تعيث أغلب المواقع الإخبارية فسادا على الويب العربي لنرى فضائح وهمية و أخرى حقيقية بعناوين مثيرة و صورا فاضحة مع تهويل و مبالغة ، أخبار كاذبة وراء أخرى بتفاصيل خاطئة تشعل نيران الفتنة على الويب المكتوب باللغة العربية لتصيب الجميع بشكل مباشر و غير مباشر و لا تزال تتمدد على حساب المصداقية في تقديم الخبر .
إنها الصحافة الصفراء يا سادة ، أنا و أنت و الجميع نعرف تلك المواقع الإخبارية الوطنية و الإقليمية و تلك التي تعتبر نفسها لكل الوطن العربي ، نصادفها على محركات البحث و لها صفحات مليونية على الفيس بوك أو أقل بقليل تحث أسماء مشهورة إستطاعت و للأسف التربع على مراتب جيدة من ناحية الزيارات و الشهرة لتقدم لنا و للأخر صورة سيئة عن المحتوى الإلكتروني العربي .
أصبحث أرى أنا و غيري و لا أستبعد أنت كذلك أن الويب المحلي أصبح مرادفه عبارة واحدة ألا و هي الصحافة الإلكترونية الصفراء ، و إذا حاولنا البحث عن المعنى الحقيقي لها نجد أنها تتجلى في المواقع الإخبارية التي تنشر الأكاذيب و الإشاعات تحث عناوين براقة الهدف منها جلب الزوار… الملايين من الزوار .
على مستوى نتائج البحث إستطاعت تلك المواقع تحقيق تقدم نوعي و كلها تنافس على كلمات مفتاحية منها ما يتعلق بالمشاهير و منها ما يتعلق بالأحداث المحلية و أغلبها تنافس على تصدر نتائج بحث “فضائح” و الكلمات المزرية المرتبطة بها .
من يتأمل المحتوى العربي على مستوى الصحافة سيجده مليئا بالأخبار التي تنتجها الصحافة الصفراء و التي لم تساهم أبدا في إرتقاء المجتمعات العربية بل شاعت فيها الرذائل و الأكاذيب التي مست أعراض الناس و كرامتهم و نشرت الفضائح في إطار كشف المستور و هو ما جعل الآفات المجتمعية بالنسبة للجميع اليوم أمورا مستهلكة و عادية .
الاغتصاب و القتل و السرقة … هي العناوين الرئيسية لهذه الصحافة و هي الجرائم التي تفشت بشكل كبير في مجتمعاتنا مع تزايد شهرتها و انتشارها، و لا ننسى التشهير و الخوض في أعراض الناس و بطبيعة الحال تحظى هذه الأخبار بمتابعة قوية و التي لا تحمل أية قيمة مضافة لمجتمعاتنا سوى المزيد من التفكك و الدمار .
المضحك هي حجج المدافعين عن هذه النوعية الرديئة من الصحافة ، يؤكدون بأنها صحافة حرة تنقل الحقيقة و تفضح ما يتستر عنه الإعلام الرسمي التابع للحكومات و أن كشف المستور هو الحل للقضاء عليها … أسف يا أخي فالواقع يقول أنكم تسوقون لهذه الآفات و تجعلونها مع مرور الأيام أمرا عاديا و طبيعيا في نظر القارئ الذي أصبح من كثرة الاطلاع على هذه النوعية من الأخبار بارد المشاعر و فاقدا للإنسانية و ما يزيدك حزنا هو خلق فئة من القراء يبحثون عن الفضائح و يستمتعون بقراءتها و الترويج لها من خلال مشاركتها مع أصدقائهم و الحقيقة التي لا تخفى علينا أيضا هي أن عددهم في ازدياد يوازي ظهور المزيد من مواقع الصحافة الصفراء على الويب .
من المغرب إلى الخليج العربي مرورا بدول شمال أفريقيا و مصر مع دول الشرق الأوسط ، هناك الكثير من الجرائد الإلكترونية التي تعمل ليل نهار على تدمير مجتمعاتها و تحظى بمتابعة قوية ، و كل هذا لأن أصحابها في سعي حثيث وراء الثراء الفاحش من خلال عائدات الإعلانات متجاهلين قيم الصحافة و نقل الخبر مع مسؤوليتهم في إصلاح المجتمع قبل أي شيء أخر و بعبارة أخرى أود أن أخبرك بأن هؤلاء يكذبون عليك من أجل مصالحهم الشخصية .
ما الذي أضافته إلينا متابعتنا اليومية لجديد الفضائح و الأخبار الكاذبة غير فساد العقول و قلة الوعي مع تضييع الوقت على قراءة أخبار لا تحمل أية معرفة يمكنك إستثمارها في حياتك الشخصية و العملية للتقدم و تحقيق النجاح ، لماذا لم يختفي الفساد رغم مئات الجرائد الصفراء و الملايين من روادها ؟ و لماذا أصبحث الجرائم المتنوعة في نظر القراء و مدمني هذه المواقع أمرا عاديا بعد أن كانت من العجائب الصادمة ؟ ألم يحن الاوان بعد أن يعيد أصحاب هذه المواقع النظر في سياسات النشر للأخبار و الابتعاد عن الأخبار المروجة للأكاذيب و تلك التي تحمل عناوين ملفقة لا علاقة لها بالمحتوى ؟
هراء ما تنشره هذه المواقع التي لا تزرع في عقول روادها غير الهراء محققة من وراء ذلك أرباحا جيدة و نسوا أن مهنة الصحافة مبنية على الصدق و الأمانة في نقل الخبر و ليس على الفضائح و الشائعات .
في المقابل أمل أن يعيد القارئ العربي النظر في الوقت الذي يضيعه و هو يتابع هذه المواقع التي لا تضيف له شيء سوى أحزان في البداية و مع الإدمان خليط من الكآبة و السعي لقراءة المزيد و برود دم عند سفكه أو هتك عرض !