من منا لا يعرف التنمية البشرية أو لم يسمع بها ؟ من منا لم يشتري كتابا للظاهرة إبراهيم الفقي رحمه الله أو على الأقل حمل كتبه من الإنترنت ؟
و من منا لم يسمع بالمحاضرات و الدورات الخاصة بتطوير الذات و تعزيز الثقة بالنفس و اكتساب مهارات القادة و المؤثرين ؟
بعد وفاة الأب الروحي لهذا العلم و على مدار السنوات الأخيرة حدثت حالة كبيرة من التكرار و الإجترار لما قيل سابقا و رأينا أن الشباب العاطل اتجه نصفه ليصبحوا مدربين تنمية بشرية و النصف الأخر نحو حضور تلك التداريب و المحاضرات دون اية نتائج إيجابية .
هناك نتيجة حثمية لهذا الحراك ، إنها كثرة الصفحات التي تنشر مقولات النجاح و التنمية البشرية على فيس بوك مع تحول حسابات أغلب المستخدمين في الوطن العربي إلى منابر لمشاركة تلك المقولات المؤثرة ، مرات و مرات حفظناها عن ظهر قلب فأين التطبيق ؟
النتيجة الأخرى على الويب هي أن التنمية البشرية تحولت إلى تجارة بيع الكلام للناس ، بأسعار اتجهت مؤخرا إلى تخفيضات جيدة مع كثرة المنافسين .
شهادات مزورة يدعي الكثيرين من المدربين أنها حقيقية و من جامعات عالمية و المجال تحول إلى أرض مزدحمة بقطاع الطرق ما أن يفلث الشخص من إغواء الكلمات البراقة و التي تدعوه للإشتراك في دورة تدريبية لتعزيز الثقة بنفسه حتى يسقط في فخ دورة كيف تصبح محبوبا و محط أنظار الاخرين .
على تويتر الوضع لا يختلف كثيرا عن ما يحدث و على جوجل بلس بالعربية هناك امتداد لما يحصل على صفحات العملاق الأزرق … الوضع هو نفسه في كل مكان و نحن نعترف بكل هذه الفوضى لكن هذا لا يعني أن هناك شخصيات و صفحات تقدم قيمة مضافة في هذا المجال و تساعد الناس ليصبحوا أفضل في حياتهم و هذا ليس عيبا كما عمل بعض فقهاء فيس بوك للترويج له … التعميم دائما سيئ .
أقصد بالفقهاء هؤلاء المسوقين و المحاضرين في مجال الشبكات الإجتماعية و التسويق الإلكتروني الذين يروجون بقوة لكون هذا العلم مجرد هراء في أساسه و هو ما لا أراه صحيحا بكل تواضع .
العيب هو أن يقرر بعض العقلاء إطلاق صفحة على فيس بوك تحمل اسما غير منطقيا و تنشر صور مقولات ليس لها علاقة بالتنمية البشرية الغرض منها التشويه بها أكثر مما هي مشوهة مؤخرا من قبل تجار الكلام و هواة لا علاقة لهم بهذا العلم .
المفاجئ أن هذه الصفحة التي تم إطلاقها منذ ساعات عليها اقبال و التي كتبت “عندما تفقد الأمل تفقد الرغبة و عندما تفقد الرغبة تفقد الرؤية و عندما تفقد الرؤية هاتضطر تعمل عملية ليزك و هاتدفع فلوس كثيرة فشخ ” و الأسوأ إدعاء أن صاحب المقولة هو إبراهيم الفقي !
أتساءل متى قال هذا الكلام ؟ و أين و في أي زمان ؟ مجرد استهزاء به و بأخرين مؤثرين و نشر مقولات بالعامية المصرية وفق أسلوب رخيص للغاية .
المشكلة ليست في اللهجة المصرية و لا في المصريين ، إنما هي تكمن في نشر محتوى كاذب و سيء و كل هذا لمحاربة فوضى التنمية البشرية و الصادم أكثر من جهات نعتبرها قدوة عندما يتعلق الأمر بإدارة المشاريع على الويب و لهم حضور قوي على الشبكات الإجتماعية .
كيف يمكن لك أن تحارب الفوضى بفوضى معاكسة ؟ ألا ترى أن تلك الصفحة التي تكبر بسرعة و تتلقى إقبالا جيدا من البداية و هو أمر متوقع ما دامت تقدم التفاهة لن تساهم في حلحلة المشكلة ؟ ألا توجد طريقة أفضل و أكثر تحضرا من هذا الأسلوب الرخيص ؟
ما يجب أن يعلمه صاحب الصفحة التي لا تستحق ذكر إسمها هو أن المحاضرات و الدورات التدريبية الخاصة بالشبكات الإجتماعية و التسويق هي الاخرى أصبحث توازي في الفوضى التي تسببه حاليا فوضى التنمية البشرية أليس الأجدر به أن يجلس مع رفاقه و يقرروا وضع حد لبلبة المسوقين في الوطن العربي و التي تكبر يوما بعد يوم ؟
كما تدين تدان هناك تشابه كبير بين فوضى التنمية البشرية و فوضى التسويق في الوطن العربي و الأجذر أن نركز على عيوبنا .
لنرتقي يا رفاق فنحن جميعا في انحذار خطير نحو قاع جهنم و هذا الطريق المضحك نهايته البكاء .