تراجع عائدات شركة آبل من آيفون ومنتجات الهاردوير الأخرى التي تقدمها يدفعها للبحث الآن عن مجالات جديدة يمكن أن تسيطر عليها وتحافظ من خلالها على هيبتها وقوتها التجارية التي تتعرض للتقزيم بسبب الأزمة الراهنة.
وقد رأينا عدد من الشركات الأمريكية التي تواجه منافسة وصعوبات كبيرة في القطاعات التقنية الإستهلاكية مثل الحواسيب والهواتف الذكية وخدمات الأفراد تتوجه إلى قطاع الأعمال والشركات لتقدم خدماتها ومنتجاتها لهذا العالم الذي تتزايد فيه الشركات التي تعتمد على الحوسبة تقنياتها في إدارة العمليات، وفي هذا الصدد نجد HP و IBM وحتى Dell فيما لا ننسى مايكروسوفت التي لها باع طويل في هذا المجال وتقدم العديد من المنتجات والخدمات منها سكايب للأعمال و ويندوز وأيضا حزمة أوفيس التي تعد الأفضل في العالم على مستوى الإنتاجية باعتراف شركة آبل نفسها التي قررت منافستها بقوة في هذا المجال.
من جهة أخرى نجد أن بلاك بيري التي تراجع نفوذها بشكل كبير من قطاع الهواتف الذكية بدأت في الرفع من عائداتها من قطاع الأعمال والشركات الذي تعول عليه لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.
ومؤخرا عقدت آبل اتفاقية مع شركة الإستشارات وخدمات التوظيف Deloitte التي لديها 244,400 موظف وبناء عليها سيستفيد الطرفين من هذه الصفقة التي لا يمكن تجاهلها دون الحديث عنها وتناول أبعادها، فيما يعد هذا الأمر خبرا سيئا لكل من العملاقين بلاك بيري ومايكروسوفت.
- صفقة جيدة لشركة آبل
بناء على هذا الإتفاق فإن 5000 مستشار يعمل بشركة Deloitte هم متاحين لشركة آبل لمساعدتها في قطاع الأعمال، بينما أطلقت Deloitte برنامج EnterpriseNext وهذا للشركات التي تستخدم في أعمالها منتجات آبل مثل آيفون للتواصل الداخلي وايضا حواسيب آيباد وحواسيب الماك بمختلف أنواعه منها المكتبية والمحمولة، اضافة لتوفير حلول المشكلات التي تقابل الموظفين بالشركات التي تتعامل بها والتي تستخدم منتجات الشركة الأمريكية.
وللعلم فإن Deloitte نفسها لديها 100 ألف جهاز يعمل بنظام iOS على آيباد و آيفون تستخدم في مكاتبها، ومن المنتظر أن يرتفع هذا العدد في المستقبل المنظور ليشمل بقية المكاتب والموظفين لديها الذين يبلغ عددهم كما اشرنا سابقا إلى 244,400 موظف.
- آبل لديها استراتيجية لإقتحام قطاع الأعمال
بالنسبة للرئيس التنفيذي تيم كوك فإن العودة إلى الوراء في هذا الموضوع غير وارد، و هم في شركة آبل ينظرون إلى أن هذه الخطوة منطقية جدا بالنسبة لشركتهم، فمع انتشار قوي لهواتف آيفون وحواسيب آيباد في مكاتب الشركات وتقديمها لأفضل تجربة استخدام ممكنة في قطاع الأعمال ترى الشركة بأنه حان الأوان لتعزز من تواجد أجهزتها وخدماتها في هذا القطاع وتوفر للشركات الحصول على الأجهزة والخدمات وفق عروض خاصة ومربحة للطرفين.
وقبل عامين عقدت الشركة اتفاقية مع IBM والتي على أساسها ستسمح لشركة آبل بالتعرف على التحديات التي تواجه الشركات اليوم وكيف يمكن لهواتف آيفون أن ترفع من الإنتاجية وتعزز من فكرة استخدام الهواتف الذكية في هذا القطاع.
وبناء على هذه الإتفاقية نجد أن آبل تقدم للشركات والمؤسسات هواتف آيفون محملة بتطبيقات وتقنيات من تطوير IBM في مجال الأمن والمزامنة وتسهيل العمليات الخاصة وأيضا استخدام البنية التحتية السحابية الخاصة بها أيضا في هواتف آيفون وحواسيب آيباد.
- خسارة أخرى لشركة بلاك بيري
قبل سنوات كانت بلاك بيري الخيار المفضل لشركة الإستشارات وخدمات التوظيف Deloitte والتي تستخدم الالاف من هواتفها الذكية وخدماتها المختلفة وتساعد الشركات العميلة لها في الدعم الفني لهواتف العملاق الكندي ومنتجاته المختلفة.
وفي ظل انهيار قسم الموبايل بالنسبة للشركة الكندية فإن التخلي عنها لصالح آبل هو الخيار المفضل لها والذي جاء بعد أيام قليلة فقط من تغيير بلاك بيري الإستراتيجية والتوقف عن تصنيع هواتفها بنفسها لتعطي الترخيص لشركات أخرى بتصنيع وإنتاج هواتف تحمل علامتها التجارية التي ستظل حاضرة في قطاع الهواتف الذكية.
وفي لقاء صحفي مع جريدة Financial Times قال الرئيس التنفيذي لشركة آبل أن الجميع يعرف بأن هواتف بلاك بيري تراجعت بشكل كبير منذ سنوات وأن شركته تنظر إلى حصتها على أنها فرصة ففي النهاية “هذه قواعد لعبة الأعمال”.
- ضربة لمنافستها مايكروسوفت
المنافسة بين آبل ومايكروسوفت لا تتوقف وتشمل الكثير من المجالات التي تتعارض فيها مصالحهما، والآن الصراع بينهما أصبح مباشرا في قطاع الأعمال والشركات.
على مدار السنوات الأخيرة عززت مايكروسوفت من تواجدها في هذا القطاع بسرعة كبيرة وهائلة أيضا، وهي توفر من منتجاتها نسخا للشركات والمؤسسات كما أنها تبذل كل الجهود لرفع عائداتها من هذا القطاع وبالطبع نجحت في ذلك.
ولمن يتساءل عن بقاء هذه الشركة في المركز الثالث ضمن أقوى العلامات التجارية في العالم من 2006 وإلى الآن دون أن يهتز ترتيبها رغم سقوط شركات وصعود أخرى بل وزادت قيمتها السوقية بحوالي 200 مليار دولار بالرغم من فشلها في قطاع الموبايل والمشاكل التي واجهتها في أواخر عهد ستيف بالمار، فإن الجواب ببساطة هو تقدمها الكبير في قطاع منتجات وخدمات الشركات والمؤسسات والذي عوض تراجع نفوذها في سوق المستهلكين الأفراد.
خسارة صفقة التعاقد مع شركة Deloitte هي ضربة مؤلمة لها بطبيعة الحال وهي نتيجة ضعف هواتف ويندوز فون الذي لن تختاره شركة بهذا الحجم لها الكثير من الشركات العملاء التي تود استخدام هواتف تتوفر لها كل أنواع وأنماط التطبيقات وليس فقط التقنيات العالية.
نهاية المقال:
صفقة آبل و Deloitte هي انتصار بالنسبة للسيد تيم كوك الذي يقود الشركة العملاقة لتجاوز أزمتها الراهنة من خلال التركيز على قطاع الأعمال والشركات الذي أنقذ مايكروسوفت خلال السنوات الماضية من أزمة كانت لتشتعل مع تراجع نفوذها في سوق المستهلكين الأفراد بل وساعدها في زيادة قيمتها السوقية بأكثر من 200 مليار دولار أخرى جعلتها صامدة في المركز الثالث بأقوى العلامات التجارية أكثر من عشر سنوات وإلى الآن.
وبالنسبة لعدوة آبل ونتحدث عن بلاك بيري فإن هذه هي أول تداعيات تراجع مبيعات هواتفها وتوكيل مهمة الإنتاج لشركات طرف ثالث لتهتم بقطاع السوفتوير الذي يعيش وقتا جيدا.