يتزايد الفرق بين سعر صرف الدينار الجزائري مقابل الدولار واليورو في السوق الرسمية والسوق السوداء وهو ما يقلق المواطنين والمقيمين على حد سواء.
وصل سعر صرف اليورو مقابل الدينار الجزائري في السوق السوداء بالجزائر العاصمة إلى 221 دينارا جزائريا للبيع و 223 دينارا جزائريا للشراء، فيما وصل الدولار الأمريكي إلى 204 دينارا للبيع و 202 دينارا جزائريا للشراء.
وفي هذا المقال سنجيب عن سؤال مهم ألا وهو ماذا يعني انهيار الدينار الجزائري في السوق السوداء؟
مشكلة طباعة الدينار الجزائري هي الأساس
يحدث انهيار العملة بشكل متسارع وتزايد الفرق بين السوق الرسمية والسوداء عادة في البلدان التي تعاني من شح العملة الصعبة أو أن السياسة النقدية فيها متورطة بممارسات مشبوهة مثل الطباعة المفرطة، وهو ما رأيناه في سوريا ولبنان والسودان.
في عام 2018 طبعت الجزائر 4 تريليون دينار (نحو 36 مليار دولار) في ذلك الوقت، من أجل سد عجز الخزينة العامة وتسديد الدين الداخلي واتبعت الجزائر هذه السياسة لتفادي الإستدانة من الخارج.
وتعد سياسة التمويل غير التقليدي خطيرة وعادة ما تلجأ إليها الدول المحاصرة اقتصاديا والتي تعاني ماليا مثل فنزويلا ولبنان وسوريا والسودان وايران، ورغم أن الجزائر ليست من الدول المحاصرة إلا أنها سياستها محافظتها وهي ترفض اعتماد اقتصاد السوق وتتفادى سوق الديون العالمية.
توقفت الجزائر عن طباعة الدينار منذ 2021 كما تقول أوساط رسمية، لكنها لم تشدد السياسة النقدية من أجل تقليص المعروض النقدي وتعد الفائدة منخفضة مقارنة مع دول الخليج العربي التي تعتمد اقتصاداتها على انتاج النفط والغاز، وهو ما يعني أن هناك مشاكل في السياسة النقدية للبلاد.
العملة الجزائرية في انهيار مستمر
في مثل هذه الدول سعر صرف العملة في السوق السوداء عادة ما يعبر عن الواقع، وهو سعر موازي يتعامل به التجار لأنهم يعرفون أن السعر الرسمي غير عادل ومجرد أرقام تحددها الحكومة التي تحاول أن تغطي الشمس بالغربال.
للقضاء على السوق السوداء سيكون على الجزائر التعويم الكامل لعملتها وإصلاح النظام النقدي واعتماد الشفافية والإبتعاد عن سياسة التمويل الغير التقليدي التي اتبعتها ايران وسوريا وفنزويلا ودول أخرى اتضح جليا للجميع أنها سياسة فاشلة.
سيكون على البنك المركزي الجزائري في الأشهر القادمة خفض سعر صرف الدينار مرة أخرى من أجل تقليل الفرق بين السعرين الرسمي وغير الرسمي
تجاوزت احتياطيات الجزائر من النقد الأجنبي 60 مليار دولار مع نهاية 2022، مقابل 54.6 مليار دولار عام 2021، وقد تعافت مع ارتفاع قيمة صادرات النفط والغاز في العامين الماضيين.
تغطي هذه الإحتياطيات حاجيات البلاد لاستيراد السلع والخدمات لمدة عامين ونصف، لكن الرقم لا يزال قليلا مقارنة مع الذروة الأكبر عام 2014 عندما وصلت إلى 294 مليار دولار، قبل أن تستنزف في أزمة النفط التي استمرت 6 سنوات وكان أخطرها الإنهيار الكبير عام 2020.
ورغم هذا التعافي وهذه المؤشرات الإيجابية ضربت مشكلة طباعة الدينار الجزائري ثقة السوق بالعملة الجزائرية وتراهن على المزيد من الخفض لها.
تراجع القدرة الشرائية رغم رفع الأجور
أكد النائب عن كتلة الأحرار هشام بوشمال أن “الحكومة فشلت في تسيير ملف القدرة الشرائية للمواطنين الجزائريين، وركّزت جل اهتمامها على الاقتصاد من الجانب التقني والاستثمارات وتناست كل ما يتعلق بالمواطن وظروفه المعيشية، وهذا أمر غير مقبول، فالقدرة الشرائية للمواطن هي معيار لنجاح أي اقتصاد وأي حكومة ولا يمكن أن نعتبر أن الحكومة نجحت في امتحان بعث وتنشيط الاقتصاد ونجد أن قدرة المواطنين الشرائية تترنح وهي قاب قوسين أو أدنى من الانهيار”.
ويضيف: “الحكومة خلال تقديم مخطط عملها في شهر سبتمبر من السنة الماضية وعدت بجعل المواطن في قلب عملها ومحور اهتمامها، إلا أن واقع العيش يؤكد عكس ما قالته الحكومة ووعدت به، لذلك من الصعب علينا اليوم كنواب للشعب أن نعطي للحكومة صكاً على بياض لمواصلة مخطط عملها الخماسي”.
ورغم اعلان الحكومة عن إجراءات رفع الرواتب وكذلك توفير مساعدات مالية للعاطلين عن العمل، إلا أنه في الواقع لا يمكن حل المشكلة بهذه الطريقة، إذ يزيد هذا من المعروض النقدي ويجعل العملة المحلية أضعف، ويجب أن يكون الإصلاح على مستوى السياسة النقدية.
بينما ترفع البنوك المركزية حول العالم سعر الفائدة للقضاء على التضخم، تعد زيادة الأجور وتقديم المساعدات المالية إجراءات غير مقبولة حاليا وهي ستزيد من التضخم، ونتيجة هذه السياسة هي انهيار سعر صرف العملة المحلية وقوتها الشرائية.
إقرأ أيضا:
كيف تحمي أموالك من انهيار الدينار الجزائري؟
انهيار الدينار الجزائري سيستمر حتى 2023 على الأقل
أعظم انجاز حققه الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون
أين تذهب أموال الغاز والنفط الجزائري؟ الجواب في قانون المالية 2023
كيف ستدمر العقوبات الأمريكية الجزائر وما مصير الدينار؟
خطر افلاس الشركة الجزائرية لتوزيع الكهرباء والغاز SADEG
كيف يستنزف الجيش الجزائري اقتصاد الجزائر ويدمره؟