لا شك أن التنمية في المغرب تتسارع في مدن عديدة، بينما لا تزال أخرى تعاني من التنمية ضعيفة أو حتى شبه متوقفة، وقد استفادت بعض المدن من التقدم الذي يحققه المغرب، بينما مدن أخرى لم تحصل على فرصتها بعد.
المدن الأكثر استفادة من التنمية على مر العقود الماضية، هي الأكبر اليوم على مستوى عدد السكان والحركة التجارية والفرص، وكلما قلت التنمية وجدت أمامك مدن أصغر معظم أهاليها إما في الخارج أو في الدار البيضاء وطنجة والرباط.
وتدرك المملكة هذه الحقيقة، وأنه يجب أن توزع 40 مليون نسمة على المملكة في مدن متنوعة، وصناعة التنمية الشاملة التي توفر فرص العمل في المناطق المهمشة.
وقد أشار جلالة الملك محمد السادس إلى أهمية تنمية كل من أكادير والحسيمة، كما أن هناك مبادرات واضحة مؤخرا تشمل جهة الشرق أيضا.
لكن التنمية لا تحصل من خلال ورش تطوير شوارع المدينة وتوفير المزيد من المستشفيات ومحاربة المركزية والفساد الإداري، بل من خلال ربط المدن ببعضها البعض بالطرق السريعة والقطارات السريعة.
-
مشروع قطار البراق في المغرب:
قطار البراق هو أسرع قطار في أفريقيا، وثاني أسرع قطار في العالم (بتاريخ 2019) بسرعة 320 كم/ساعة، تم تدشينه رسمياً في 15 نوفمبر 2018.
يربط هذا القطار القنيطرة والرباط ثم طنجة شمالا، كما أنه يربط كل هذه المدن بالعاصمة الإقتصادية، الدار البيضاء، وهو ما زاد من عدد الرحلات والسياحة الداخلية وتنقل الموظفين والتجارة بصورة مهمة.
نتحدث هنا عن أربعة محطات لهذا القطار وهي محطة الرباط أكدال ومحطة طنجة المدينة ومحطة القنيطرة ومحطة الدار البيضاء المسافرين.
حسب إحصائيات المكتب الوطني للسكك الحديدية فقد بلغ عدد المسافرين عبر قطارات البراق 3 مليون مسافر إلى غاية سنة 2019، وهناك تنامي كبير في استخدامه.
لاحظت عند زيارتي للقنيطرة، أن الكثير من أهاليها يعملون في الرباط ويستخدمون هذا القطار، سواء للذهاب إلى أعمالهم صباحا أو العودة من وظائفهم زوالا أو مساء.
لقد اختصر المدة الزمنية بين المدينتين إلى 15 دقيقة فقط، وهو أمر إيجابي للمنطقة، حيث تحتفظ المدينة بسكانها ويستفيد اقتصادها من دفعهم للإيجار وشراء المنازل ودفع الضرائب والتسوق المحلي.
-
قطار البراق أداة رواج اقتصادي
عزز القطار من حركة النقل والمسافرين بين هذه المدن الأربعة المهمة والأساسية في اقتصاد المغرب، ويمكن للسياح استخدام القطار للتنقل بسهولة من طنجة في الشمال إلى العاصمة الرباط أو الوصول إلى الدار البيضاء أو حتى زيارة القنيطرة.
المشروع الذي وصلت الإستثمارات فيه إلى 2.5 مليار دولار، استثمرت فيه صناديق استثمارية دولية من فرنسا والمغرب والسعودية والإمارات والكويت.
ويراهن مكتب سكك الحديد في المغرب على بلوغ سقف ستة ملايين مسافر في أفق ثلاث سنوات من بدء تشغيل هذا الخط.
يوفر القطار خدمات نقل البضائع والسلع المختلفة بين هذه المدن الكبرى في المملكة، وهي خدمة جيدة للشركات والتجار والأعمال التجارية التي تراهن على وسيلة أسرع.
المعادن ومواد البناء والمواد الكيماوية إضافة إلى المنتجات الزراعية والغذائية وتوفير حلول النقل للموظفين من مدينة المصنع إلى مدنهم من الخدمات التي يقدمها هذا القطار.
-
قطار البراق مفتاح التنمية الشاملة
تعمل حاليا السلطات على توسيع نطاق البراق ليصل إلى أكادير من مراكش، ونتحدث عن أكبر مدينتين سياحيتين في المغرب.
ويعمل مكتب سكك الحديد في المغرب على توسيع المشروع لاحقا ليصل إلى المدن الصحراوية وأهمها العيون، وهو سيساعد في نقل أسرع للبضائع إضافة إلى انتقال أسرع للمواطنين والسياح المحليين والأجانب بين هذه المناطق المهمة.
ولدى المملكة رؤية شاملة للقطارات السريعة، حيث ستربط كل المدن الكبرى والمهمة في المملكة وهي الرباط والدار البيضاء وطنجة وتطوان والحسيمة وأكادير ومراكش و وجدة وفاس والعيون والداخلة والقنيطرة.
من شأن حدوث ذلك أن يوفر للسياح المحليين التنقل من شمال المغرب إلى اقصى جنوبه في ساعات قليلة وبدون أن يتعرض هؤلاء للمخاطر والتعب.
في هذا الوقت تعمل السلطات بالبلاد بزيادة عدد الطرق السريعة التي تربط المدن الكبرى بالمتوسطة وحتى الصغرى، لتستفيد هذه الأخيرة من التنمية الشاملة.
-
مخطط السكك الحديدية السريعة 2040
ما بين 2010 و 2017 وفرت مشاريع تطوير السكك الحديدية 180 ألف فرصة عمل، واستفادت منها 3000 مقاولة مغربية، وسافر من خلال القطارات 300 مليون شخص، وتم نقل 270 مليون طن من البضائع.
…لدينا حلم ببناء خط للسكة الحديدية، من طنجة إلى لكويرة، لربط المغرب بإفريقيا. وإننا نرجو الله تعالى أن يعيننا على توفير الموارد المالية، التي تنقصنا اليوم، لاستكمال الخط بين مراكش ولكويرة…
الملك محمد السادس
منذ ذلك الحين بدأت رؤية جديدة لتطوير السكك الحديدية وتوسيعها لتصل إلى أكادير أول مرة، ومنها إلى الصحراء، وصورة الخريطة أعلاه تظهر الوضع الحالي.
الشبكة الفائقة السرعة سيتم توسيعها إلى وجدة شرقا حيث هناك سكك حديدة للقطارات العادية حاليا، وجنوبا نحو كلميم على أن تتوسع أيضا إلى العيون وبقية المدن الجنوبية.
لن يتوقف القطار السريع في طنجة، فهناك خطة لربط هذه المدينة بالحسيمة مرورا بالناظور ثم وجدة في مشروع من شأنه أن يعزز النقل إلى الجهة الشرقية من مدخلين.
الأهداف الأخيرة لهذا المشروع المتكامل:
ربط 43 مدينة مغربية مقابل 23 مدينة حاليا.
توفير 300 ألف فرصة عمل مقابل 180 ألف فرصة عمل تم توفيرها بين 2010 و 2017.
ربط 87% من الساكنة المغربية مقابل 51% حاليا
ربط 15 مطارا دوليا مقابل 1 حاليا.
ربط 12 ميناء مقابل 6 حاليا.
في النهاية يصب هذا المشروع في تطوير البنية التحتية لتنقل المواطنين والسياح والبضائع وربط المطارات والموانئ ببعضها البعض على طول المملكة.
وستستفيد شركات نقل البضائع والتجار والتجارة الإلكترونية المحلية من نجاح هذا المشروع حيث ستتراجع تكلفة الشحن والمدة اللازمة لذلك.
ويهيئ هذا أيضا للشركات الناشئة والمصدرين في البلاد تصدير منتجاتهم إلى الأسواق العالمية بما فيها الأفريقية والأوروبية.
إقرأ أيضا:
لماذا فشلت صناعة السيارات في الجزائر ونجحت في المغرب؟
الإستثمار في المغرب: 500 فرصة من بنك المشاريع
شراكة المغرب مع أمريكا وتشجيع الإستثمار في أفريقيا
عيوب مشروع أنبوب الغاز المغربي النيجيري