نعلم جيدا أن نوكيا سقطت بعد 14 عاما من التفوق في قطاع المحمول، ثم تقزم حجمها وبشكل تدريجي خسرت السوق وأضحت في خبر كان يا مكان في قديم الزمان.
القصة معروفة للجميع، للداني والقاصي والمهتم والغير المهتم، حتى أن هناك قصص درامية يتداولها الناس على الشبكات الإجتماعية خصوصا فيس بوك حول بكاء ستيف بالمار الذي اعتبروه رئيس نوكيا رغم انه رئيس مايكروسوفت الذي قرر شراء قسم الموبايل منها وحولوها إلى قصة درامية ينشرها من حين لآخر بعض مشاهير هذه الشبكة الإجتماعية ليتداولها متابعيهم كالأغبياء.
ها هي نوكيا قد أعلنت الآن عودتها عام 2017 إلى المنافسة بقوة، بفريق جديد وروح جديدة لاستعادة الأمجاد القديمة في مهمة صعبة بل وشبه مستحيلة.
فرح وحماس وسعادة تغمر عشاق الشركة الفنلندية الأوفياء وأنا متأكد أن عددهم قليل جدا، بل إن معظم أنصارها استبدلوها بشركات مثل آبل وسامسونج و جوجل والشركات الصينية، ولاحظت أنهم غير متحمسين إلا للمزيد من جالكسي و آيفون والهواتف من الشركات الأخرى.
وبالنسبة لي، لست متحمسا لهذه الخطوة لكنني سأتابع باستمرار لأعرف إن كانت ستنجح ونستفيد من ذلك أو أنها ستفشل وهذا ما أتوقعه على الأغلب.
نوكيا كعلامة تجارية انتهت وهي ماتت وأحسبها في المقبرة السعيدة إلى جانب الكثير من العلامات التجارية التي أبهرت العالم وسيطرت لسنوات قبل أن تفشل وتموت، وما تفعله الآن هو شيء غير منطقي، يشبه عودة الموتى إلى الحياة للعيش بيننا على هذه الأرض، أو حتى العودة إلى الماضي هربا من الحاضر ومشاكله.
بعد سنوات من الغياب تقبل الملايين من أنصارها وعشاقها الواقع الجديد واختاروا شراء هواتف من علامات تجارية كانوا يعتقدون أنها لن تتفوق يوما على العلامة التجارية الفنلندية، وبعد هذا الغياب تحاول نوكيا الآن أن تستعيدهم مجددا وهو ما يعد صعبا للغاية.
كان من الأفضل على فريق عمل الشركة الخروج بعلامة تجارية جديدة تحمل هواتفها ومنتجاتها لمسة نوكيا، وتكون شركة ناشئة تنافس في هذا القطاع كما تفعل وان بلس الصينية، عوض محاولة إحياء علامة تجارية ميتة فعلا.
تظن الشركة أن إطلاق هواتف أندرويد كافي لتحقيق النجاح، هذا لم يعد شرطا كما هو الأمر قبل أن تتوجه إلى ويندوز فون وتراهن على نظام تشغيل للأسف لم يقارع أندرويد و ios أو يشكل لهما ندا كبيرا، ولو توجهت خلال السنوات الماضية إلى أندرويد لكانت الآن تنافس سامسونج على الزعامة ولتوفرت لها السيولة لتطوير نظام آخر على الهامش كما تفعل سامسونج مع تايزن.
لقد تغيرت الكثير من الأمور في السوق، فالمنافسة لم تعد محصورة بين سامسونج و آبل بل إن الشركات الصينية تزاحمهما بقوة والتوقعات تتجه إلى الإقرار باكتساحها للسوق خلال السنوات القليلة القادمة متفوقة على العملاقين.
الجانب الإيجابي من عودة نوكيا هو أننا سنتعلم درسا جيدا في محاولة احياء الشركات الميتة والعودة بها إلى الصدارة، هل سيحصل هذا؟ أم أن المنطق سيضع حدا لهذا الجنون.