كلنا نعرف نشأة الإنسان وكيف بدأت القصة من آدم ثم خلق له الله حواء وكيف عاشا في نعيم الجنة لفترة طويلة وقد حذرهما الله من العدو الأزلي لهما وهو إبليس، وتشاء الأقدار أن يوقع بهما اللعين في الفخ بعد أن أقنعهما بالأكل من شجرة ملعونة وهذا تحث مبرر أنها ستجعلهما خالدين.
تقول القصة الدينية الشهيرة أنه بعد أكلهما من الشجرة الملعونة طردا من نعيم الجنة نحو الأرض وسقط كل واحد منهما في منطقة جغرافية بعيدا عن الآخر ووجدا صعوبات في التعود على الحياة الجديدة ووحشة العالم الجديد.
لقد خسر سيدنا آدم وأمنا حواء نعيم الجنة وأمانها وثراءها وملذاتها ودفئها وكل ما تحتويه من مزايا لهما، ووجدا في الأرض الفقر والخوف والحزن والبرد والليالي المظلمة والأهم أنهما عاشا في أزمة لم تكن قصيرة، ربما انتهت بلقائهما مجددا، لكنها لم تختفي قط.
والحقيقة أنه عندما أتأمل هذه القصة المحزنة أجدها مطابقة لقصص آكلي الربا، خصوصا وأنه لدي تجربة سابقة ورأيت بأم عيني ما حصل مع عائلات أخرى وأصدقاء جربوا السير في درب الربا.
-
قروض ربوية للثراء وحل مشاكلك المادية
تسوق البنوك والمؤسسات المالية التي تقدم القروض الربوية لهذه الخدمات على أنها قادرة لمساعدتك في الحصول على ما تريد.
تدعي هذه المؤسسات انه باستخدام قرض ربوي، يمكنك أن تتزوج وتشتري شقة أو بيتا وتعيش فيها مع شريك حياتك.
بعد أن تدفع القرض تحصل على آخر لتمويل الإنجاب ومصاريف الطفل الجديد، وأيضا لتمويل العطلات والسفريات والاعياد والمناسبات التي يحتاج فيها الفرد للترفيه عن نفسه.
قروض للدخول المدرسي وأخرى لشراء أضحية العيد، وكلها يتم التسويق لها بعبارات جذابة ويستخدم الإغراء لإقناعك بخوض التجربة.
هناك قروض تعدك بحل مشكلاتك المادية وأخرى لبدء مشروع تجاري وكلها تصور لك أن الطريق ستكون وردية وبقليل من الحكمة ستصل إلى ما تصبوا إليه دون مشاكل.
-
في رحلة مع القروض الربوية تصبح الأمور أسوأ
لكن الواقع مختلف عن وعود المؤسسات المصرفية والبنوك ومؤسسات القروض الصغرى، عادة ما تنتهي الرحلة بشكل مأساوي.
إما تعثر المقترض أو ان حالته المادية تصبح أسوأ وتتراكم عليه الديون، وقد ينتهي به المطاف نحو السجن خصوصا في قضايا الشيكات والتعاملات المالية المرتبطة بالقروض.
لا يستمتع المقترض بزواجه ولا بإنجاب أطفال ولا بعودتهم إلى المدرسة ولا بالأعياد والعطل، فجل ما يقلقه هي الديون التي تتراكم عليه وكيف سيسددها.
ربما قبل أن يبدأ هذه الرحلة كان حاله المادي سيء، لكن على الأقل كان باله في أفضل حال، وحياته هادئة وليس بها الخوف طيلة الوقت من الديون.
الحالة المادية تصبح أسوأ والوعود الوردية يتضح أنها مجرد وهم، وهكذا يدور المقترض في دوامة من الحزن وتراكم القروض وتسديد بعضها بالأخرى وعيشه بناء عليها.
-
ما أشبه طرد آدم وحواء من الجنة بما يحدث مع آكل الربا
إذا كان المرء على وعي بما يفعله ويتأمل حقيقة في واقعه ويقيس حالته المادية ويتابع كيف تسير حياته بدقة سيدرك أنه بدخوله إلى عالم القروض الربوية قد رمى بنفسه في مأزق سيء.
وكما أغرى الشيطان آدم وحواء بالأكل من الشجرة الملعونة وباع لهما وهم الخلود المزيف، فقد أغرى المقترض بأن الربا ستجعله ثريا وستحول حياته للأفضل.
ويبدو من هذا التشابه أنه في كلتا الحالتين قد وجه ابليس كلا من آدم وحواء نحو الشجرة اللعينة نفسها، إنها الربا أو ما يسمى سعر الفائدة حديثا، والنتيجة هي نفسها الطرد من الجنة والنعيم والرخاء.