هناك دائما دافع وراء كتابة شيء ما أو تناول موضوع معين أو حتى المشاركة في النقاش حوله، و أهم دافع يقف وراء ذلك هو الدفاع عن الحق أو عن رأينا الذي يحتمل الصواب و الخطأ.
عندما كتبت “ضحكة تقنية: مطلوب مدونين عبيد بسعر زهيد” لم يكن غرضي تشويه أحدهم أو التشهير به بسوء أو الإستهزاء بجنسية معينة على حساب التعصب لأخرى، الدافع أكبر و أسمى من هذه التفاهات التي تفاجأت بأنها تحكم كبار القوم، أقصد بعض مشاهير فيس بوك من المختصين في مجالات سيو و الشبكات الإجتماعية في مصر.
الدافع كان الحفاظ على كرامة المدونين و سمو صناعة التدوين و الرقي بهذه الصناعة التي ستعود على كل الأطراف بنتائج جيدة مادية كانت أو معرفية، القارئ و الكاتب و أصحاب المواقع في مصلحتهم أن يرتقي التدوين إلى أعلى المستويات و هذا لن يحدث أبدا في ظل استعباد المدونين و القيام بمشاريع تجارية يكون فيها المدون آلة حقيرة ينتج الكثير من المقالات بأسعار أقل بكثير من الطبيعي.
بعض الردود كانت تتحدث عن أن 200 دولار ستوفر حياة كريمة للشباب في العالم العربي و بالأخص في مصر حيث الحياة قاسية و الظروف الإجتماعية سيئة، أعلم هذه الحقيقة جيدا لكنني لا زلت معترضا على أنها ليست السعر العادل مقابل 300 مقال انجليزي موجه للويب الأجنبي لذا فحجتهم واهية و يبدوا أن المقصد الحقيقي من رسالتي لم يستوعبوها جيدا قبل الرد.
لكن دعنا نواجه الحقيقة، بعض مشاهير فيس بوك من المختصين في مجالات سيو و الشبكات الإجتماعية المصريين كان الدافع لهم وراء نشر منشورات تتضمن السب و الشتم لي بسبب ما كتبته أنني انتقدت ضمنيا في مقالي ذلك العرض الذي نشره أحد أصدقائهم و الذي وصل إلى صفحة الأحبار من أحد متابعيه، أتحدث عن عرض 300 مقال انجليزي تقريبا بسعر يقارب 200 دولار.
في الواقع ليس بيني و بينه أي عداء أو حتى علاقة صداقة و لست من متابعيه أو مهتما بما يقدمه، لقد صادفت فقط منشورا لأحد متابعيه يتضمن العرض مع عنوان البريد الإلكتروني لصاحب العرض و لم يكن مهما بالنسبة لي من هو صاحبه بقدر ما دفعني احساسي بأن صمتي عن هذه العروض السيئة و انتشارها يعد تواطئا مع السلوكيات التي تهدد سمعة هذه الصناعة، خصوصا و أن الأسعار الضئيلة عادة ما تكون مبررا مقنعا لانتشار المحتوى ذات الجودة السيئة و توجه المدونين إلى النسخ من عدة مصادر و اللصق و عمل مقالات مركبة لا تسمن و لا تغني من جوع.
شخصنة المقال كان الفخ الذي سقط فيه هؤلاء و أظهرهم للمراقبين و المتابعين على أنهم أقل بكثير من المستوى المعهود، عدد منهم لم يكلف نفسه عناء قراءة المقال و تهجم علي شخصيا و ليس على رأيي و كانت أسلحته في الهجوم متعددة و خبيثة، السب و الشتم و العنصرية و الاتهامات الغير الواقعية هو كل ما لديهم للأسف.
لا أرضية صالحة للنقاش وفروها أو حاولوا خلقها، و كنت تمنيت أن يكون النقاش في صلب الموضوع و ليس في شخصيتي أو اسمي الذي يبدوا غريبا لهم أو حتى فقرة “ضحكة تقنية” التي علق أحدهم بالقول “هذا شخص أحمق أطلق على موقعه اسم ضحكة تقنية”، المسكين لم يكلف نفسه عناء قراءة عنوان الموقع و هو الذي يدعي أنه متخصص في الشبكات الإجتماعية!
صاحب العرض مع احترامي له فقد تصرف في البداية بحكمة عندما علق بموضوعية عن المقال على فيس بوك ثم ما لبث و أن حذف رده لأجد تعليقه على منشور لأحد الأصدقاء المشتركين يتساءل فيها متهكما عن السبب الذي دفعني لمسح تعليقه!
لا أصدق أن مجتمع العاملين في مجالات الويب من مصر و الذي لطالما افتخرت به مقرف في حقيقته إلى هذا الحد، و أن المنشورات التي تتحدث عن الأخلاق و عن التعقل و الحكمة و الرد على الانتقادات بذكاء كلها كانت وهما.
عدد من “أصدقائي” على فيس بوك من المعروفين لدي بالصمت و عدم التفاعل خرجوا عن صمتهم و أظهروا وجوههم الحقيقية، ربما لأنني لا أرد على رسائلهم إلا متأخرا أو ربما لأنهم حاقدين في حقيقتهم و يعجبهم المشاركة في حفلات السب و الشتم بصراعات لا تخصهم أصلا، لا يهم السبب لكن الأسمى من كل هذا أنني لا أكن لهم أي ضغينة و يومئذ يحاسب المرء على ما افتراه في حق الأخرين من خير و شر!
هل كانت ردودي عبارة عن سب و شتم؟ سؤال رائع و الجواب لا، الجانب الأكبر من الهجوم الذي تم علي كان لاستفزازي من أجل كتابة منشورات هجومية بطابع غير أخلاقي و هذا لم يحدث، حتى التعليقات كانت بأسلوب محترم.
إذا كانوا هؤلاء يتصورون أنهم على حق و أنهم منتصرين فهم ليسوا كذلك، أنا متمسك بوجهة نظري و أخلاقي في التعامل مع الأخرين و لا أحتاج للسب و الشتم لأعبر عن رأيي، مهارة التدوين و التعبير الحقيقية هي أن تعبر عن رأيك بصدق دون أن تستخدم كلمة واحدة خادشة للحياء و ليس أن تهاجم الطرف الاخر في اسمه و عرضه لإرضاء سيدك أو لتنال إعجاب المنافقين المحيطين بك.
لا تغثر بالحرية التي تتيحها لك الشبكات الإجتماعية و الويب للتعبير عن رأيك فتجلسا متهجما على الناس، تخوض في أعراضهم تستهزئ بأشكالهم و تستغرب أسماءهم، إن كنت صاحب عقل و حكمة كما تدعي فتوقف عن السب و الشتم و ناقشني في الرأي لا في الشكل و دع عنك العنصرية و التعصب، و إن كنت مغرورا بحجم متابعيك و الأوفياء المستعدين للدفاع عنك فدعني أخبرك مسبقا بأنك لن تجد واحدا منهم يدافع عنك يوم الحساب.