كان الغرض من طوفان الأقصى على ما يبدو تحقيق انتصارا للقضية الفلسطينية، لكن التنكيل بالجثث والهجوم على المدنيين ومقتل أجانب من جنسيات مختلفة ضرب القضية في مقتل.
كان الناشطون الفلسطينيون والعرب يتبادلون مقاطع الفيديو ويحتفلون بها، في الوقت الذي كان يراقب فيه العالم هذه الجرائم ضد المدنيين وفهموا منها أن حماس لا تختلف كثيرا عن داعش.
واستغلت إسرائيل بالفعل تلك الحماقة لصالحها، حيث أشهدت العالم على الجرائم التي ارتكبها المهاجمون من غزة، وحصلت على الضوء الأخضر من الدول العظمى لدك غزة.
تستمر القوات الإسرائيلية في شن الغارات على مدار الساعة وتجهز قواتها البرية لاجتياح سيحدث ربما في الأسابيع القادمة، في وقت أغلقت فيه المنافذ على القطاع، ونصحت الشعب الغزاوي بالتوجه إلى مصر.
وتريد مصر أن تضمن للفلسطينيين ممرا آمنا إلى مصر، وأن لا يتم استهداف تلك العائلات والأفراد التي ستنزح إلى سيناء المصرية، ويبدو اننا أمام خطة لتهجير مليوني فلسطيني إلى الأراضي المصرية.
بالنسبة للقاهرة تبدو الضحية الأكبر في هذا المشهد، فهي من جهة ملتزمة أخلاقيا بتوفير ملاذ آمن للمهاجرين إليها، ومن جهة أخرى تخشى أن يكون ما يحدث الآن بداية لاستيطان فلسطيني في سيناء.
لكن هناك عروض بالفعل إسرائيلية وربما غربية، منها محو كافة الديون الخارجية لمصر وحصولها أيضا على مليارات دولارات ومكاسب أخرى مقابل إقامة دولة فلسطينية في سيناء.
وهذا العرض في حال كان حقيقيا فهو مغري للغاية، حيث سيساعد مصر في تجاوز أزمتها الاقتصادية وتحقيق فائض تجاري وفي النقد الأجنبي، وحتى في حال تعويم كامل للجنيه المصري سيتحسن بشكل قوي مقابل الدولار الأمريكي ما سيساعد أيضا في القضاء على التضخم.
ليس واضحا إن كانت ستقبل مصر بهذا العرض، فيما من المؤكد أن النازحون من غزة سيتزايد عددهم بمئات الآلاف في حال تم توفير ممر آمن لهم إلى سيناء، فيما سيواجه عناصر حماس والمقاتلين من الألوية الجهادية الأخرى الحرب في الميدان وسيتم ابادتهم.
تتبنى فعلا أصوات كثيرة في الحكومة الإسرائيلية هذا النهج، تهجير الفلسطينيين من القطاع إلى سيناء بشكل آمن، والقضاء على كافة البنايات والمنازل والمواقع العسكرية في غزة وتمشيطها بالكامل ومن ثم السيطرة عليها.
الإسرائيليون عازمون على هذا الطريق، خصوصا وأنهم يعتقدون أن العيش وبجانبهم غزة يسيطر عليها مسلحين هو أمر غير مقبول حيث سيتعرضون لهجمات مماثلة لما قامت به حماس مؤخرا.
لهذا يقترحون الحل وهو بناء دولة فلسطينية نظامية في سيناء، والسيطرة على غزة، وربما يذهب فصيل منهم إلى فكرة السيطرة على القدس تماما وتنفيذ صفقة القرن التي اقترحها الرئيس السابق دونالد ترامب.
وببساطة عوض أن تكون طوفان الأقصى خطوة في الإتجاه الصحيح، وتساعد على دفع الطرفين إلى مفاوضات واسعة وتبني حل الدولتين، يبدو حاليا أنها تأخذنا إلى انهاء القضية الفلسطينية تماما.
تعد غزة المعرقلة الأكبر أمام إسرائيل في بسط نفوذها هناك، لذا فإن فتح ممر إلى مصر للفلسطينيين وتأمينه، بالتوازي مع الحرب العنيفة على القطاع قد ينهي الوجود الفلسطيني في القطاع.
ما يمكن أن يمنع كل هذا هو اختراق ديبلوماسي من الدول العربية والإقليمية أو انتصار الحركات المسلحة والمقاومة في غزة على إسرائيل وحينها سيكون هناك حديث آخر.
حاليا كل ما تتجه إليه الأمور هي الأسوأ لهذا القطاع وللشعب الفلسطيني الذي سيخسر قطاع غزة بسبب مغامرة عسكرية غير محسوبة وتأتي في ظرفية إقليمية تشهد انفراجا سياسيا والبحث عن الحلول للقضايا والصراعات المعقدة في المنطقة.
إقرأ أيضا:
هل إسرائيل دولة مشروعة أم كيان غاصب؟
انهيار الشيكل الإسرائيلي: إسرائيل تنفق 30 مليار دولار لمنع ذلك
من طوفان الأقصى إلى السلام بين إسرائيل وفلسطين
العلمانية هي الحل لصراع فلسطين وإسرائيل
طوفان الأقصى: ضربة إيرانية لجهود السعودية والإمارات
خرافة عودة المسيح وقدوم عيسى في الصراع الفلسطيني الإسرائيلي
أهداف الولايات المتحدة من مشروع الممر الإقتصادي الجديد
شعب غزة يؤيد التطبيع مع إسرائيل بعد المملكة العربية السعودية
تفاصيل مفاوضات التطبيع بين السعودية وإسرائيل المسربة
أهمية اعتراف دولة إسرائيل بمغربية الصحراء وتأثيره الدولي