وفقًا لتقرير صادر عن غولدمان ساكس، يمكن للذكاء الإصطناعي أن يحل محل ما يقرب من 300 مليون وظيفة بدوام كامل في جميع أنحاء العالم، وهو ما يعادل حوالي 9.1٪ من جميع الوظائف على مستوى العالم.
يسلط هذا الرقم الضوء على إمكانات الذكاء الإصطناعي في أتمتة مهام مختلفة عبر قطاعات متعددة، وخاصة في الأدوار المعرضة للأتمتة مثل الكتابة وخدمة العملاء وإدخال البيانات.
في ظل هذه التطورات من الممكن أن تلجأ الحكومات بالتعاون مع القطاع الخاص بإصدار راتب 1000 دولار شهريا بدون شروط أو مقابل للمواطنين.
ثورة الذكاء الإصطناعي في الوظائف
لكن هذه ليست سوى مجرد البداية، حيث تطمح خدمات للذكاء الإصطناعي لتقوم بالمهام المعقدة وحتى الإبداعية وهذا سيجل الموظفين والعمال أمام تحدي كبير للتفوق على الآلة.
الشركات والمؤسسات تبحث عن الأرباح، والذكاء الإصطناعي يمكنه أن يأخذ مكان الصحفيين والكتاب والمحاسبين والمهندسين وحتى المبرمجين والمصممين ومنتجي الفيديوهات، وبالتالي المؤسسات الإعلامية والشركات ستسرح الكثير من الموظفين وتبقي على عدد قليل يحترف استخدام الأدوات.
في ظل هذا الواقع سترتفع البطالة عالميا على ما يبدو، ولن تستطيع سوق الخدمات المصغرة هي الأخرى استيعاب أصحاب الخدمات المصغرة ولن يحصل الجميع على ما يكفي من الطلبات لتسديد فواتيره والعيش حياة كريمة.
وبالنظر إلى المستقبل، يتوقع معهد ماكينزي العالمي أنه بحلول عام 2030، قد يحتاج 14% من القوى العاملة العالمية، أو حوالي 375 مليون عامل، إلى تغيير مساراتهم المهنية بسبب التقدم في مجال الذكاء الاصطناعي والأتمتة.
اعتبارًا من مايو 2023، كان هناك 3900 خسارة للوظائف في الولايات المتحدة تُعزى مباشرة إلى الذكاء الاصطناعي، وهو ما يمثل 5% من إجمالي خسائر الوظائف في ذلك الشهر.
كيف نصل إلى الدخل الأساسي الشامل؟
في حين كانت عمليات استبدال الوظائف هذه صغيرة نسبيًا حتى الآن، فإن الاختراقات في مجال الذكاء الاصطناعي والروبوتات ستجعل ملايين الوظائف قديمة الطراز.
ستؤدي هذه الاختراقات التكنولوجية الأحدث إلى إزالة قدر هائل من الوظائف من القوى العاملة، لقد رأينا بالفعل إدخال البيانات والمبرمجين والمحللين والكتاب والفنانين والمصممين الجرافيكيين ومقدمي الخدمات ومحترفي الإعلان يفقدون وظائفهم بسبب الذكاء الاصطناعي.
ستزداد هذه الأرقام فقط مع إدراك الشركات لمدى قدرة الذكاء الاصطناعي وقوى العمل الروبوتية على زيادة الكفاءة وخفض التكاليف.
على عكس التحسينات التكنولوجية في الماضي التي خلقت فرص عمل ومهن جديدة (على سبيل المثال، المصانع والسيارات والإنترنت)، فإن الذكاء الاصطناعي والروبوتات ستحل محل العمال بشكل دائم.
دعونا نأخذ المركبات ذاتية القيادة كمثال. بمجرد أن تصبح المركبات ذاتية القيادة الآلية بالكامل شائعة، فلن يكون لدى كل سائق شاحنة تقريبًا وظيفة.
يمكن القضاء على سائقي أوبر وليفت بين عشية وضحاها، سيصبح ملايين الأشخاص عاطلين عن العمل، ولن يتمكنوا من اكتساب مهارات فورية للعثور على عمل جديد، سيتم إزالة هذه الوظائف بشكل دائم من الإقتصاد.
وسوف يحدث هذا في مختلف قطاعات الاقتصاد وفي مختلف الصناعات، ولن يقتصر الأمر على خسارة النوادل أو سائقي الشاحنات أو المصرفيين لوظائفهم.
ولنتخيل أن الذكاء الاصطناعي يكتب الوصايا والوثائق الائتمانية، فيحل محل الحاجة إلى آلاف المحامين الذين يتقاضون أجورا مرتفعة.
والمحاسبون هدف سهل للذكاء الاصطناعي والروبوتات التي قد تحل محلهم، وكل منصب تقريبا خارج منصب الرئيس التنفيذي وفريقه التنفيذي معرض للخطر.
كيف سيتم اصدار راتب شهريا لكل شخص؟
في البداية، ستوفر الحكومة تمويل الدخل الأساسي العالمي، ثم سيدرك الجميع بشكل جماعي أن فوائد الذكاء الاصطناعي والروبوتات هذه تفيد في المقام الأول شركات التكنولوجيا ومساهميها الأثرياء.
سيتعرف الناخبون على السياسيين الذين اشترتهم شركات التكنولوجيا وينتخبون شخصًا على وعد بأن شركات التكنولوجيا ستمول الدخل الأساسي العالمي.
بعد تلقي جزء كبير من تمويل الدخل الأساسي العالمي من شركات التكنولوجيا، ستبدأ الحكومة في فرض رسوم على الشركات الأخرى التي تستفيد من قوة عاملة غير بشرية، في النهاية، سيأتي معظم التمويل من مزيج من خلق المال والضرائب على الشركات.
ستقدم الحكومة عملة رقمية للبنك المركزي، وسيكون أحد متطلبات الحصول على مدفوعات الدخل الأساسي العالمي هو تبنيها.
سيتم تقسيم العملة الرقمية للبنك المركزي إلى فئتين العملة الرقمية للبنك المركزي الأساسية، والتي لا يمكن استخدامها إلا لعناصر محددة، والعملة الرقمية للبنك المركزي المتغيرة، والتي يمكن استخدامها لأي عنصر.
إن توفير العملة الرقمية الأساسية للبنك المركزي هو وسيلة سهلة لتحويل الجماهير من فوضى العملة الورقية الحالية إلى عملة رقمية بالكامل حيث تتمتع الحكومة بالسيطرة الكاملة والرؤية لما يحدث.
إن جانب العملة الرقمية الأساسية للبنك المركزي المكون من مستويين سيضمن أن أموال الدخل الأساسي العالمي لن تشتري الأدوية، أو تقوم برحلات باهظة الثمن، أو تشتري الكثير بما يتجاوز الاحتياجات الأساسية للحياة بما فيها المأوى، والطعام، وخدمة الإنترنت، والرعاية الصحية الأساسية، والهاتف المحمول.
كما سيضمن أن تدفع الشركات حصتها من تمويل الدخل الأساسي للبنك المركزي الرقمي، حيث سترى الحكومة كل تكلفة وربح تحققه كل شركة.
راتب 1000 دولار شهريا بدون مقابل
يمكن للحكومات خصوصا في أمريكا الشمالية والإتحاد الأوروبي أن تقدم راتبا لكل المواطنين والمقيمين المتضررين من الذكاء الإصطناعي.
الراتب المتوقع وحسب العديد من الدراسات المختلفة لن يقل عن 1000 دولار في الدول المتقدمة ويمكن أن يصل إلى مبلغ أكبر كلما ازداد تأثير الذكاء الإصطناعي.
بالنسبة للدول النامية والناشئة من المنتظر أن تتضرر أكثر وتتأخر في تبني هذا النظام، وهي التي تعتمد أكثر على المناجم والصناعات التقليدية والفلاحة والسياحة.
بدلا من ذلك سيركز الناس على استثمار دخلهم في الأسهم وشركات الذكاء الإصطناعي وكسب المزيد من المال من منصات البث وانشاء المحتوى على الإنترنت وتقديم الخدمات المصغرة.
إن توفير راتب بقيمة 2000 دولار شهريًا لكل شخص بالغ في الولايات المتحدة سيكلف ما يقدر بنحو 2.275 تريليون دولار سنويًا.
جمعت الحكومة الفيدرالية الأمريكية ما يقرب من 5.03 تريليون دولار من إجمالي الإيرادات من خلال الضرائب، ويمكن للدولة الأمريكية أن تحقق 10 تريليون دولار فما أعلى خلال السنوات القادمة مع زيادة الضرائب على الأثرياء واطلاق نظام الدخل الشامل.
إقرأ أيضا:
ما هو نظام الدخل الأساسي الشامل (UBI يو بي آي)؟
فوائد ومميزات نظام الدخل الأساسي الشامل (UBI يو بي آي)
هل يتجه العالم إلى الهاوية أم أننا نعيش ثورة أزمات التغيير؟
دور سوق العمل والروبوتات في أزمة الذكورة
أسباب التضخم في الدول النامية العربية مثل مصر