يتزايد البحث من وقت لآخر عن ديون الجزائر الخارجية في ظل انتشار الشائعات والدعاية التي تؤكد أن هذا البلد الأفريقي ليس لديه ديونا خارجية.
والحقيقة أن الجزائر مثل بقية دول العالم لديها ديون خارجية وأخرى داخلية، وهذا أمر حيوي في النظام المالي العالمي القائم على الاستدانة وعلى سعر الفائدة وأدوات مالية غير تقليدية.
كم تبلغ ديون الجزائر الداخلية؟
اعتبارًا من ديسمبر 2023، بلغ الدين الحكومي الوطني للجزائر حوالي 118.6 مليار دولار أمريكي، وهو ما يمثل حوالي 48.9٪ من الناتج المحلي الإجمالي الاسمي للبلاد.
ويمثل هذا زيادة طفيفة من 47.6٪ في عام 2022، تقلبت نسبة الدين الحكومي إلى الناتج المحلي الإجمالي على مر السنين، حيث بلغت ذروتها عند 54.5٪ في عام 2021 وأعلى مستوى تاريخي عند 115.4٪ في عام 1994.
بالنظر إلى المستقبل، من المتوقع أن يرتفع الدين الحكومي، حيث قد يصل إلى 55.0٪ من الناتج المحلي الإجمالي بحلول نهاية عام 2024 ويتجه نحو 59.0٪ بحلول عام 2025.
الزيادة في الدين هي جزء من اتجاه أوسع، حيث تشير التوقعات إلى أن الدين الوطني قد ينمو بشكل كبير على مدى السنوات العديدة القادمة، حيث قد يزيد بمقدار 111.4 مليار دولار أمريكي (حوالي 87.9٪) من عام 2024 إلى عام 2029.
بسبب العجز التجاري (تفوق الواردات على الصادرات من حيث القيمة)، تستدين الحكومة من البنك المركزي الجزائري وهذا ما يعد شكلا من أشكال طباعة النقود.
لهذا السبب نجد أن العملة الجزائرية هي الأرخص في شمال أفريقيا، حيث تعتمد الدولة الجزائرية على الإستدانة الداخلية بقوة وتتجنب الإستدانة من الخارج ما يضعف العملة.
كم تبلغ ديون الجزائر الخارجية؟
كما شهد الدين الخارجي للجزائر تغيرات ملحوظة، ففي عام 2022، لم يمثل الدين الخارجي سوى 1.3% من الناتج المحلي الإجمالي الاسمي، بانخفاض عن 1.9% في عام 2021.
وهذا المستوى المنخفض من الدين الخارجي أقل بكثير من المتوسط الإقليمي لمنطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، والذي يبلغ حوالي 25.4%.
واعتبارًا من أواخر عام 2023، بلغ إجمالي الدين الخارجي للجزائر حوالي 3.186 مليار دولار أمريكي، مما يُظهر زيادة طفيفة عن 3.114 مليار دولار أمريكي في الربع السابق (مرجع).
وعلى مدى العقد الماضي، بلغ متوسط الدين الخارجي للجزائر حوالي 3.2% من الناتج المحلي الإجمالي، مما يعكس نهجًا مستقرًا ولكنه حذر في الاقتراض الأجنبي.
وترفض الجزائر الإقتراض الأجنبي من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وذلك في ظل خطاب وسياسة شعبوية تقوم على بيع الشعارات للشعب عوض البحث عن المصلحة العليا للبلاد.
ديون الجزائر الخارجية قليلة مقارنة مع الجيران
مقارنة مع المغرب ومصر ودول الشرق الأوسط الأخرى بما فيها دول خليجية كبرى، نجد أن الجزائر تتمتع بمديونية خارجية أصغر.
والحقيقة لرفض الإستدانة من المؤسسات الدولية، هي أنها ستضع شروطا أهمها خصخصة القطاع العام ورفع الدعم ودعم القطاع الخاص وانهاء سياسة الريع والفساد والرشوة وتعويم الدينار الجزائري.
كل ذلك كي تتمكن الجزائر من الإنتقال إلى اقتصاد رأسمالي حديث جاذب للإستثمار وبالتالي جلب المصانع والشركات وتوظيف العمال والرفع من العائدات الضريبية وتسديد الضرائب.
لكن الجزائر ترفض التعاون مع تلك المؤسسات التي انقذت من قبل تركيا وروسيا وكوريا الجنوبية وايرلندا في أزماتها والقائمة طويلة.
وبينما يحتفي المواطن الجزائر بهذه السياسة إلا أنها تنعكس سلبا على الدينار الجزائري الذي يفقد قيمته، وهي أضعف عملة في شمال أفريقيا وبالتالي قدرته الشرائية تتقلص.
تصبح هذه مشكلة أكبر عندما تتراجع أسعار النفط والغاز وتتقلص عائدات هذه السلع الإستراتيجية التي تعتمد عليها الجزائر، لهذا نجد أنها تضررت بقوة في أزمة النفط 2014-2020.
وصلت الاحتياطي النقدي إلى أعلى مستوى له على الإطلاق عند 194.96 مليار دولار في الربع الأول، ويرجع ذلك إلى حد كبير إلى ارتفاع أسعار النفط، ومنذ ذلك الحين تراجع إلى 48.9 مليار دولار في عام 2020.
وارتفع الإحتياطي الجزائري من العملة الصعبة إلى 66 مليار دولار تقريبا حاليا، ويعاني من التباطؤ مع تراجع أسعار النفط والغاز في الأسواق العالمية.
إقرأ أيضا:
لهذه الأسباب المغرب والجزائر حلفاء في دعم الصوفية
أسباب انهيار الدينار الجزائري وأزمة الجزائر خلال 2024
أعظم انجاز حققه الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون
أين تذهب أموال الغاز والنفط الجزائري؟
كيف تحمي أموالك من انهيار الدينار الجزائري؟