منذ انتقال المغرب إلى نظام التعاقد مع الأساتذة والمعلمين عام 2016 في مسعى منه للتخلص من هدر المليارات في الوظيفة العمومية الفاشلة، وافق آلاف الأساتذة على هذا النظام الجديد ورغم توقيعهم على ذلك، يرفضون العمل من خلال الإضرابات.
المشكلة مستمرة إلى يومنا هذا، كل عام يتم توظيف مئات الأساتذة والمعلمين الجدد بنظام التعاقد، وما أن يحصلوا على الوظيفة حتى يكون أول شيء يفعلونه هو الإضراب عن العمل لأنهم يريدون العودة إلى نظام التوظيف القديم.
من يفهم أبسط أدبيات القانون، يعرف جيدا أن هؤلاء يخترقون البنود التي وقعوا عليها، لقد وافقوا بكامل ارادتهم على توظيفهم ضمن نظام التعاقد، ثم بعد ذلك يرفضونه في الشوارع والإحتجاجات وعلى فيسبوك والشبكات الاجتماعية.
يبين لنا هذا قلة الوعي الموجودة لدى فئة من المفترض أن تربي الأجيال وتبني جيلا أفضل في الفهم والوعي والمواطنة، لكنهم اما أنهم يجهلون القانون أو انهم مرتاحون مع الإضرابات والتهرب من العمل مع الحصول على الرواتب كاملة في آخر الشهر.
وعلى ما يبدو فإن وزارة التعليم والحكومة قد قررت اقتطاع الرواتب لكل هؤلاء الذين شاركوا في الإضرابات الأخيرة، وكانت الاقتطاعات مهمة ومؤلمة.
وبينما يكفل القانون المغربي حق الإضراب والدفاع عن الحقوق المهنية والوظيفية، إلا أنه في هذه الحالة دفاع عن باطل وتزيين تضييع حقوق الطلبة والتلاميذ والإستهتار بهم.
لدى فئة كبيرة من المغاربة والشعوب عموما وخصوصا الفئات الكسولة قناعة بأن الوظيفة العمومية أفضل، لأنها تضمن لهم الرواتب كل شهر والهروب من المحاسبة والأهم من ذلك التغيب كثيرا عن العمل بدون أن يكون لذلك أي تداعيات سلبية على الأستاذ أو المعلم.
وهذا هو العيب الأساسي للقطاع العام والسبب في توجه الدول إلى التخلص منه وابقائه على القطاعات الحيوية مثل الأمن والجيش.
قليلا ما يمكن أن تصادف أستاذ في القطاع العام يأخذ وظيفته على محمل الجد، لكن القاعدة العامة تستهتر وتنتظر الإضرابات للمشاركة فيها، ولا تتعامل بشكل جاد مع التعليم والتربية.
وبناء على ما سبق يبدو الإقتطاع من رواتب الأساتذة المتعاقدين في المغرب قانوني بالنسبة لي، وأعتقد ان الحكومة محقة في معاقبة هؤلاء المتمردين على الاتفاق الذي وقعوا عليهم بأيديهم بالإقتطاع من رواتبهم، ولديها ورقة أخرى صارمة وهي فسخ التعاقد معهم لانتهاكهم الإتفاق.
يجب أن يعرف الأساتذة المتعاقدين اليوم أنهم ليسوا في القطاع العام التقليدي، هم مثل الموظفين في القطاع الخاص، يحصلون على رواتبهم بسبب جهودهم والعمل والقيمة التي يقدمونها وليس مجانا.
لا مجال لمزيد من الخطابات اليسارية والقومية الفارغة التي تجرم الخصخصة ونظام التعاقد وتخون الحكومة والقطاع الخاص، من مصلحة المملكة نظام التعاقد وهو أيضا جيد للأساتذة.
لا توجد ضمانات ولن تكون هناك ضمانة لأي أحد بالبقاء في منصب معين أو وظيفة معينة ما لم يثقنها ويحترفها وينتج ويزيد من جودة عمله، هذه هي القاعدة في القطاع الخاص والعمل الحر ويجب أن تكون القاعدة التي تحكم نظام التعاقد أيضا لزيادة جودة التعليم وتقليل الهدر المالي.
ولا مجال للمقارنة مع الأساتذة القدامى الذين يعملون بالنظام القديم، هؤلاء يوشك زمانهم على الإنتهاء، قريبا سيصبحون خارج الخدمة، ويصبح المتعاقدون هم أساس النظام التعليمي الجديد.
منذ 2016 وهناك حالة جدل حول ملف المتعاقدين وهو ضمن مخطط استراتيجي للمغرب تعمل عليه المملكة، ما يجعله من خيارات الدولة للحاضر والمستقبل.
لذا فإن الإضرابات والاحتجاجات مضيعة للوقت، ومن حق الحكومة فصل كل الأساتذة والمعلمين الذين يرفضون ما وقعوا عليه وليس فقط الإقتطاع من رواتبهم، وعليه حان وقت الحسم.
إقرأ أيضا:
ميناء الناظور غرب المتوسط مفتاح ازدهار الجهة الشرقية بالمغرب
ما هي الخصخصة والقطاع الخاص؟ مميزاتها وعيوبها
حظر المتاجرة بالدين وفلسطين ومأزق العدالة والتنمية المغربي
هل يتجه العالم إلى الهاوية أم أننا نعيش ثورة أزمات التغيير؟