يبدو أن السلطات الجزائرية تحاول شراء ود الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من خلال منح الشركات الأمريكية تراخيص التنقيب عن النفط في الجزائر.
وقد وقّع مجمع “سوناطراك” النفطي الجزائري مذكرة تفاهم مع شركة “شيفرون” الأمريكية، واحدة من أبرز عمالقة الطاقة عالميًا، لتمكينها من استخراج النفط والغاز من حقلين يقعان في كل من ولاية إليزي وولاية ورقلة جنوب شرق الجزائر.
وتهدف هذه الاتفاقية إلى تطوير الموارد النفطية والغازية المكتشفة في حوضي “أحنات” بولاية إليزي و”بركين” بولاية ورقلة، مما يمثّل دخول “شيفرون” الأول إلى السوق الجزائرية.
هل تستخدم الجزائر ورقة النفط للضغط على واشنطن؟
تثير هذه الخطوة تساؤلات حول ما إذا كانت الجزائر تسعى لتوظيف ورقة النفط والغاز لتعزيز نفوذها داخل الولايات المتحدة، وسط مساعيها لإقناع واشنطن بالتراجع عن اعترافها بالسيادة المغربية على الصحراء.
وزير الطاقة والمناجم الجزائري، محمد عرقاب، كشف عن طموح الجزائر لإنتاج 200 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي موجهة للتصدير، في وقت يبلغ إنتاج البلاد اليومي من النفط الخام مليون برميل.
ولكن يبدو أن “سوناطراك” تتجاوز دورها التقليدي كلاعب اقتصادي لتصبح جزءًا من الديناميكيات السياسية المرتبطة بملف الصحراء.
وهناك خلافات واضحة في العلاقات الأمريكية الجزائرية التي تم تعزيزها مؤخرا، أولها حول قضية الصحراء المغربية والثانية حول اتفاقيات التطبيع أو الإتفاقيات الإبراهيمية التي قد تشارك فيها موريتانيا وتونس وستتعرض الجزائر للضغوط للمشاركة فيها.
الشركات الأمريكية تستغل النفط الجزائري
في خطوة مماثلة، فتحت الجزائر الباب أمام شركة “إكسون موبيل” الأمريكية للتنقيب عن النفط داخل أراضيها في مايو الماضي.
وأعلنت “سوناطراك” أن الاتفاقية تتيح للشركاء استكشاف الفرص المتاحة لتطوير الموارد النفطية في حوضي “أحنات” و”قورارة”، مع التركيز على الابتكار التكنولوجي واحترام البيئة.
وتزامنت هذه الاتفاقية مع تكثيف “سوناطراك” لأنشطتها الدبلوماسية خارج الجزائر، بما في ذلك تعزيز العلاقات مع مشرّعين أمريكيين.
الاتفاق مع “إكسون موبيل” يمثّل تحولًا كبيرًا في السياسة النفطية الجزائرية، إذ ستصبح الشركة الأمريكية منتجًا ومصدرًا للنفط الجزائري.
وتؤكد “سوناطراك” أن هذه الشراكات تأتي في إطار الالتزام بأفضل الممارسات في مجالات الاستدامة والابتكار.
الجزائر تلعب اللعبة الأمريكية القديمة
تأتي هذه التحركات الجزائرية مع زيادة التوترات الإقليمية بشأن قضية الصحراء يضعها في سياق سياسي حساس، حيث اعترفت كل من فرنسا واسبانيا بمغربية الصحراء بعد الإعتراف الأمريكي.
وتسعى الجزائر على ما يبدو لاستخدام مواردها النفطية لتعزيز موقفها الجيوسياسي، خاصة مع تزايد نفوذ واشنطن في المنطقة بفضل الاتفاقيات الإبراهيمية التي ترفضها الجزائر بشدة.
رغم الفوائد الاقتصادية المحتملة لهذه الشراكات، تواجه الجزائر تحديات كبيرة، من أبرزها قدرة “سوناطراك” على الحفاظ على سيطرتها على قطاع الطاقة في ظل تزايد نفوذ الشركات الأجنبية.
كما أن استخدام النفط كورقة ضغط سياسي قد يكون محفوفًا بالمخاطر إذا لم تُدار بحذر، خصوصا وأن الولايات المتحدة ليست بحاجة إلى النفط الجزائري لكن شركاتها مهتمة بتطوير الحقول الجزائرية.
من جهة أخرى، فإن المعارضة الداخلية قد تتزايد ضد هذه الاتفاقيات، خاصة إذا شعرت القطاعات المحلية أن المصالح الوطنية تُعرض للخطر لصالح الأجندات الخارجية.
بين الطموحات الاقتصادية والاعتبارات السياسية، يبدو أن الجزائر تراهن على علاقاتها مع عمالقة الطاقة الأمريكية لتعزيز نفوذها على الساحة الدولية.
لكن يبقى السؤال: هل يمكن لهذه الاستراتيجية أن تؤتي ثمارها في مواجهة الضغط السياسي والاقتصادي المتزايد؟ وكيف ستُوازن الجزائر بين طموحاتها الاقتصادية والحفاظ على سيادتها الوطنية؟