
يستحق يوتيوب هذه الأيام اعادة النظر في مسرحياته، فالمنصة أصبحت تتعرض للمؤامرات حسب روادها ومشاهيرها، والمؤامرة لا تستهدف جوجل بل صناع المحتوى الشجعان.
كم من مرة صادفنا مؤخرا مقاطع فيديو من مشاهير هذه المنصة، يشتكون من تعليقات الأطفال والحقد ويتحدثون عن مخططات ذكية لإسقاطهم.
مخططات يقف وراءها على ما يبدو أشخاص أشرار وأذكياء في ذات الوقت يستهدفون من خلالها منابر الأمة والتي بفضلها ستتحرر فلسطين من الإحتلال الصهيوني، وسترتقي بجهودها الأمة الإسلامية لتتفوق على الأمم الكافرة والظالمة!
كل مرة يخرج علينا شخص لديه جمهور على يوتيوب بقصة درامية، ويقدم مقطع فيديو بعنوان مثير وجذاب، مثل هذه هي النهاية، قرار اعتزالي، الوداع، ومن الأفضل أن نقترح عليهم عنوانا أفضل: الحسد يلاحقني على يوتيوب وسأغلق قناتي التافهة.
بعد أن تشاهد مقطع الفيديو الدرامي تجد أن أسباب القرار الوهمي، هو الحسد وأن العرب أمة حاسدة، لا تريد الخير لأبنائها، فهي تحارب الناجح حتى يفشل، عكس الأمم الأخرى التي تدعم الفاشل حتى ينجح.
حسنا هذا كلام مؤثر ويبدو صادقا، أمتنا متخلفة وسيئة ورجعية وداعشية وارهابية وبليدة وغبية، ماذا بعد؟ هل سنبقى نردد هذه العبارات السلبية والمتشائمة وننهي مشاريعنا بناء على ذلك؟
بعد مشاهدة المقطع تقوم بجولة في قناة “ضحية الحسد” أو “المستهدف بمؤامرة” لتجد أن مقاطع الفيديو منه عادية، لا توجد بها أسلحة تهدد النظام في بلده أو الأمن القومي أو حتى الأعداء.
مقاطع فيديو بمواضيع مختلفة وعناوين رنانة، كوميدية القالب أو تقنية الخلفية، بعضها ذات قيمة والبعض الآخر مجرد عدد!
نعود إلى الفيديو الدرامي، ونجد مبررات اغلاق القناة غير مقنعة، بل تحمل في طياتها نبرة من التهديد للمتابعين والمشاهدين بإغلاق القناة والتوقف عن الإنتاج، وكأن الإقتصاد الوطني سينهار بإغلاق القناة وسينتشر الحزن في البلاد ويموت الناس جياعا، ولن تقوم قائمة للبلاد والعباد بعد وفاة تلك القناة!
الحقيقة التي يجب أن يواجهها هؤلاء المشاهير، الذين يهددون بإيقاف قنواتهم احتجاجا على الحسد وتعليقات الأطفال وما يسمونه تحريضا ومؤامرة ضدهم، هو أن مصالحهم هي التي ستتضرر، وأرباحهم من يوتيوب هي التي ستتوقف، حينها اقتصاداتهم هي التي ستنهار وهم من سيشعرون بالحزن وقد يمسهم الجوع والفقر.
أما المتابعين والمشاهدين فلديهم أكثر من بديل، والإنترنت مفتوحة للجميع، والحياة لا تتوقف على شخص واحد يا سادة.
منتج المحتوى الحقيقي لا يهدد بإيقاف مساهماته وإنتاجه وابداعه، بسبب الحسد أو لمبررات أخرى قد تكون حقيقية وقد تكون مجرد دراما لإثارة الإنتباه، هو لا يسعى بالضرورة إلى شهرة كبيرة تمكنه من الوصول إلى فئات غير مهتمة بما يقدمه، بل يسعى في المقام الأول لتقديم محتوى جيد وذات قيمة والأرباح تأتي لاحقا والكل رابح في نظره.
إذا كان الحسد مبررا معقولا فلماذا لا يغلق مارك زوكربيرغ فيس بوك، وتتوقف جوجل وتعمل على ايقاف يوتيوب وترحل آبل وتختفي سامسونج، فكلهم محسودين ليس فقط من بضعة آلاف من الأشخاص بل من الملايين حول العالم!
إقرأ أيضا: ضحكة تقنية: البكاء أمام المتابعين موضة التسول التي تجتاح يوتيوب