إلى الأمس القريب كان الحديث في وسائل الإعلام المحلية والعالمية يدور حول نية كوريا الجنوبية حظر العملات الرقمية كلها وفي مقدمتها بيتكوين.
وقد أشار مسؤولين في الحكومة الكورية إلى تضايقهم من تداول هذه العملات الغير المعتمدة هناك، والتي لا تخضع للرقابة ولا لأي تنظيم ويمكن أن تستخدم في تمويل الإرهاب إلى جانب تهريب الأموال إلى الخارج وهي سلوكيات مالية تحاربها كل الحكومات حول العالم دون استثناء.
غير أنه على ما يبدو قررت الدولة الأسيوية التي تتزعم هذه التداولات العمل على تنظيم تداول العملات الرقمية عوض قتل هذا النشاط التجاري.
وكنت قد كتبت في مقال سابق أن العملات الرقمية مجال جديد لن يذهب إلى أي مكان وهناك حوالي 1300 عملة رقمية عدد منها سيبقى وأخرى ستموت.
يبدو أ الحكومة في كوريا الجنوبية تدرك هذه الحقيقة وهي التي قررت القيام بتقنين هذا المجال، وقررت العمل الأسبوع القادم على تطبيق خطة من شأنها أن تنظم تداول هذه العملات.
-
البنوك تصدر حسابات تجارية جديدة للعملات الرقمية
تستخدم البنوك المحلية في كوريا الجنوبية لفتح حسابات تمويل تداول العملات الرقمية، وهذه الحسابات لا تملك عنها البنوك الكثير من البيانات والمعلومات!
هذه النوعية من الحسابات قررت البنوك العمل على ايقافها ابتداء من 30 يناير الحالي، وعوضا عنها سيتم إطلاق حسابات تجارية جديدة للعملات الرقمية بهويات حقيقية.
أي أنه يمكن لأي شخص في هذا البلد يريد التداول ونقل الأموال إلى البلاد وتمويل أيضا عمليات التداول فتح حساب بنكي في البنوك الستة الموجودة في البلاد والتي وافقت على هذا الإجراء منها بنك شينهان وبنك إن اتش والبنك الصناعي الكوري.
ومن المنتظر أن يتم حظر الحسابات الافتراضية السابقة وتلك التي تملك عنها البنوك معلومات كافية، بينما سيكون على المستثمرين تقبل هذا الإجراء الذي سيسمح للسلطات المالية مراقبة الاستثمارات في العملات الرقمية وربما وضع حدود لسحب الأموال من الحسابات البنكية للاستثمار في العملات الرقمية.
-
منصات التداول الكورية ملزمة هي الأخرى بمطالبة المستخدمين بهوياتهم
من جهة أخرى فإن القانون الجديد يلزم الشركات والمنصات العاملة في البلاد بمنع أي حسابات مجهولة من التداول، ومطالبة المستخدمين بوثائق مثل الهوية الحقيقية وما إلى غير ذلك من المعلومات والبيانات.
واتجهت أساسا العديد من المنصات لمطالبة مستخدميها بتقديم وثائق لإثبات الهوية، وفق بند اعرف عميلك، وهذا لمنع تهريب الأموال واستخدام تلك المنصات في أنشطة مشبوهة.
-
اتجاه لفرض الضرائب على تداول العملات الرقمية
فيما تزخر كوريا الجنوبية بالشركات والمنصات المتخصصة في تداول العملات الرقمية، تتجه السلطات في البلاد إلى فرض الضرائب على هذه المؤسسات والمنصات للاستفادة منها.
وقالت تقارير صحفية اليوم أن السلطات الكورية ستفرض ضرائب تصل إلى 24.2 في المائة من ضرائب دخل الشركات والدخل المحلي من بورصات العملات الرقمية هذا العام.
وهذا يعني أنه على المؤسسات التي ترغب في الاستمرار بالعمل هناك التعاون مع السلطات، ودفع الضرائب وإلا فإن مصيرها هو الاغلاق وحجز أموال المستثمرين بها.
-
حلول وسط من أجل الإبقاء على هذه التجارة في البلاد
ويمكن القول بأن الاجراءات الجديدة من السلطات الكورية مقبولة، بالنسبة لي اعتقد أنها أفضل من منع هذه التجارة بشكل كامل.
فرض التعامل بالهوية الحقيقية والتداول وفق القوانين هو أمر ايجابي ومن شأنه أن يخلق بيئة ايجابية للعملات الرقمية.
وفي حالة النموذج الكوري الجنوبي سنرى نفس الأمر في بقية دول العالم وحتى الدول المحلية، وهو تنظيم تداول هذه العملات وتركها تنمو وتزدهر.
نهاية المقال:
يبدو النموذج الكوري الجنوبي مميزا فعوض منع العملات الرقمية تتجه السلطات إلى تنظيم التداول وفرض الضرائب وفرض الكشف عن هوية المتداولين، وهي أمور أتوقع أن تتجه إليها الحكومات الفترة المقبلة.