هدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي بورقة ضرب سد النهضة واللجوء إلى الحل العسكري في حال أضرت اثيوبيا بحصة مصر من مياه النيل.
والحقيقة أن هذا التهديد الذي حظي بمتابعة إعلامية قوية وكتب فيه المحللين تقارير كثيرة ليس مفاجئا، أهمية نهر النيل بالنسبة لمصر هي قضية حياة أو موت.
لا شك أن المساس بالحصة المائية لهذه الدولة سينتج عنه اهتزاز قوي للأمن الأفريقي والدولي في المنطقة وقد تكون حربا بين السودان واثيوبيا ومصر.
لكن هذه نظرة ضيقة، ضرب سد النهضة يعني أن مصالح الصين والإمارات وروسيا وتركيا وآخرين في خطر فمشروع هذا السد العملاق تراهن عليه أكثر من دولة في الحقيقة.
ضرب سد النهضة خسارة كبرى للصين:
تتبع الصين سياسة الإستثمار بقوة في أفريقيا من خلال توفير القروض وبناء البنى التحتية وتوظيف عمالها في المشاريع وهي تراهن على السنوات والنشاط التجاري واستغلال المرافئ التي تشارك بها لتستعيد رأس مالها إلى جانب الأرباح.
هذا المشروع الضخم الذي سيساعد على توفير الكهرباء للمزيد من الناس في بلد يصلب عدد سكانه إلى 100 مليون نسمة مثل مصر تموله الصين.
هناك الملايين من الإثيوبيين الفقراء الذين لا يملكون الكهرباء وإذا استطاعوا التوصل إليه فهم سينضمون إلى الإنترنت العالمي وسيتراجع الفقر اجمالا مع ازدهار التجارة الإلكترونية والوظائف الجديدة في البلاد.
استغرق بناء هذا السد حوالي 10 سنوات تقريبا، وتصل قيمته إلى 5 مليارات دولار وهو أكبر مشروع تنموي في شرق أفريقيا.
عندما يملأ خزانه العملاق البالغ 74 مليار متر مكعب أخيرًا وهي عملية بدأت الصيف الماضي وقد تستغرق من 5 إلى 15 عامًا يمكن أن تبدأ توربينات سد النهضة في توليد حوالي 6000 ميغاوات سنويًا من الكهرباء.
وحسب التقارير التي اطلعنا عليها تصل مساهمة الصين في المشروع إلى 1.2 مليار دولار أمريكي وهي صاحبة حصة الأسد في سد النهضة.
قدمت الصين قروضا لإثيوبيا وصلت قيمتها إلى 16 مليار دولار أمريكي، وكل هذا من أجل توفير البنى التحتية والتقدم والخروج من الفقر.
يشكل قيام القاهرة بضرب هذا السد أو تعطيله بأي صورة من الصور ضربة لمصالح الصين التي لا تريد خسارة علاقتها لا بمصر أو اثيوبيا.
الخسارة قد تتعدى 1.2 مليار دولار بالنسبة لها ففشل هذا المشروع يعني أن التنمية في هذا البلد ستعود كثيرا إلى الوراء ولن تتحقق أي نتائج إيجابية، وبالتالي ستخسر الصين القروض التي قدمتها لهذا البلد.
ضرب سد النهضة تهديد لمصالح الإمارات:
تعد الإمارات واحدة من أهم الدول المستثمرة في أفريقيا خلال السنوات الأخيرة، ولديها أكثر من 92 مشروع استثماري في اثيوبيا لوحدها، في مجالات الزراعة والصناعة والعقارات والرعاية الصحية والتعدين.
في المقابل هناك 50 ألف اثيوبي يعيشون في الإمارات ويشكلون نسبة مهمة من العمالة الأجنبية هناك، إضافة إلى ارتفاع الصادرات الإماراتية إلى هذه السوق الأفريقية وتجاوزها 200 مليون دولار.
في عام 2018 أودعت الإمارات 1 مليار دولار في البنك المركزي الإثيوبي لدعم نقص السيولة، فيما تجاوزت الإستثمارات المباشرة أكثر من 3 مليارات دولار.
كل هذه الإستثمارات الإماراتية في هذا البلد الغالية منها أن تعود على الدولة الخليجية بعائدات أكبر من قطاع الإستثمار الخاص بها، لذا فضرب سد النهضة وانهيار التنمية في اثيوبيا هي ضربة أيصال لمصالح أبوظبي.
مصالح دول أخرى ستتضرر في حال ضرب سد النهضة:
كما شرحنا سابقا، فسد النهضة هو مفتاح التنمية الشاملة في اثيوبيا وهو جسرها نحو مستقبل أفضل وبلد مستقر وأقل فقرا وأكثر تطورا، لذا إذا فشل هذا المشروع لأي سبب ولم ينجح خصوصا على مستوى توليد الكهرباء لحل هذه المشكلة وتوفير الطاقة للمصانع والمواطنين، فإن كل هاته الإستثمارات والجهود ستذهب أدراج الرياح.
لذا من الطبيعي أن تضرر مصالح كل الدول التي تتسابق للإستثمار في اثيوبيا بما فيها إسرائيل وتركيا والسعودية والولايات المتحدة والدول الأوروبية والمغرب وقطر.
بلغت استثمارات تركيا في إثيوبيا حاليًا 2.5 مليار دولار، بينما تمتلك قطر 56 ألف فدان واستثمرت 3 مليارات دولار، أما المغرب فقد استمر 3.7 مليار دولار خصوصا لإقامة مجمع ضخم لإنتاج الأسمدة الزراعية، فيما وصلت استثمارات دول الخليج وفي صدارتها السعودية بالمجال الزراعي لوحده إلى 8 مليارات دولار.
أما الولايات المتحدة الأمريكية فقد أبدت منذ أشهر نيتها استثمار 5 مليارات دولار في اثيوبيا، فيما هناك 250 شركة اسرائيلية تستثمر في هذا البلد وهناك تعاون عسكري وثيق بينهما، كذلك الأمر بالنسبة لروسيا التي تبيع لها الأسلحة، ولا ننسى أوروبا التي قدمت لهذا البلد العديد من القروض لدعم التنمية.
كل هذه الدول استثمرت المليارات من الدولارات في هذا البلد الذي تم التسويق له إعلاميا على أنه القوة القادمة في أفريقيا، خصوصا وأن عدد السكان يصل إلى 100 مليون نسمة وهي سوق استهلاكية ضخمة وهدف للشركات متعددة الجنسيات والدول التي تبحث عن الإستثمار في القارة السمراء.
إقرأ أيضا:
سد النهضة اقتصاديا وسياسيا: مصر اثيوبيا الصين أمريكا السودان
فوائد مشروع القطار السريع العلمين – العين السخنة في مصر
مؤامرة السفينة الجانحة بقناة السويس ضد مصر
خطة مصر لحظر الكاش والنقود الورقية قبل 2030