بعد كل مجزرة دموية يرتكبها الصهاينة في حق الشعب الفلسطيني المعزول تتعالى أصواتنا بالإدانات والصراخ رفضا للإحتلال الصهيوني من أساسه إلى تصرفاته الهمجية وسياساته القمعية التعسفية.
نستغرب حينها نحن الشعوب العربية المعزولة العاجزة عن نصرة اخواننا من صمت حكامنا وعدم تحركهم بالأفعال والعقوبات ليس فقد ضد جرائم الصهاينة بل ضد احتلالهم.
ونحن نرى أن ردع الكيان الصهيوني بالإحتجاج العربي ليس من الشعوب فقط بل من الحكومات أيضا من شأنه أن يكون بداية للصحوة الحقيقية وطرد الإحتلال مستقبلا، وكم هو محزن صمت القادة وبرود بيانات الإدانة الخجولة والقليلة.
هذا ما أتذكره حقا وأنا أنظر إلى صمت معظم أصدقائي على فيس بوك بخصوص قضية الأخبار المزيفة، وهي حديث المجتمعات الغربية منذ فوز دونالد ترامب ووصوله إلى سدة الحكم.
يوميا تتحدث الصحف البريطانية والأمريكية والعالمية عن هذه المشكلة وتدين مرارا وتكرارا هذا العمل الهمجي، وكيف أن فيس بوك قد سمح لكل من دب وهب بنشر الأخبار والترويج لها وصناعتها وتلفيق القصص وتشويه جهات على الأرجح يعاديها.
والحقيقة أن مشكلة الأخبار المزيفة ليست محصورة على الغرب، بل إنها ظاهرة عالمية واستخدمت بكثافة في الكثير من القضايا العربية ومنها القضية السورية والصراعات الداخلية والحزبية في بلدان العالم العربي.
نحن العرب جميعا تضررنا منها كما تضرر منها الأجانب والمجتمعات الغربية وكل من يعيش على هذا الكوكب الذي يزخر بالكذب والنفاق، وهي لا تستهدف الشخصيات والقادة فقط بل أيضا الأديان والمعتقدات والسلم الأهلي والمجتمعي.
في ذات الوقت هي تجارة قذرة مربحة، يكفي أن تصنع موقعا اخباريا وتنشر فيه الأخبار المزيفة وتروج لها في فيس بوك حيث ستنتشر هناك بسرعة لتجلب الزيارات وتبدأ في الربح من الإعلانات.
سياسة استخدمت ولا تزال تستخدم وقد حولت فيس بوك إلى مزبلة حقيقية للنفايات الفكرية والمعلومات المغلوطة والأخبار الكاذبة.
وقد عمدت العديد من المواقع والصحف الأجنبية الشهيرة ومنها Mashable والجارديان وصحيفة الأنبندنت إلى نشر مقالات وتقارير تحرض المستخدمين على اغلاق حساباتهم على فيس بوك وحذف تطبيقاته على هواتفهم الذكية.
وكيف لا يحدث ذلك وكلما فتحت الموقع أو التطبيق وجدت أمامك منشورات مضللة وأخرى تروج للمعلومات الخاطئة نشرها الأصدقاء او شاركوها من صفحات لا تتابعهم أو نشرتها الصفحات التي تتابعها.
المصيبة الكبيرة أنه حتى إن كنت شخص على قدر كبير من العلم والمعرفة فقد تسقط في فخ مشاركة تلك الأخبار والترويج لها خصوصا وأنها تلعب على مشاعر المستخدمين ووجهات نظرهم، على مخاوفهم وأمنياتهم واهتماماتهم.
كل هذا الجدل الدائر على الأخبار المزيفة في فيس بوك بالعالم “المتقدم” يقابله صمت جبان وغير مبرر في العالم المتخلف، نتحدث عن عالمنا العربي الذي لم يعد يقاوم الهمجية والفوضى والأشياء السيئة بل إنه يختصرها في عيون الأمم الأخرى.
ما أشبه الصمت البارد لأصدقائي المؤثرين على فيس بوك وتجاهلهم لهذه القضية الأخلاقية بصمت الحكام العرب وهم يتفرجون على جرائم الإحتلال الصهيوني لفلسطين وتكالب الأمم على الدول الإسلامية والعربية، أصدقائي الصامتون يخشون من فيس بوك وعلى مصالحهم معه كما يخشى الحكام من أمريكا وعلى مصالحهم معها.