بعيدا عن النتائج المالية للربع الثاني والتي كانت أقل من نفس الفترة من العام الماضي بالنسبة لشركة آبل، وبعيدا أيضا عن توقعات الشركة بربع ثالث سيكون اقل فإن الشركة الأمريكية تعمل على ايجاد حلول لهذه الأزمة التي تجاوز عمرها عاما واحدا.
ومن المعلوم أن آبل لن تسقط بسهولة في هذه المعركة الشرسة التي لم تعش مثيلا لها في التاريخ، خصوصا وأنها تأتي بعد أن تصدرت الشركات العالمية في القيمة التجارية والسمعة وثقة المستثمرين بها وبقدرتها على الوصول إلى تريليون دولار في قيمتها السوقية مستقبلا، لكن هذا لم يحدث بل تراجعت قيمتها من 700 مليار دولار إلى 500 مليار دولار تقريبا في ظرف 12 شهرا.
هذه الأزمة المندلعة لا تعتمد فقط على تراجع مبيعات آيفون لكن محور مهم منها يدور حول الثقة ووضوح المستقبل، المحللين الذين يعرفون أن المنافسة تقدمت كثيرا وأن آبل تأخرت عن سامسونج وحتى الشركات الصينية في قطاع الهواتف الذكية ينظرون إلى مستقبل هذه الشركة بتشاؤم.
وإلى الأمس القريب أجمعت الأغلبية على أن آبل هي بلاك بيري اخرى، شركة عملاقة ستفقد ريادتها بالتدريج وستصل إلى ما وصلت إليه الشركة الكندية التي تقاتل أزمة عمرها 9 سنوات واحتمالات التخلص من قسم الموبايل الذي صنع لها المجد ترتفع وآخر محاولاتها هو الهاتف BlackBerry DTEK50 الذي تريد معه اكتساح قطاع الموبايل مجددا.
سبب آخر في أزمة آبل يتعلق بوضعيتها في الصين، هذه الشركة تواجه مخاطر كبيرة هناك بالفعل وكما تعرضت جوجل للطرد من هذه السوق بسبب خلافها مع الحكومة الصينية هذا الخطر لا يزال قائم بالنسبة لمنافستها الأمريكية رغم أن هذه الأخيرة أكثر تفهما للسوق الصينية.
السوق الصينية الكبيرة هي كنز بالنسبة لأي شركة تتمكن من الدخول إليها وتحقيق نجاح كبير هناك، لكنها في ذات الوقت سوق ذات تنافسية عالية ومخاطر كبيرة لكن الفرص الهائلة هناك تستحق كل التضحيات الممكنة والمطلوبة.
وفيما تعمل آبل على احترام القوانين الصينية وتجنب أي احتكاك مع السلطات فقد لاحظنا أيضا كمراقبين تغيرا ايجابيا في فلسفة تيم كوك باتجاه هذه السوق، ليس فقط من خلال سياسة التودد التي يمكن أن تفشل بل من خلال الاستثمار في الشركات الصينية أولها Didi Chuxing التي تعد بديلة Uber لتطبيق سيارات الأجرة.
خلال الأسابيع الماضية استثمرت الشركة الأمريكية فيها حوالي مليار دولار وهو ما تأكد بأنه سيعود عليها بالمزيد من الايرادات من هذه السوق، خطوة جيدة أليس كذلك؟ صحيح لكن ليس هذا هو الخبر السار فقط بل اندماج Didi Chuxing و Uber في صفقة لم يتوقع أحد و بالطبع آبل سعيدة بهذا الخبر.
- شركة Uber عاجزة عن المنافسة في الصين
الشركات الأمريكية والأجنبية لا تحترف التعامل مع السوق الصينية التي تميل أكثر للمنتجات والعلامات التجارية المحلية أكثر من العالمية.
وبالطبع Uber الناجحة في الأسواق العالمية والتي تعد الأنجح بقطاع تطبيقات سيارات الأجرة واجهت صعوبات في التوسع بالصين وحاولت كثيرا دون فائدة.
ومن العقبات التي وجدتها هناك هي شركة Didi Chuxing منافستها المسيطرة على السوق الصينية والتي تقدم خدمة ذات جودة عالية.
ونتيجة لهذا التنافس القوي خسرت Uber حوالي 2 مليارات دولار في الصين فيما سيطرت Didi Chuxing على 87% من السوق الصيني.
وكانت الشركة الأمريكية على أعتاب أزمة بسبب اخفاقها في السوق الصينية إلا أنها اختارت بذكاء خيارا آخر يضمن لها المنافسة في السوق الصينية بشكل أفضل.
- الاندماج في شركة Didi Chuxing هو الحل.
صفقة Didi-Uber لا تعني أننا سنرى شركة جديدة كليا تنافس في كل دول العالم بل إنها صفقة اندماج في السوق الصينية تعمل على اثرها الشركتين ضمن شركة واحدة في الصين.
هذه الشركة الناتجة عن هذا الاتفاق تقدر قيمتها بـ 35 مليار دولار أمريكي منها 7 مليار دولار أمريكي هي حصة Uber China أي 20 في المئة فقط، فيما الحصة المتبقية هي لشركة Didi Chuxing.
ببساطة فإن Uber China أصبحت جزءا من Didi Chuxing وكلما حققت هذه الأخيرة تقدما في السوق الصينية كلما حصلت أوبر على المزيد من العائدات والأرباح دون أن تبذل جهدا في فهم السوق الصينية المعقدة.
- حاليا Uber China و Didi Chuxing يخسران في الصين
طيلة الأشهر الماضية من المنافسة بين العملاقين الصيني المسيطر والأمريكي لم يحقق أي منهما أرباحا صافية، وفيما تعتمد الأولى على مساهمات علي بابا و Tencent وحصلت أخيرا من آبل على مليار دولار فإن أوبر هي الأخرى تنفق أموالها في الصين دون ان تعود عليها بالأرباح.
ومع دمج Uber China في Didi Chuxing وارتفاع القيمة السوقية لهذه الأخيرة إلى 35 مليار دولار سيتم التركيز على الربحية وان يعود كل دولار تم انفاقه سابقا بالأرباح الصافية.
- آبل و علي بابا والسعودية و آخرين أبرز الرابحين من هذه الصفقة
فيما يعني اندماج Uber China في Didi Chuxing الكثير للمنافسين في السوق الصينية، فإن آبل التي استثمرت مليار دولار خلال ماي الماضي وجدت نفسها أمام فوز مهم لها بينما تعيش أياما عصيبة منذ شهورا طويلة.
المستثمرين في الشركة متفائلون جدا ويرون قرار تيم كوك باستثمار 1 مليار دولار في Didi Chuxing على أنها خطوة ذكية للغاية.
علي بابا التي وضعت أموالا في Didi Chuxing هي الأخرى حان الوقت لتحصد الأموال من قطاع تطبيقات النقل التشاركي ونفس الأمر أيضا لشركة Tencent صاحبة الكثير من منتجات وخدمات الإنترنت ومنها تطبيق الدردشة WeChat.
وأما عن السعودية التي استثمرت سابقا في Uber الأمريكية فهي الأخرى من الرابحين من هذه الصفقة فحصة الشركة التي تصل إلى 20 في المئة من Didi Chuxing ستعود عليها بعائدات جيدة ومرضية لها وللمستثمرين فيها دون أن تخسر المزيد من الأموال.
نهاية المقال:
بموجب هذه الصفقة أصبحت Uber China جزءا من الشركة الصينية Didi Chuxing التي ارتفعت قيمتها السوقية إلى 35 مليار دولار منها 7 مليارات دولار للشركة الأمريكية.
الآن وبعد أشهر من الخسائر للعملاقين ستعمل الشركة الجديدة على تحقيق الأرباح الصافية وهو ما سيعود على آبل و علي بابا والسعودية و آخرين بعائدات معتبرة تضمن بهم التواجد بالسوق الصينية بطريقة غير مباشرة.