انتهت موسيقى التفاؤل وارتفاع الأسهم منذ ظهور أولى حالات فيروس كورونا الجديد في الصين والذي حصد أكثر من 80 قتيلا وآلاف المصابين المهددين بنفس المصير.
الموسيقى السابقة التي كانت صاخبة مدفوعة بكل من الإتفاق التجاري الصيني الأمريكي والتفاؤل بسلسلة جديدة من خفض الضرائب على الشركات الأمريكية والسياسات التحفيزية في الصين.
لكن كما قلنا فهذا تغير تماما واليوم نشاهد البورصات الأوروبية والأسيوية والأمريكية كلها تتراجع للوراء بنسب واضحة ومهمة.
امتدت عمليات البيع في سوق الأسهم العالمية إلى وول ستريت، حيث افتتح مؤشر S&P 500 بانخفاض 1.8 في المائة، وانخفض مؤشر ناسداك بنسبة 2.4 في المائة، بينما خسر داو جونز 500 نقطة تقريبا في يوم واحد.
في أوروبا عمّق مؤشر Stoxx 600 خسائره طوال جلسة التداول وهبط بنسبة 2.3 في المائة، وهذا يترك المؤشر الذي يتتبع أكبر 600 شركة في المنطقة على الطريق الصحيح لأكبر خسارة ليوم واحد منذ أوائل أكتوبر.
-
فيروس كورونا يضرب ثاني أكبر اقتصاد في العالم
تسبب المرض في وفاة 106 شخصًا على الأقل في الصين وإصابة أكثر من 4000 شخص، مما دفع السلطات إلى تمديد عطلة العام القمري الجديد في بعض المدن وفرض حظر غير مسبوق على سكان يبلغ عددهم حوالي 40 مليونًا حول ووهان بمقاطعة هوبي.
من شأن الوضع الحالي السيء أن يمدد من عطلة المصانع والشركات والأعمال في البلاد ويؤثر على الإنتاج و الإستهلاك الذي يستفيد منه الإقتصاد العالمي.
ذكرنا في وقت سابق من اليوم في مقالة “خسائر فادحة للإقتصاد الصيني من فيروس كورونا” الخسائر الكبرى التي مني بها الإقتصاد الصيني نتيجة انتشار هذا الفيروس.
انخفضت رحلات السفر الداخلية بنسب كبيرة، وقد تراجعت السفريات بنسبة 41.6٪ في السفر الجوي المدني، وبنسبة 41.5٪ في السفر بالسكك الحديدية، وبنسبة 25% بالنقل البري.
توقفت المطاعم عن العمل وهي التي يكون عليها اقبال كبير في هذا الوقت من هذا العام، كما تم اغلاق العديد من الأسواق والمنشآت الترفيهية الجماعية.
من شأن استمرار الوضع الحالي للإقتصاد الصيني أن يضرب النمو الإقتصادي في الربع الأول من هذا العام وكلما استمرت المشكلة ازدادت التكلفة.
بدأت الصين حملة وطنية محددة فقط بعد أن حث الرئيس شي جين بينغ يوم الاثنين الماضي على بذل جهد شامل للحد من انتشار الفيروس، وهدد الحزب الشيوعي المسؤولين المحليين الذين حاولوا التستر عليه.
-
فيروس كورونا وخطر الركود الاقتصادي
الحقيقة التي يجب أن نذكرها جميعا هي أن أي انخفاض للنمو الاقتصادي الصيني بنسبة 1 في المئة سيقابله تراجع بنسبة 2 في المئة للإقتصاد العالمي.
تظهر هذه الحقيقة التأثير الكبير لما يجري في الصين على العالم بأكمله، وهذا يفسر قلق البورصات العالمية من أي أضرار ستصيب الإقتصاد الصيني.
تضررت أسواق الأسهم والنفط العالمية نتيجة هذه الأخبار في حين ارتفعت أصول الملاذ مثل الذهب والعملات الرقمية.
أمرت شنغهاي الشركات بعدم فتح أبوابها حتى 9 فبراير، في حين من الممكن أن تتضرر الشركات العالمية مثل سامسونج و آبل وهواوي من توقف الإنتاج.
تعول الكثير من الشركات العالمية على السوق الصينية حيث تتواجد وتحقق عائدات وأرباح مهمة، لهذا فإن تضررها يجعل الأزمة المالية قابلة للإشتعال على المستوى العالمي.
في مصر يشكل السياح الصينيين 10 في المئة من السياحة الواردة لهذا البلد، ومنع هؤلاء من القدوم من شأنه أن يضرب قطاعا مهما يشغل الكثير من الأسر.
في هذا الصدد إدوارد مويا، كبير محللي الأسواق في أواندا إن “المخاوف باتت تتزايد من تأثير حظر السفر بشكل كبير على الاقتصاد، في حين أن البعض قلق من انخفاض الناتج المحلي الإجمالي الصيني بنسبة 1% أو حتى أكثر في الربع الأول من العام 2020”.
من شأن تضرر الإقتصاد الصيني أن ينعكس سلبا على استهلاك النفط وهذا الأخير سيتراجع أكثر لتتضرر الدول المنتجة له بما فيها روسيا والسعودية.
-
خطر الركود الإقتصادي يلاحق العالم
عودة إلى أغسطس 2019 والذي شهد انقلاب منحنى العائد الأمريكي 5 مرات، وهي إشارات متعددة مقلقة تؤكد أن الركود الإقتصادي سيحدث خلال 12 شهرا إلى 24 شهرا.
في نفس العام رأينا انقلاب منحنى العائد الأمريكي في كل من مارس وماي مرة واحدة لكل واحد منهما.
تجاوز العالم هذه القصة المرعبة مع الإرتفاع الصاروخي للأسهم خلال أواخر العام المنصرم، لكن لا يزال الخطر يلاحق الإقتصاد العالمي بهدوء.
فيروس كورونا شكل مفاجأة من العيار الثقيل للأسواق التي تفاءلت بهذا العام بعد الإتفاق بين بكين وواشنطن فقد أكد بأن كل شيء ممكن وقد نرى الأزمة المالية العالمية المرتقبة لسبب غير متوقع.