رأينا كيف أن آبل و جوجل حطما الأرقام القياسية على مستوى الشعبية و القيمة السوقية و الأرباح، و كيف أن آبل تحقق كل 10 ثوان 12000 دولار تليها مايكروسوفت التي تحقق في نفس الفترة 7000 دولار و جوجل التي تجني 4000 دولار.
نعم رأينا طوابير شراء آيفون و كيف بدأت قصة مجد آبل و اندلاع ثورة أندرويد من جوجل و جالكسي من سامسونج، نحن هنا أمام امبراطوريات عظيمة، ميزانياتها و معاملاتها التجارية أكبر من حكومات الدول و التي باستطاعتها شراء دولة فما بالك بالشركات الناشئة في هذا المجال و خارجه.
هذا يشعر عشاق هذه الشركات بالفخر و بالسعادة مع كل خبر سعيد يؤكد على أن شعبيتها في تزايد لتجتاح القارات و الدول و كل بيت متصل بالإنترنت في أرجاء المعمورة.
عندما أرى أحد عشاق هذه الشركات يؤكد أن آبل و سامسونج و جوجل إمبراطوريات لن تموت لأن ما لديها من أموال يكفيها للتحرك بسرعة و تجديد مداخلها و تدارك أية أزمة تهددها، أشعر برغبة كبيرة في الضحك!
نحن لا ننكر هذه الحقيقة، في وقت مبكر يمكن لهذه الشركات أن تتوقع الأزمة و تتصرف بشكل أذكى لتفاديها، لكن لنفترض أنها أخطأت مثل الإمبراطوريات السابقة، هل تظن أنها لن تموت؟ لو دامت لغيرك ما وصلت إليك!
من حقك أن تشعر بالفخر لأنك من عشاق آبل، فهي شركة عريقة و كبيرة و ناجحة و كذلك جوجل و سامسونج لكن هذا الشعور الممزوج بالتعصب و الإنغلاق على منتجات و خدمات شركة معينة سينتهي بانتهاء مجدها و بتعثرها و سقوطها في فخ الأزمة.
فكم من شخص لقب نفسه بعاشق نوكيا و كان متابعا لأخبارها و معلقا على أحدث منتجاتها و مدافعا عن عظمتها و هيبتها، و الآن ذلك الشخص غير لقبه و تخلى عنه و أصبح من عشاق شركة أخرى أو ربما من المتابعين الذين قرروا الابتعاد عن التعصب لكيان أو لشركة، فلم يعد على الأرجح بإمكانه أن يحرق أعصابه مجددا على قصة جديدة نهايتها لن تكون مختلفة عن السابقة.
عاشق نوكيا قبل أن تنهار كان هو الآخر يشعر بهذا الفخر مثلك تماما، و كان الحديث عن نهاية نوكيا ضربا من الخيال و كلاما غير مقبولا البتة، خصوصا و أن مجدها كان كبيرا و هائلا بالنظر إلى مبيعاتها، فقد باعت أكثر من 250 مليون وحدة من Nokia 1110 و 160 مليون وحدة من هاتف Nokia 3210 و أكثر من 160 مليون وحدة من هاتف Nokia 1200 و أيضا 150 مليون وحدة من Nokia 5230 و لا ننسى بيعها أكثر من 140 مليون نسخة من Nokia 3310 و نفس العدد أيضا من Nokia 2600 و لديها هواتف كثيرة أخرى بيع منها الملايين و أكثر بكثير من آيفون اليوم!
لا أحد كان يتوقع سقوط نوكيا ذات يوم فهي رائدة ابتكار الهواتف و المحمول بدون منازع لسنوات طويلة، و مر أيضا من المجد شركات عملاقة ذات أثر كبير لعل موتورولا التي حققت من Motorola RAZR V3 أكثر من 140 مليون نسخة مباعة أبرزها و لديها تشكيلة كبيرة من الهواتف و المنتجات الناجحة، كما أنها صاحبة أول هاتف محمول و أول راديو سيارة ناجح و لا ننسى أيضا أن أول نقل لصوت بشري من سطح القمر للأرض كان عبر راديو موتورولا الذي نقل صوت نيل ارمسترونج عام 1969.
و هناك العشرات من القصص في مختلف المجالات و القطاعات سواء التقنية أو غيرها و التي تؤكد أن الصدارة لا تدوم لأحد، خصوصا و أن معظم الشركات بمجرد أن تتصدر السوق تتصرف بغرور و تتجنب الإبداع كما كانت، لتصبح كيانات همها حصد المزيد من المبيعات و الأرباح، و تتجاهل عواقب سلوكها الذي سيأتي لا محالة بنتائج مخيبة على المدى المنظور.
ربما اليوم إذا فاتحت أحد عشاق هذه الشركات بالأزمات التي تعاني منها بعضها و التي فقدت جزءا من قيمتها السوقية مؤخرا سينظر إليك بكل تعجب، و لا تستغرب إذا ما ظن أنك مجنون أو حاقد على نجاحها، لقد كان ببساطة هذا رد فعل عشاق شركات لم يعد لها وجود على خريطة المنافسة اليوم، كانوا هم أيضا يرددون أنها امبراطوريات لن تموت و ستظل متصدرة لكل الوقت و أن الأزمات التي عانت منها و أسقطتها فيما بعد هي مجرد كبوة حصان، لكنهم نسوا أيضا أنه ليس بعد كل مرض شفاء أحيانا تليه النهاية.