تركت الحرب التجارية التي اندلعت بين الصين والولايات المتحدة أثرا عميقا في العلاقات بين البلدين، وقد دفعت سياسات دونالد ترامب الشركات الأمريكية للإنسحاب من الصين.
ومع اندلاع وباء فيروس كورونا من الصين فقد خسر البلد الأسيوي سمعته الجيدة بنظر المستثمرين ورجال الأعمال الذين يبحثون عن دول مستقرة وبعيدا عن الصراعات الدولية لممارسة تجارتهم فيها.
أصدرت شركة الاستشارات التصنيعية العالمية كيرني أبحاثها التي توصلت إلى ما وصفته بـ “الانعكاس المثير” لاتجاه الخمس سنوات حيث حصل التصنيع الأمريكي المحلي في عام 2019 على حصة أكبر بكثير مقابل 14 مصدرًا آسيويًا تم تتبعهم في الدراسة، وكانت واردات التصنيع من الصين هي الأكثر تضررا.
شهد العام الماضي قيام الشركات بإعادة التفكير بنشاط في سلسلة التوريد الخاصة بها، إما بإقناع شركائها الصينيين بالانتقال إلى جنوب شرق آسيا لتجنب الرسوم الجمركية، أو من خلال التخلي عن التعامل مع الصينيين.
-
تأثير الحرب التجارية على التصنيع في الصين
قبل ثلاثة عقود، بدأ المنتجون الأمريكيون التصنيع والمصادر في الصين لسبب واحد: وهي قلة التكاليف وتوفر اليد العاملة القابلة للتعلم.
عندما أقدمت الصين على تنفيذ الإصلاحات الإقتصادية بداية من 1979، قررت الإنفتاح على بقية دول العالم وتشجيع التصنيع هناك واستقطبت آلاف الشركات في مجالات كثيرة وهكذا اكتسب الصينيين الخبرة في شتى الصناعات بما فيها التكنولوجيا الدقيقة.
لكن مع اندلاع الحرب التجارية بين البلدين، خسرت الصين ميزتها التاريخية وهي القدرة على الإنتاج بأقل تكلفة فإلى جانب تحسن دخل الفرد هناك وارتفاع رواتب العمال والذي جعل العامل الصيني أغلى من عمال دول أخرى مثل فيتنام، فقد زادت الرسوم الجمركية التي تفرض على المنتجات الصينية القادمة إلى أكبر سوق استهلاكية خارجية لها وهي الولايات المتحدة تحو خسارة المعركة.
-
تأثير أزمة فيروس كورونا
جاءت الأزمة الحالية لتزيد الطين بلة وتضرب الخطط الاقتصادية لدولة الصين في الصفر وتؤخر عملية صعودها لتصبح القوة الأولى في العالم.
لقد شكلت هذه الدولة في السنوات الأخيرة منبعا للفيروسات الشائعة اليوم والأوبئة الخطيرة للأسف، وهذا بسبب تحولها إلى بلد ملوث بسبب الصناعات الكثيرة هناك إلى جانب نمط الأكل الذي يحتاج إلى إصلاح فعلي.
لقد أدركت الشركات الأمريكية والعالمية أن هذا البلد غير آمن ويمكن أن يشهد أوبئة أخرى مستقبلا، وبالتالي عليها البحث عن دولة أكثر استقرارا تصنع فيها منتجاتها وتقوم بشحنها إلى مختلف الأسواق العالمية.
المستفيدون الرئيسيون من ذلك هم دول جنوب شرق آسيا الأصغر بقيادة فيتنام، وبفضل تمرير اتفاقية المكسيك والولايات المتحدة الأمريكية، أصبحت المكسيك على الرغم من مشاكلها مع عصابات المخدرات، المكان المفضل لتصنيع المنتجات التي يتم تصديرها إلى الولايات المتحدة.
في عام 2020، بدت الحرب التجارية متوقفة مؤقتًا، للأسف أفسحت المجال أمام وباء عالمي انبثق من مقاطعة هوبي في الصين.
لقد أغلق فيروس كورونا حرفيا اقتصادات العالم الغربي وبقية دول العالم وخلق كابوسا للعلاقات العامة الخارجية للصين.
إن التهديد بالمضي قدمًا في الغضب السياسي تجاه الصين، ناهيك عن الأوبئة المستقبلية القادمة من الصين (جاء أول سارس من هناك في 2002-2003)، يعني أن الشركات سترغب في التحوط من استراتيجية سلسلة التوريد الخاصة بها من خلال نشر مصانعها ومواردها في العديد من الدول.
-
تراجع الصادرات الصينية إلى الولايات المتحدة
انخفضت صادرات المنتجات الصينية إلى الولايات المتحدة الأمريكية بنسبة 17٪ بسبب تكاليف الرسوم الجمركية، ومن المنتظر أن يستمر التراجع خلال الأشهر القادمة.
يحب الرئيس ترامب أن يقول إن الصينيين يدفعون تعريفاته، لكن المستوردون الأمريكيون هم الذين يدفعون الرسوم في الموانئ.
غير أن الشركاء الصينيون للشركة الأمريكية يعانون لأن المستورد الأمريكي يدفع الآن المزيد مقابل صنع في الصين، وذلك يقلل الفائدة من التكلفة لاستخدام الصين كمركز تصدير.
من الواضح أن الشركات ستنتقل للتصنيع في كل من فيتنام والمكسيك ومجموعة من الدول الأخرى المختلفة مع الإعتماد على الصين بنسبة أقل من السابق.
إقرأ أيضا:
فيتنام: من الحرب التجارية إلى أزمة فيروس كورونا نحو منافسة الصين