تخوض الولايات المتحدة والصين حربًا تجارية منذ يوليو 2018، في ظل الوضع الراهن فرضت الولايات المتحدة تعريفة على منتجات صينية بقيمة 250 مليار دولار أمريكي، وهددت بتعريفة جمركية على 325 مليار دولار أمريكي المتبقية.
جرت جولات متعددة من المحادثات بين ممثلي التجارة من البلدين في واشنطن العاصمة وبكين، لكن الآمال في التوصل إلى تسوية وشيكة لم تعد مضمونة بعد تصاعد الحرب مؤخرا.
تستمر الحرب التجارية وسط تصريحات منها السلبية ومنها الإيجابية التي تبشر بأن الحرب ستضع أوزارها قريبا.
إن التعامل مع هذا الأخير – المنافسة من الشركات المملوكة للدولة والوصول المقيد إلى الأسواق – هما مطلبان رئيسيان من قبل المفاوضين التجاريين الأمريكيين الذين يريدون من الصين أن تنفذ إصلاحات هيكلية حقيقية عن طريق الحد من دور الدولة في اقتصادها وفتح فرص الوصول إلى الأسواق للجهات الفاعلة في القطاع الخاص.
ورغم أنني أميل لحقيقة أن التوتر التجاري سيستمر بين البلدين لفترة طويلة حتى إن توصلا إلى اتفاق تجاري قريبا.
هناك 3 سيناريوهات يمكن أن تحدث الفترة القادمة الحرب التجارية بين الصين وأمريكا هي التي سنتطرق إليها في هذا المقال:
-
تحمل الخسائر واستمرار الحرب في انتظار سقوط الآخر
لا يريد أي من الطرفين أن يبدو ضعيفًا ويتطلع الجانبان إلى إنشاء معسكرات من نوع الحرب الباردة، تصاعد الحواجز الجمركية وغير الجمركية يجعل من المستحيل على الشركات الصينية القيام بأعمال تجارية في الولايات المتحدة والعكس بالعكس.
ترفع الرسوم الجمركية المرتفعة التكاليف للموردين والمصنعين وتجار التجزئة والمستهلكين، مع ارتفاع الأسعار تقل أحجام الإنتاج وتقل هوامش الربح وتتوقف الشركات عن العمل وتضيع الوظائف.
تبدأ الصين في الاستثمار بقوة في علاقاتها السوقية مع أوروبا وإفريقيا وآسيا وأمريكا اللاتينية، وتفعل الولايات المتحدة نفس الشيء، تسعى الشركات الأمريكية إلى تحويل نظامها الإيكولوجي لسلسلة التوريد من الصين إلى جنوب شرق آسيا جزئيًا أو كليًا.
هذا السيناريو مكلف للغاية وسيعود على الإقتصاد الصيني والأمريكي بأضرار كبيرة، وسوف تمارس الشركات ضغوطًا أكبر على الحكومتين للتراجع، والتي لن تتمكن ماكينات الدعاية من تخفيفها.
الولايات المتحدة والصين هما أكبر الاقتصادات في العالم وأكبر الأسواق، وهي في قلب سلسلة التوريد الصناعية العالمية، لن يكون باستطاعة البلدين الحفاظ على حرب تجارية طويلة، ويمكن أن تؤدي الحرب التجارية الشاملة إلى ركود عالمي جديد.
-
العودة إلى طاولة المفاوضات مع رغبة قوية في انهاء الحرب التجارية
يوافق ترامب ونظيره شي على إنهاء الأعمال الحربية التجارية والموافقة على المحادثات، وعلى اثره يتراجع كلا الجانبين يتراجعان إلى مواقعهم الأولية ويسحبون رفع التعريفة الجمركية.
يتم الوصول إلى الوضع الراهن الجديد حيث تستأنف التدفقات التجارية كالمعتاد، لكن قادة الأعمال في كلا البلدين يقيمون بجدية تعرضهم للخطر في المستقبل.
يعتبر جنوب شرق آسيا الفائز الأكبر في الحرب التجارية بين الولايات المتحدة والصين، حيث تدرك الشركات متعددة الجنسيات الحاجة إلى تقليل اعتمادها المفرط على النظام الإيكولوجي لسلسلة التوريد في الصين.
تواصل الصين من جانبها الاستثمار في الارتقاء بسلسلة التوريد وتقليل اعتمادها على البحوث والتكنولوجيا الأمريكية.
يبدو السيناريو أكثر ترجيحًا، على الأقل في المدى القريب، حيث أن سوق الأسهم الأمريكي لم يتفاعل بلطف مع عدم اليقين الاقتصادي المتزايد بسبب الحرب التجارية.
سيشعر تجار التجزئة والمستهلكون بالألم بشكل أكثر حدة إذا بقيت الرسوم الجمركية على الواردات الصينية مرتفعة.
في حالة الصين، سيدفع انخفاض التوظيف وإصلاح القطاع المالي والتباطؤ في قطاع الصناعات التحويلية والاستهلاك المحلي الحكومة إلى الدخول في محادثات مع الولايات المتحدة.
ومع ذلك، حتى إذا تم الاتفاق على وقف الحرب التجارية، فإن الصراع التجاري سوف يؤثر بشكل دائم على كيفية قيام الشركات الأمريكية والصينية بأعمال تجارية مع بعضها البعض.
-
التوصل إلى اتفاق بتنازلات صينية كبرى
يبدو هذا السيناريو مستبعدا، حيث ستقدم الصين على تقديم تنزيلات كبيرة كي تتوقف الحرب التجارية عليها، وهو هدف كل من الحزب الديمقراطي ونظيره الجمهوري.
هذه التنازلات منها التحسن في مؤشر حقوق الإنسان وفتح السوق الصينية أمام الشركات الأجنبية وتقليل تدخل الدولة في الإقتصاد والتوجه إلى تعزيز القطاع الخاص.
هذا يعني رفع الحظر على عدد من الشركات الأمريكية الممنوعة ومنها فيس بوك وكذلك جوجل وازالة الرقابة على الإنترنت.
ستتخلى الصين الشيوعية عن الكثير من مبادئها إذا تم الإتفاق بناء على تنازلاتها لصالح التصالح مع الولايات المتحدة الأمريكية.
نهاية المقال:
لن يتوصل البلدان إلى أي اتفاق تجاري في اليابان نهاية هذا الشهر بقمة العشرين، وهو ما يعني أن السيناريو الأول مستمر.