
كان تدخل روسيا في الحرب الأهلية السورية ناجحا، حيث منع صعود المعارضة التي ستقبل بمشروع الغاز القطري التركي البديل للغاز الروسي في أوروبا.
إن الحرب الدائرة في سوريا منذ 13 عاما ليست جديدة على كثيرين، فقد مزقت البلاد في ظل تنافس الديكتاتور بشار الأسد على البقاء في السلطة في مواجهة قوات متمردة متعددة، ووفرت معقلا لتوسع تنظيم الدولة الإسلامية، ومع ذلك، فقد تم القضاء عليه في نهاية المطاف إلى حد كبير.
الآن فقط، بعد أيام من استيلاء المتمردين على حلب في هجوم خاطف جديد بدعم من تركيا، بدأت روسيا أي نوع من الرد لدعم نظام الأسد.
واليوم خسر الجيش السوري حماة أيضا وهي واحدة من أكبر المحافظات والمدن السورية وهي موجودة على الطريق إلى دمشق، الهدف النهائي لتلك الفصائل الإسلامية المسلحة.
لقد احتفظت روسيا بوجود عسكري منذ عام 2015 بناء على طلب الأسد وحكومته، وهو السبب وراء بقائه في السلطة حيث وفرت لجيشه عطاء جويا قويا وفعالا.
قد يكون ما يحدث نقطة تحول في الحرب الأهلية وبداية النهاية للأسد، وهو أيضا علامة على تراجع النفوذ الروسي في سوريا ومناطق أخرى من التدخل في جميع أنحاء الشرق الأوسط وأفريقيا، حيث تعمل روسيا على تعزيز قوتها العسكرية في أوكرانيا في محاولة لتحقيق أكبر قدر ممكن من المكاسب قبل التوصل إلى اتفاق وقف إطلاق النار المحتمل.
الفشل الإستخباراتي الروسي والسوري في توقع هذا الهجوم الكبير من الفصائل المسلحة يكشف عن ضعف كبير، من الصعب على الكثيرين تصديقه لدرجة أنه يقال ان هناك صفقة أو مؤامرة من الروس أنفسهم للتخلي عن الأسد.
إن ما يحدث في سوريا من تقدم المعارضة المسلحة والتي تقودها جبهة تحرير الشام الإرهابية، يعد ضربة للأسد وحلفائه الأساسيين وهم روسيا وإيران وحزب الله.
بالنسبة لروسيا من المؤكد أنها خسرت مكاسب الحرب الأهلية السورية في الحرب الأوكرانية، حيث لجأ الإتحاد الأوروبي إلى التخلي عن الوقود الأحفوري الروسي والبحث عن بدائل وتسريع التحول إلى الطاقة المتجددة.
انخفضت حصة الغاز الروسي المنقول عبر خطوط الأنابيب في واردات الإتحاد الأوروبي من أكثر من 40% في عام 2021 إلى حوالي 8% في عام 2023.
وبالنسبة للغاز المنقول عبر خطوط الأنابيب والغاز الطبيعي المسال مجتمعين، شكلت روسيا أقل من 15% من إجمالي واردات الغاز في الإتحاد الأوروبي.
وكان الانخفاض ممكنًا بشكل أساسي بفضل الزيادة الحادة في واردات الغاز الطبيعي المسال والانخفاض العام في استهلاك الغاز في الإتحاد الأوروبي.
وتعد السوق الأوروبية المصدر الأساسي للعملة الصعبة إلى روسيا، ولم تتمكن روسيا من تعويضها حتى الآن لا بزيادة صادراتها إلى الصين والهند وتركيا ومن الصعب ذلك.
تشتري الصين الغاز والنفط من دول مختلفة بما فيها دول الخليج العربي التي أصبحت السوق الصينية مهمة لها، ولا يمكن أن تعتمد بكين على مورد وحيد وتخسر شركائها التجاريين حول العالم كي لا تخسر روسيا.
والآن ما هي فائدة النصر في سوريا بالنسبة لروسيا؟ دولة تتواجد فيها القواعد العسكرية الروسية على البحر الأبيض المتوسط هذه هي الفائدة المتبقية.
وفي حال سقوط بشار الأسد والنظام السوري القائم ستعمل السلطة القادمة على طرد الروس من سوريا، وستخسر موسكو قواعدها العسكرية في المنطقة.
إنها لحظة مهمة لموسكو التي تصارع البقاء بعد خطيئة الهجوم على أوكرانيا والتي أصبحت مأزقا للروس لا يختلف عن المأزق في أفغانستان للاتحاد السوفيتي.
إذا تمكنت تلك الفصائل المسلحة من اسقاط بشار الأسد والنظام السوري لن تجد روسيا موطئ قدم لها في الشرق الأوسط الذي يعد مهما لها من الناحية الإستراتيجية.