بدأ منذ 2012 جيل جديد من المضاربين والمستثمرين تجلى في إنشاء وول ستريت بيتس WallStreetBets وهو منتدى أو مجتمع يتواجد على ريديت، المنصة الاجتماعية الشهيرة.
هذا المجتمع الرقمي وصل عدد أعضاؤه اليوم إلى 7.4 مليون مستخدم، ما يجعله من أكبر المجتمعات على المنصة، وهو منطلق لما يسمى اليوم بهجوم قصف المستثمرين والمضاربين الكبار في السوق الأمريكية.
الغاية من وول ستريت بيتس WallStreetBets:
تم إنشاء هذا المجتمع الرقمي من أجل مناقشة الأسهم والخيارات الثنائية والفوركس، والعمل على التوصية بالأسهم والعملات التي يجب شراءها والتي يجب أيضا بيعها.
وتحولت فيما بعد إلى منصة تتضمن الملايين من الشباب المهتمين بالتداول والمضاربة، وقد تزايد الإنضمام إليهم في عز جائحة فيروس كورونا، حيث استغل الكثير منهم نقود التحفيز التي وزعتها الحكومة الأمريكية للمواطنين لاستثمارها في البورصة الأمريكية.
وبفضل ذلك ارتفعت مؤشرات البورصة الأمريكية بقوة، واستطاعت تعويض الخسائر التي تكبدتها العام الماضي خلال أواخر فبراير وشهر مارس.
غير أن أكبر المستفيدين من التجار الصغار هي شركات مثل تسلا وآبل وأمازون ومايكروسوفت التي ارتفعت قيمتها بقوة وشركات أخرى مثل زووم.
وقد شجعهم على الإستثمار وجود منصات توفر التداول بدون عمولة، لعل أبرزها تطبيق Robinhood، ولهذا فقد أصبح هؤلاء قوة بعد أن كانت البورصة متحكم فيها من قبل صناديق التحوط والشركات الإستثمارية والمستثمرين الكبار.
غضب شعبي وراء وول ستريت بيتس WallStreetBets:
نجاح الشركات الأمريكية العملاقة على تجاوز أزمة كورونا وتحويلها الوباء إلى مناسبة لزيادة المبيعات والعائدات والأرباح، في وقت تتزايد فيه البطالة ويقل الدخل لدى الأفراد العاديين، هو أمر مستفز للجماهير العريضة وللطبقتين المتوسطة والفقيرة.
لهذا يعتقد جزء من هؤلاء أن الأزمة الحالية مؤامرة لتزيد الشركات الكبرى من قيمتها وحجمها، وفي ذات الوقت للقضاء على الشركات الصغيرة.
أما الجزء الآخر فيشعرون بالحقد على تزايد ثروات الأغنياء وأصحاب الشركات الكبرى والأثرياء، ويعتقدون أنه يجب عليهم دفع المزيد من الضرائب، بل ويذهبون إلى أبعد من ذلك، وهو أنه يجب تغيير نظام البورصات كي تكون لارتفاعاتها فائدة أكبر على المجتمعات.
انتشرت هذه الأفكار على نطاق واسع في الفترة السابقة، وزاد الطين بلة أن منصات التواصل الاجتماعية وشركات الإنترنت الكبرى قد قمعت أنصار دونالد ترامب وحاربت بقوة نظرية المؤامرة ما زاد الإقتناع لدى هؤلاء الشباب أن هناك مؤامرة ومتحكمين في الوضع وهم غالبا الأثرياء والمستثمرين الكبار، لذا يجب تلقينهم درسا.
وول ستريت بيتس WallStreetBets وفوضى الأسهم الأمريكية:
اتفق الملايين من المنضمين إلى هذه الحركة على شراء أسهم الشركات الضعيفة والتي تعاني، وهي شركات يبيع المستثمرين الكبار أسهمها على نطاق واسع.
أبرز هاته الشركات هي GameStop، وقد رصدوا أن هناك صناديق استثمارية ومؤسسات قد أصدرت توصيات لبيع أسهمها وتخفيض قيمتها، وهم يفعلون ذلك غالبا من خلال البيع على المكشوف.
لذا فإن طريقة الرد عليهم في هذه الحالة هي شراء تلك الأسهم بقوة والإحتفاظ بها، وحينها كل من يبيع على المكشوف سيتضرر، وقد وصلت خسائر البائعين على إثر ارتفاع السهم إلى 500 دولار تقريبا من 20 دولار تقريبا، إلى نحو 20 مليار دولار.
ولم يتوقف الأمر عند هذا الحد، حيث انتقلت الظاهرة نفسها إلى أسهم شركات أخرى مثل بلاك بيري ونوكيا وعدد من الأسماء التي لا تبلي بشكل جيد، والتي يستغل وضعها بعض الصناديق للربح من البيع على المكشوف لأسهمها.
ويقول القائمون على هذه الحركة أنهم يريدون ارسال رسالة إلى كبار وول ستريت ألا وهي أنه يجب عليهم تفادي التلاعب بالسوق، كما أنهم يرغبون في اثبات أن المستثمرين الصغار لهم أيضا قوة وتأثير وأن السوق لا تخضع فقط للقوى الكبيرة.
إهانة للبورصات والأسهم العالمية:
دائما ما يتفاخر المدافعون عن الأسهم بأنها تنمو بشكل معقول ولا توجد ارتفاعات قوية جدا كما يحدث مع بيتكوين والعملات الرقمية المشفرة لكن ما حصل مع الأسهم التي ارتفعت بنسب تجاوزت 400% في الأسبوع، هي إهانة للنظام المالي برمته.
المنطقي في سوق الأسهم وكذلك العملات الرقمية المشفرة والذهب والفضة وبقية الأصول الأخرى، هو أن المستثمرين يبيعون ويشترون بناء على معطيات حقيقية ومنطقية.
لكن أسواق الأسهم الأمريكية والأوروبية والعالمية في طريقها لتصبح كازينو كبير، بسبب اقبال المستثمرين الصغار على شراء الأسهم والأصول بكثافة بدون أي سبب منطقي، بل فقط للإضرار بالسوق والمستثمرين الكبار.
إقرأ أيضا:
تحطيم حيتان السوق وهوامير البورصة ممكن ولكن ليس للأبد
أسئلة وأجوبة: فضيحة جيم ستوب وفوضى ريديت والأسهم الأمريكية
ما هو البيع على المكشوف Short Selling وكيف يعمل؟