دعا الكاهن الهندوسي ياتي ساراسواتي إلى غزو مكة المكرمة، والاستيلاء على الكعبة التي يقول أنها أقيمت على أنقاض معبد هندوسي.
تعد هذه الدعوة المتطرفة جريئة، وبينما استقبلها الرأي العام الإسلامي حتى الآن بالسخرية والضحك والإستهانة، لا أنصح كثيرا بذلك.
يستهين العرب والمسلمون على حد سواء بخطورة القوى الصاعدة في الشرق، ونتحدث عن الصين والهند، حيث يعتقدون أن الولايات المتحدة والغرب أكثر شرا ودموية ورغبة في سحق العرب والمسلمين وشعوب المنطقة.
والحقيقة أن كل من الصين والهند لديهما أطماع استعمارية، قد لا تكون واضحة حاليا، لكن المتابع للصراعات الحدودية في آسيا يعرف ذلك جيدا.
وبينما يتفق معظم العرب حاليا على أن الصين هي المستقبل، يبدو لي أن الهند هي صاحبة المستقبل الأعظم، إذ ان بكين تواجه تراجعا في عدد السكان وقلة عدد المواليد وفقاعة ديون أكبر وكل العقبات التي أدت إلى فشل اليابان من قبل في تجاوز الولايات المتحدة.
سنحتاج إلى المزيد من السنوات قبل أن يتأكد العرب أن الصين مجرد فقاعة وقد انفجرت، وهي محاصرة حرفيا من قبل خصوم كثيرون وعلى رأسهم الهند واليابان وفيتنام وتايوان وكوريا الجنوبية وأستراليا وهؤلاء كلهم يفضلون نيودلهي الديمقراطية على بكين الشيوعية الإستبدادية.
المنافسة الصينية الهندية وتصاعد التوتر بينهما على الحدود قد يؤدي إلى حرب كبيرة مثل حرب 1962، وهذه المرة قد تنتصر فيها الهند.
لكن الصراع بينهما يتجاوز الحدود، حيث يحدث هنا في الشرق الأوسط، تمكنت بكين من جمع ايران والسعودية في اتفاق صلح، بينما نيودلهي لديها شراكة استراتيجية مع الإمارات التي تفكر في التعامل بالروبية في تجارة النفاط، ولديها شريك آخر وهي إسرائيل، إضافة إلى أنها تتقرب من مصر والسعودية وأحد أكبر ملفات التعاون المهمة لها هي مكافحة إرهاب الجماعات الإسلامية.
تدافع الهند أيضا عن حقوق الهندوس في المنطقة، ولديهم حاليا أكبر معبد في المنطقة بالإمارات، والجالية الهندية هي من أكبر الجنسيات وأكثرهم انتشارا في الخليج العربي.
احدى تنبؤات النبي محمد في كتب السنة، هي عودة عبادة الأصنام إلى مكة وأرض جزيرة العرب، في صحيح مسلم عن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: لا يذهب الليل والنهار حتى تعبد اللات والعزى، فقلت يا رسول الله إن كنت لأظن حين أنزل الله هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالهُدَى وَدِينِ الحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ المُشْرِكُونَ، أن ذلك تام، قال إنه سيكون من ذلك ما شاء الله، ثم يبعث الله ريحا طيبة فتوفي كل من في قلبه مثقال حبة من خردل من إيمان فيبقى من لا خير فيه فيرجعون إلى دين آبائهم..
وهناك أيضا حديث آخر وهو: “لا تقوم الساعة حتى تلحق قبائل من أمتي بالمشركين وحتى تعبد قبائل من أمتى الأوثان” رواه أحمد والحاكم وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.
لم يتحدث النبي عن التفاصيل والأسباب التي ستؤدي إلى العودة نحو عبادة الأصنام بعد أن كان التوحيد هو الدين الأساسي والمنتشر في جزيرة العرب وما حولها.
لكن إذا أصبحت الهند قوة عظمى واستطاعت أن تفرض نفسها مستقبلا، قد تتوسع خارجيا وستكون منطقة الخليج العربي من المناطق التي ستتوسع إليها عسكريا وثقافيا ودينيا حينها سيكون منطقيا أن تعود عبادة الأصنام إلى مكة ويواجه المسلمون عصرا جديدا من الضعف والقمع لم يروا له مثيلا.
وبينما كان الغرب في مرحلة من مراحله استعماريا ويفصل الغزو العسكري ثم تخلى عن ذلك لصالح لعبة الاقتصاد والتنافس الثقافي والسياسي، فإن القوى الشرقية مثل روسيا والصين والهند لم تتعلم ذلك وما أن يشعر أحدهم بالتفوق العسكري حتى يقدم على مغامرة عسكرية وفرض أجندته بالقوة.
حتى الآن تلتزم الصين والهند بلعب دور القوة الناعمة بينما تسرعت روسيا الأصغر منهما اقتصاديا وسقطت في فخ أوكرانيا، لكن يوما ما ستنجر فيه القوتين الناعمتين إلى الحروب العسكرية.
تكشف لنا دعوة الكاهن الهندوسي ياتي ساراسواتي إلى غزو مكة بأن المعتقدات الدينية المتطرفة لا تزال هي من أكبر أسباب الحروب العسكرية، لهذا السبب يسعى العقلاء إلى دعم التسوية الشاملة ومشاريع مثل الديانة الإبراهيمية لنزع التطرف وتجنيب المنطقة حروبا جديدة.
إقرأ أيضا:
مشروع ممر الهند بمشاركة إسرائيل وايران والعرب وروسيا برعاية أمريكية
تحالف الإمارات والهند وإسرائيل برعاية أمريكية
اندلاع الحرب بين الصين والهند مسألة وقت فحسب
عزلة روسيا في قمة العشرين برعاية الصين والهند
الهند والدول العربية: شراكة اقتصادية ضد الإسلام السياسي
صراع الهندوس والمسلمين مفتاح جحيم الحرب الأهلية في الهند