يبدو أن الصراع بين الجزائر والمغرب حول الصحراء لم ينتهي وفي ظل القيادة الجديدة للجارة الشرقية، لم يتغير شيء بل ازداد التوتر بين الدولتين أكثر من أي وقت مضى.
ورغم ما تعيشه الجزائر من أزمة اقتصادية خانقة إلا أنها لا تزال تعطي قضية الصحراء أهمية كبرى وتتسلح وتشتري الأسلحة وتدرب جماعة البوليساريو.
ويبدو أنها عقيدة الجيش الجزائري الذي يرى في الصحراء المغربية حلا لأزماته، أو على الأقل لتحقيق انجاز كبير لها تبحث عنه منذ عقود، ألا وهو الوصول إلى المحيط الأطلسي.
وكما نعلم جميعا فإن الجزائر تطل على البحر الأبيض المتوسط فقط، بينما المغرب أقرب إلى أوروبا ولديه سواحل تطل على المتوسط والأطلسي.
-
البحث عن ميناء يطل على المحيط الأطلسي
لم تخفي الجزائر قط رغبتها هذه، ولدينا بالفعل معلومات لا يعرفها معظم الشعبين الشقيقين، ألا وهي أن الجزائر لها وجود في الأطلسي بالفعل لكن ليس من بوابة المغرب.
بشراكة مع السنغال في 1980 تعاقدت الجزائر لاستغلال شواطئ الأطلسي الغنية بالأسماك والثورة السميكة لعدة سنوات، ومنذ 2011 تستغل الجزائر بعض سواحل موريتانيا للصيد والحصول على الأسماك لسوقها المحلية إضافة إلى تصدير بعضها.
ومقارنة بين الأسماء في البحر الأبيض المتوسط والأطلسي، يتفوق الأخير من حيث الكمية المتاحة والجودة والتنوع والمغرب غني على هذا المستوى لدرجة أن الأسواق الأوروبية تقبل على شراء إنتاجه أيضا، خصوصا وأنه له سواحل دافئة معظم السنة خصوصا سواحل الداخلة وبعض مدن الجنوب والصحراء.
-
صناعة صيد الأسماك في الجزائر
لا تزال صناعة صيد الأسماك في الجزائر متخلفة على عكس جارتها المغرب التي تطل على المتوسط والأطلسي ولديها انتاج ضخم ومتنوع ومتفوقة على كافة دول شمال أفريقيا، لهذا ترغب الجزائر في أن يكون لها ميناء في الأطلسي وقد حاولت فعل ذلك في السنغال ولديها اتفاق مع موريتانيا، لكن رغم هذه الإتفاقيات إلى أن التكاليف مرتفعة.
استيراد الأسماك من موريتانيا مكلف مقارنة بفعل ذلك من المغرب نفسه، خصوصا إذا كانت هناك طرق معبدة وسريعة من الموانئ المغربية مباشرة إلى الجزائر فستقل التكلفة أكثر.
يمكن مثلا لميناء في مدينة العيون المغربية مرتبط بطريق مباشرة إلى الجزائر أن يساعد هذه الأخيرة في الحصول على انتاج ضخم من الأسماك بأقل تكلفة ممكنة مع الحلول الأخرى والبدائل المتاحة من السينغال وموريتانيا.
-
معاناة الجزائر مع البحر الأبيض المتوسط
تتمتع الدول المطلة على البحر الأبيض المتوسط بفرص جيدة والدول هنا متقاربة والتجارة والنقل في هذه المنطقة مرتفع، لكن الثورة السمكية أقل من المحيط الأطلسي.
يعاني البحر الأبيض المتوسط من التلوث نتيجة ممارسات بعض الدول الغير المسؤولة، إضافة إلى الصراع على الغز الطبيعي واستخراجه ومرور ناقلات النفط التي تلوث البيئة في هذه المنطقة كثيرا.
تُعزى أسباب ضعف الإنتاج السمكي للبحر الأبيض المتوسط إلى قلة خصوبته أيضا خصوصا وأنه شبه مغلق وليس مع الأطلسي الذي يشهد انتقالات عظيمة للأسماك من الصغيرة إلى الكبيرة وعيش أنواع كثيرة من هذه الكائنات في هذا البحر.
لهذا من المهم بالنسبة للجارة الشرقية البحث عن منفذ نحو المحيط الأطلسي وهو ما سيتحقق في حال خسر المغرب قضية الصحراء وتحققت دولة مستقلة هناك.
-
الشراكة بين الجزائر والمغرب هي الحل
لا يزال الخلاف حول الصحراء أكبر مشكلة بين الجزائر والمغرب وسر جمود الوضع الاقتصادي والإجتماعي بينهما والعقبة التي منعت قيام اتحاد المغرب الكبير.
ولن يكون أمام البلدين سوى خيار واحد وهو التفاوض والتحاور وحل خلافاتهما مباشرة وتقديم تنازلات متبادلة، حينها يمكن للبلدين الإستفادة من إمكانياتهما.
يمكن حينها أن يسمح المغرب لجارته الشرقية باستغلال الأطلسي من خلال ميناء واحد أو عدة موانئ، وهو ما سيزيد من صادرات المغرب من الأسماك وتحصل الجزائر على منتوجات جيدة لأسواقها بسعر منخفض ومميز.
هذا يعني أن الشركات المغربية والجزائرية في هذا القطاع سترفع من حجم مبادلاتها ومن الأنشطة التجارية وبالتالي توظيف قاعدة أكبر من المغاربة والجزائريين، بل إنها بوابة لشراكة أكبر تضم تونس ويمكن أن تصل في أبعد مداها إلى مصر.
أما مسألة الحرب والرهان على أن يخسر المغرب الصحراء فهي أحلام واهية ولن تزيد الطين إلا بلة والمجتمعات المغاربية إلا فقرا وتخلفا.
إقرأ أيضا:
المغرب: أسباب زيادة الرسوم الجمركية على منتجات تركيا
اصلاحات اقتصاد الجزائر: رؤية 2030 لتجنب مأساة فنزويلا
كيف تفوقت تونس على المغرب في استقطاب السياح من ليبيا والجزائر؟
هكذا تستفيد برشلونة و مارسيليا من القطيعة الإقتصادية بين المغرب والجزائر
فلتذهب الحرب بين الجزائر والمغرب إلى الجحيم ولننهج تعاون الصين والهند