دائما ما يفتخر المغرب كغيره من دول شمال أفريقيا بالأطلال والمباني التي يعود تاريخها إلى قرون خلت، بل إن البناء بالطريقة الحديثة ممنوع في عدد من القرى حفاظا على المنظر التراثي الذي يجلب السياح.
ثم جاء الزلزال الذي ضرب نواحي مراكش ووسط المغرب وشعر به غالبية سكان المملكة، ليهدم آلاف المنازل والمباني ومعظمها قديمة وعاش فيها جيل بعد جيل ورفض أصحابها هدمها وإعادة بناء مباني جديدة مكانها.
وتعد السياحة من أهم القطاعات في المملكة، وبينما يفتخر المصريين بالأهرامات ومباني الفراعنة، فإن المغاربة يفتخرون بالكثير من المباني والمآثر القديمة وحتى تلك القرى الجبلية التي تستهوي عادة قلوب السياح الأجانب.
بالطبع هي منازل مميزة في حقيقتها حيث تبدو دافئة في الشتاء وباردة صيفا، وهي مبنية بالتراب والطوب والخشب، لكن عدد معظمها مر عن انشائها قرون عديدة.
بعض تلك القرى يعود تاريخ إنشاءها إلى أكثر من 500 عاما، وبالطبع عاش فيها على الأقل 5 أجيال، حيث يتوارث الأبناء والأحفاد ما بناه الآباء الأوائل.
ويرفض هؤلاء هدم تلك المنازل وبناء شيء جديد وقوي مكانها، بدعوى الحفاظ على ارث الأجداد، كما علمنا أن السلطات في بعض الأقاليم مثل الصويرة تمنع فعلا البناء بالمواد الحديثة للحفاظ على رونق تلك المناطق وأصالتها.
في النهاية الثمن كان فادحا للغاية، حيث ضاع جزء كبير من التراث والأهم حوالي 3000 قتيل، وتلك مجزرة كبيرة بالنظر إلى أن مثل هذا الزلزال تتعرض له دول مثل اندونيسيا مثلا ولا يحدث فيها هذه الكارثة.
والفرق واضح، تلك الدول تعودت على الزلازل وتبني منازل مقاومة للزلازل، وهي تعيش حاضرها وتركز على مستقبلها، ولا تتباكى على الأطلال والتراث المادي.
اصلاح المنازل القديمة قد لا يكون حلا ناجحا، لأنه في النهاية مع حدوث زلزال جديد بنفس القوة ستتعرض للأضرار وقد تسقط على أصحابها.
تشتهر المدن المغربية بوجود المدينة القديمة التي تعكس طابعها العريق والتراثي. تشمل مثل هذه المدن مراكش، وفاس، ومدينة الدار البيضاء، وطنجة، وميدلت، ومدن أخرى.
تتميز هذه المدن بأزقتها الضيقة والمتاهة، والساحات التاريخية، والأسواق التقليدية (السوق المغربي) التي تعرض الحرف اليدوية والتحف والمنتجات المحلية.
يوجد العديد من القصور والقلاع التاريخية في المغرب، مثل قصر البديع في مراكش وقصر الباهية في فاس وقصر محمد الخامس في الرباط. وتعتبر قلاع مكناس وتازة والقصبة في الصويرة من بين القلاع الشهيرة التي تعكس تاريخ المغرب الحربي والدفاعي.
ويُعتبر القصب المغربي (المنزل التقليدي المبني من القصب والطين) جزءًا مهمًا من التراث المعماري في المغرب، يمكن العثور على القصبات في المناطق الريفية والمدينة القديمة في العديد من المدن المغربية.
وللأسف فإن كل هذا التراث المادي الذي يفتخر به المغرب معرض للخطر والأهم أن سقوطه وانهياره في الزلازل قد يعرض آلاف الأرواح للخطر.
من الممكن أن تجمع المملكة الأصالة والمعاصرة في البناء، وفي ذات الوقت تمول سنويا هدم المنازل القديمة وإعادة بناء منازل أفضل مكانها للساكنة.
استصلاح العديد من المآثر القديمة هي من البرامج الحكومية الموجودة فعلا والتي يتم تنفيذها، لكن تلك المباني يمكن للزلزال القوي أن يهدمها.
في النهاية البشر أهم من الأطلال والتراث المادي ويمكن للمملكة تطوير سياحتها مع تحديث شامل لتلك القرى التي تنتشر بها المباني القديمة والتي يمكن أن تتعرض للإنهيار بشكل كامل عند حدوث زلزال معين.
لا ينبغي أن ننسى أن المملكة كغيرها من الدول هي معرضة بالفعل للأعاصير والإضطرابات المناخية الخطيرة، وتلك المنازل القديمة والقرى في الأطلس لن تحتمل التحديات القادمة في السنوات القادمة، وهو ما يجعلنا ندق جرس الخطر قبل فوات الأوان.
إقرأ أيضا:
هل زلزال المغرب واعصار ليبيا مؤامرة ضد شمال أفريقيا؟
المنازل المقاومة للزلازل هي الحل وليس الدعاء لله
توقعات روسية: زلازل كثيرة وأكبر بعد زلزال تركيا 2023
هل تحديد موعد الزلزال القادم في أي مكان بدقة ممكن؟
ما الذي يمكن أن تفعله لتجعل بيتك أكثر أمنًا ضد الزلازل؟
كيف تحدث الزلازل وأسباب الهزة الأرضية المتكررة
عدد الزلازل سنويا وعدد القتلى كل عام وحقائق مهمة
لماذا زلزال تركيا اليوم لن يكون الأخير ودمار اسطنبول قادم؟