وخلق ضغط هبوطي على العملة.
في أوائل أغسطس 1998، بدافع المخاوف من التخلف عن سداد الديون المحلية وانخفاض قيمة الروبل، تعرضت أسواق الأسهم والسندات والعملات الروسية لضغوط شديدة. تم تعليق التداول في البورصة لمدة 35 دقيقة بسبب الانخفاض الحاد في الأسعار.
ثم في 17 أغسطس، أعلنت الحكومة عن تخفيض سعر الصرف المربوط للروبل، والتخلف عن سداد ديونها المحلية، وتعليق لمدة 90 يومًا لمدفوعات البنوك التجارية إلى الدائنين الأجانب.
بعد أسبوعين في 2 سبتمبر، تخلى بنك روسيا عن جهوده للحفاظ على سعر صرف ثابت وسمح للروبل بالتعويم بحرية خصوصا وأن نظام سعر الصرف الثابت كان مكلفا.
كانت هناك عواقب محلية ودولية كبيرة لهذه الأحداث، ساهمت أزمة العملة واضطراب السوق المالي المرتبط بها في ركود وانكماش الاقتصاد الروسي بنسبة 5.3٪ في عام 1998، حيث وصل نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي إلى أدنى مستوى له منذ تشكيل الاتحاد الروسي في عام 1991.
بلغ التضخم في عام 1998 حوالي 84٪ بسبب انخفاض قيمة الروبل، مما ساهم في انخفاض كبير في الأجور الحقيقية والاضطرابات الاجتماعية، ونظم العمال إضرابات واحتجاجات واسعة النطاق، بما في ذلك مظاهرات أمام مقر الرئاسة الروسي.
وأعقب ذلك تزايد عدم الاستقرار السياسي: تم استبدال كل من رئيس الوزراء ومحافظ البنك المركزي، وتم رفض الميزانية الأولى لرئيس الوزراء الجديد، وانهارت شعبية الرئيس، في أغسطس 1999، في غضون عام من الأزمة، أصبح فلاديمير بوتين خامس رئيس وزراء خلال 12 شهرًا.
كما كان للأزمة تأثير كبير على الأسواق المالية على مستوى العالم. كان التخلف عن سداد الديون السيادية لروسيا هو الأكبر في التاريخ في ذلك الوقت وساهم في انهيار صندوق التحوط LTCM (Long Term Capital Management) في الولايات المتحدة والذي تطلب 3.6 مليار دولار، وقد أدى ذلك إلى آثار غير مباشرة كبيرة في الأسواق الدولية.
تعافى الاقتصاد الروسي سريعًا نسبيًا من أزمة عام 1998، حيث نما بنسبة 6.4٪ في عام 1999 و 10٪ في عام 2000، أدى الانخفاض الحاد في قيمة الروبل إلى جعل الصادرات الروسية جذابة على المستوى الدولي، بالإضافة إلى زيادة الدخل النفطي، مما ساعد على تحفيز الانتعاش الاقتصادي.
ساعدت إعادة هيكلة الديون السيادية وقرض صندوق النقد الدولي بقيمة 4.8 مليار دولار روسيا على استعادة الوصول إلى الأسواق المالية الدولية.
إقرأ أيضا:
روسيا تعترف بالقدس عاصمة إسرائيل وتصدم عبيد بوتين
3 أسباب وراء رفض الصين التحالف مع روسيا
أرقام: الشعوب تفضل الولايات المتحدة الأمريكية على روسيا والصين
حرب روسيا ضد مصالح مصر في السودان وليبيا
حرب روسيا ضد مصالح الصين في أفريقيا في السودان وأفريقيا الوسطى
دور روسيا في حرب السودان وعلاقتها مع حميدتي
روسيا هي أكثر بلد يروج لنظرية المليار الذهبي